-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ملحمة شعب

حسين لقرع
  • 3131
  • 8
ملحمة شعب

ما يجري في مصر منذ 3 جويلية الفارط إلى الآن هو ملحمة حقيقية لشعبٍ يتوق إلى تكريس حقه في الحرية والديمقراطية الحقيقية ويرفض عودة الديكتاتورية والطغيان وحكم العسكر تحت أي مسمّى كان.

أطلَقوا عليه الرصاصَ الحي أمام ثكنة الحرس الجمهوري وفي المنصة وارتكبوا بحقّه المذبحة تلو الأخرى لترهيبه وإجباره على التنازل عن حقه في اختيار حاكمه ونوّابه ودستوره والعودة إلى عهد الخنوع للقوة والخضوع للاستبداد والقهر، فصمد وزادته تلك المجازر تحديا وإصرارا على انتزاع حرياته وحقوقه الديمقراطية ودحر الانقلاب وحكم العسكر مهما كانت جسامة التضحيات، ثم داهموا اعتصاميه في ميداني “رابعة” و”النهضة” بالدبابات والمجنزرات والآليات الثقيلة وقتلوا وجرحوا الآلاف بشكل دموي وحشي فاق جرائم الصهاينة في فلسطين، وأحرقوا دون رحمة أو شفقة جثث القتلى، وأجسادَ الجرحى وهم أحياء يُرزقون، لإرهاب هذا الشعب وإجباره على قبول حكم الانقلابيين، فزاده ذلك أيضاً ثباتاً وتشبُّثاً بالشرعية وحوّل كل شوارع الكبرى للمدن المصرية إلى “ميادين مفتوحة” بديلة لـ”رابعة” و”النهضة” ونزل إليها بالملايين يتظاهر فيها ليلاً نهاراً دون أن يكترث بحظر التجوال ولا خطر القتل في أي لحظة.. ثم أدخلوا الطيرانَ ساحة المعركة أصبحت الطائرات العمودية تضرب المتظاهرين بالرصاص الحي والقنابل الحارقة لإرغامهم على الهروب والعودة إلى بيوتهم، فزادهم ذلك ثباتاً وإصراراً على تقديم عشرات الشهداء يومياً، ورفضاً للعودة إلى الوراء.

لقد تابع العالمُ أجمع بذهول كيف وقف ذلك الشاب في مدينة الإسماعيلية بشجاعة أمام آلية عسكرية وتحدّاها بصدره العاري ويديه المفتوحتين وتلقى رصاصة دخلت من بطنه وخرجت من ظهره، وهذا وحده يعني أنه لا الرصاص الحي ولا الغازات السامّة ولا حرق الجثث ولا الطائرات العمودية أصبحت ترهب المتظاهرين، وأن أيام الجيش الفاشي الذي تجرّد تماماً من ضميره وأخلاقه وإنسانيته وأصبح يذبح شعبه بوحشية، قد أصبحت محدودة، فماذا يمكنه أن يفعل أكثر مما فعل؟ هل يقتل عشرات الآلاف؟ مئات الآلاف؟ الملايين؟ وهل يقبل عناصرُه أن يواصلوا إطلاق النار على مواطنيهم بهذا الشكل الدموي المأساوي أسابيع أو أشهراً ليبقى السيسي ووزيرُ الداخلية وفلول مبارك في الحكم دون حق؟

الجيش يريد، من خلال هذه المجازر المهولة والمتكررة، أن يجرّ الإخوان جرا إلى المواجهة المسلحة حتى يسحقهم عسكرياً في معركة غير متكافئة العدّة، وقد تلتحق فعلاً قلة من الشبان المندفعين الميّالين للصدام والعنف بجبهة السلفيين الذين يقاتلون الجيشَ في سيناء، أما أغلبية الإخوان فهم متمسكون بسلمية مظاهراتهم إلى غاية دحر الانقلاب على الطريقة الإيرانية عام 1979؛ فقد واجه الجنودُ الإيرانيون الثورة الشعبية بالرصاص الحي وقتلوا الآلاف من أجل تثبيت حكم الشاه، ولكن ثبات المتظاهرين وإصرارهم على السلمية وتقديم المزيد من التضحيات إلى غاية إسقاط الشاه، دفع الجنود في الأخير إلى إيقاف دوَّامة القتل والانقلاب عليه وإجباره على الهروب من إيران ليعيش في المنفى بقية حياته يتجرع غصّة فقدان نعيم الحكم وتورّطه في قتل آلاف الأبرياء من شعبه.

 

هذا السيناريو هو الأقرب إلى الحدوث في مصر إذا صمد الشعبُ أسابيع أخرى أمام آلة القتل والقمع الجهنمية، ونعتقد أنه سيصمد ويواصل ملحمته الأسطورية، ولن يتحمّل الجنودُ بعد أسابيع قتل عشرات الآلاف من المتظاهرين وسينقلبون على السيسي والفلول حتماً وينهون حكمهم الفاشي ويحيلونهم إلى المحاكمة على جرائمهم ويعيدون الأمور إلى نصابها عبر إعادة الشرعية والوقوف إلى جانب الشعب وحماية إرادته التي لا تُقهر. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • محمود

    نشكر الكاتب على مقاله وجازاك الله خيرا أنت رجل حر تدافع عن الحريات ومقالك كاشف لعرى الأنقلابيين والى الاخ الى من مصر الذى يقول ان المصريين ضد الاخوان اقول له موضوع المقال يا اخى لا يسوق للاخوان بل يتحدث عن عودة مبارك ونظامه وعن المذابح التى ترتكب ضد المسلمين أيا كان تيارهم سواء كانوا اخوان ام لا ، وللاسف مثلك الكثيرين الذين ماتت قلوبهم

  • Dr Mohna3li

    استحوذ الاعلام الانقلابي المأجور و المحرض للفتنة على عقول بعض المضريين فأصبحوا يرون شريحة كبيرة من المصريين أعداءا . و اخرون من فلول النظام البائد اللامبارك وجد ظالتهم مع الانقلابيين فكونوا جماعات تخريبية و فرق الموت لتصفية حسابات قديمة مع الاخوان السلميون رغم القتل و التنكيل بهم.
    التاريخ لا يرحم و الديان لا يموت. ان الله ينصر المظلوم و لو بعد حين.

  • Dr Mohna3li

    فق أيها المصري فالمسألة ليست مشكل الاخوان انما المسألة في الانقلاب على الشرعية أم أن الاعلام الانقلابي استحوذ على عقلك؟
    انظر من يحكم و من يأمر؟ يريد الانقلابيون ارجاع حكم الجنرال مبارك و أنت ومن معك تدعمونهم.
    ستندمون على هذا ان لم تراجعوا أنفسكم و لم تعودوا الى رشدكم و لم تلتحقوا باخوانكم في الميادين و لكن حينها لا ينفع الندم.

  • mod

    الإسلاميون لايعرفون السياسة ولا يفقهون كنهها لذلك تراهم في كل مرة يخرجون فيها تراهم إلا رافعين القرءان الكريم وهائمين و حين تسألهم يجيبون نريد تطبيق شرع اللّه أما كيف فلا إجابة شوهو الإسلام فهو طريقة حياة متكاملةعلى أسس وآليات في شتى مجالات العلوم و دروب الحيات تستنبط بالفقه و الإجتهاد وتقنينها والسيروإدارة المجتمع بها والحكمة ضالة المؤمن فأين وجدها فهو أولى بهاأسفا حصروه في فتاوى المراحيض والنكاح ونيل الأعراض يعانون الكبت أخبار ميدان التحرير تملقوأمريكا وإسرئيل و تخلت عنهم لايختلفون عن غيرهم

  • الربيع

    الرغم من أنكم يامحمد المصري ان كنت محمدحاولتم بأخبث الطرق مع المجرمين الخليجيين أن لا تتركو للااخوان فرصة لتطبيق برامجهم والسير بمصر لبر لا أمان الا أنهم لم يفعلوا مثلكم من غلق للقنوات ومنع التظاهرات والاعتصامات وتكميم الأفواه وشراء الذمم وقتل العزل السلميين وملأ السجون بالأبرياء....وبيع مصر وشعب مصرللخليج بأبخس الأثمان

  • ابو تمام

    بارك الله فيك على هذا المقال لقد اصبت كبد الحقيقه ونشرت الصوره واضحه جليه .فهي معركه بين الحق والباطل بامتياز وسينتصر الحق حتما باذن الله عاجلا غير اجل .

  • محمد

    هذا المفال يخالف الحقيقة لان الاخوان حكمو سنه ولكن كان فشلهم زريع خاصة ان حكم مصر ليس سهلا لانها دولة مركزيه وتبين عدم الخبرة عندهم لذلك اللوم كله عليهم لا تظلم الشعب المصرى لذى يريد ان تكون مصر حرة قوية سند لامتها العربية

  • محمد

    هذا كلام غير صحيح كأنك لا ترى الحقيقة، معظم الشعب ضد الأخوان لأنهم فشلوا وسقطت هيبة الدولة المصرية خلال سنة حكمهم، أنتم تسمعوا أخبار ولكن لم تعايشوا الحقيقة، نتمنى منكم كاخوة الدقة قبل كتابة المقال