الرأي

ملايين الطلبة.. والثورة الرابعة!

محمد سليم قلالة
  • 1205
  • 6

بحق، أعدادُ التلاميذ والطَّلبة في بلادنا يتزايد يوما يعد يوم. ملايين في المدارس والثانويات وقريبا الملايين في الجامعات! بحق هو عددٌ هائل يُمكِنه أن يُصبِح أغلى ثروة نفتخر بها على مدى قرون من الزمن.. عددٌ هائل يُمكن أن تنبثق عنه في أي لحظة نوعية من الكفاءات نستطيع من خلالها أن نَجِدَ لنا مكانة بين الأمم في عالم الثورة الصناعية الرابعة Industrie 4.0 التي باتت تلوح في الأفق بعد الأولى والثانية اللتين جانَبْنَاهُما وقد كُنَّا مستعمَرين، والثالثة التي مَنَعَنا سوء التسيير وانعدام الرؤية والانغماس في الشعارات والفرعيات الواهمة من أن نسير خطوة فيها.
بالفعل يُمكِننا أن نُعِدَّ هذا العدد الهائل من أبنائنا للعيش في القرن الحادي والعشرين ونُمكِّنهم من أن يكونوا أبناء هذه الثورة الرابعة، كما يُمكِننا أن نجعل منهم أبناءً مُتناحرين فيما بينهم غير قادرين على تلبية حتى حاجاتهم الأساسية من مأكل ومسكن وملبس. نعم بإمكاننا أن نفعل هذا وذاك بهم، من خلال السياسات الصحيحة أو الخاطئة، التي تبدأ اليوم، وكان يُفترض أن تبدأ منذ بداية استعادة السيادة الوطنية.. فهل فات الأوان؟
بكل تأكيد لم يفت الأوان.. حقا نكون قد أضعنا عقودا من الزمن في تكوين عددٍ هائل من الأبناء، من غير رؤية واضحة ولا أهداف على المستوى البعيد، ولكنه بإمكاننا أن نُعيد بناء هذه الرؤية ابتداء من الغد وتصحيح الاختلالات الكبيرة التي عرفتها، ونُعيد ضبط خياراتنا الاستراتيجية لنضعها ضمن آفاق المدى البعيد، ولِمَ لا آفاق الثورة الصناعية الرابعة!
لقد كان «كلاوس شواب»Klaus Schwab من بين الأوائل الذين شرحوا بالتفصيل خصائص هذه الثورة الرابعة في كتابه الشهير “الثورة الصناعية الرابعة” الصادر سنة 2016.. وقبله ألفين توفلر Toffler الأمريكي الذي نظَّر قبل عقود من الزمن للثورة الثالثة، والعشرات من الباحثين والعلماء الذي ما فتئوا يتحدَّثون عن مستقبل العالم، مُوجِّهين كلامهم لصناع القرار، ليس في بلدانهم فقط إنما لكل قادة العالم، إلا أننا واصلنا على خلاف بعض الشعوب التي كانت مثلنا متخلفة اقتصاديا، ثم تقدّمت (الصين، كوريا، سنغافورة، ماليزيا، تركيا…) صم آذاننا، وفضلنا الغرق في تفاصيل الصراعات الشخصية والعيش على وهم أننا دوما على الطريق الصحيح.. وعلينا اليوم أن نتدارك الأمر، من خلال العمل على تحويل هذا العدد الهائل إلى نوع، أو على الأقل تمكين النوع الغارق ضمن هذا العدد الهائل إلى مواقع القيادة الفعلية في جميع المجالات…
إننا بحق في حاجة إلى هذا، وليس هو بالحلم غير القابل للتحقيق.. ذلك أن الكل يعلم أننا نملك نوعية راقية من التلاميذ والطلبة في جميع المجالات، فلا تتركوها تموت كما التي قبلها، أو تُهاجر إلى غير رجعة بَلدًا مُنِع مَنعا من أن يضع نفسه ضمن آفاق المستقبل البعيد.

مقالات ذات صلة