-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

منابع القصبة.. عيون هدمت وأخرى صامدة

الشروق أونلاين
  • 9715
  • 2
منابع القصبة.. عيون هدمت وأخرى صامدة

الماء هو الحياة و لايمكن للحياة أن تدب في مدينة لا يتوفر فيها عنصر الحياة.الماء كان ينبض في شوارع القصبة وحواريها من خلال عيون تشدك هندستها المعمارية وبهاء ألوان الزليج الذي يلفها وكأنه يفتح شهيتك لشربة ماء باردة.ولأن بعض بيوت القصبة التي زرناها مع دليلنا “الحاج قرشي” عن “جمعية القصبة” وجدناها لا تخلو من بئر صغير يرتبط بقنوات جلب الماء القادمة من العليّة أين يتم التقاط مياه الأمطار وتجميعها، ثم صبها مباشرة بقنوات توصل ماء المطر للبئر المنزلي.هذه المياه ليست صالحة للشرب، هي مخصصة فقط لغسل الملابس وقضاء حوائج البيت.هنا تساءلنا من أين يتزود سكان القصبة بمياه الشرب والطهي فكانت إجابة دليلنا أن مدينة الجزائر العاصمة كانت تحتوي على قرابة 150 عين عذبة.

يقول المؤرخ “محمد بن مدور” في كتابه الموسوم “اكتشاف البهجة من سنة 1516 إلى سنة 1830م” حول عملية التزود بمياه الشرب، أن بعض شوارع مدينة الجزائر كانت تحوي جرارا فخارية معلقة على جدران الأسوار وجدران المباني العامة مثل السجون أو الثكنات العسكرية، وبعض الأماكن العامة، ويتم ملء المياه بانتظام من قبل العمال المسؤولين عن النظافة بالمدينة. وتتزود المدينة بالمياه العذبة عن طريق قنوات المياه التي تمتد بالنسبة للجزء العلوي من المدينة من عين الزبوجة المتواجدة في أعالي تيلملي. أما الجزء الأوسط من المدينة فيتزود من الحامة.

يؤكد دليلنا “الحاج قرشي” عن “جمعية القصبة”أن تاريخ عيون القصبة يعود إلى القرن الـ16 والفترة العثمانية في الجزائر، ورغم كل تلك الحقبة مازالت تقاوم الإهمال والتمدن على حساب منابع تعد معالم تاريخية تؤرخ لحقبة زمنية ماضية. فقط ست عيون صمدت ولازالت تضيفك شربة ماء زلال وهي: “عين سيدي رمضان”،”عين مزوّقة”،”عين بئر جباح”،”عين سيدي أمحمد شريف”،”عين سيدي بنالي”،”عين بئر شبانة”. ورغم أن مربعات خزفها الأصلي تصدعت وفوهات أنابيبها استبدلت بصنابير عصرية محت تاريخها الضارب، إلا أنها لاتزال مصدرا للحياة تثير حولها جلبة الأطفال وهم يتدافعون لخطف حفنة ماء يتبركون بها،ويصنعون جوا من البراءة الطفولية.ورغم أن البيوت ربطت اليوم بالشبكة العصرية للتزود بالمياه، لكن سكان أحياء القصبة لازالوا يحنون لأيام كانت تصطف فيها خزاناتهم الصغيرة انتظارالدورهم في تعبئة الماء والعودة به باكرا للمنزل.

وجاء في كتاب المؤرخ “محمد بن مدور” في كتابه الموسوم “اكتشاف البهجة من سنة 1516 إلى سنة 1830م”، أن من بين العيون الجملية والمزينة بالسيراميك “عين سيدي أمحمد الشريف”، “سيدي رمضان”، “بئر شبانة”، “بئر جباح”، “عين سيدي ابراهيم” أو Amirauté ، “زوج عيون بمسجد علي بتشين”،”عين مسجد الحامة” والتي هدمت اليوم.

وبالإضافة للتزود بالماء الشروب، هناك حوائج أخرى كانت النسوة تقضيها بالذهابإلى عين تقعبالقربمن طريقSalpêtrière وهو مكان بالقرب من الواجهة البحرية بسانت أوجان (بولوغين)، العين تسمى سبع عيونأوالنساءالسود، يقصدها النسوة كل يوم أربعاء يذبحون عندها أنواعا من الطيور مثل الدجاج والديوك، قربانا لأولياء المنطقة الصالحين من أجل تمني العلاج من الأسقام، أو التوفيق في امور دنيوية أخرى.

وأخرى يقصدها المصلون للوضوء، لأن تقريبا كل مساجد القصبة كلها مجهزة بعيون لازالت موجودة الى يومنا هذا مثل عين سيدي رمضان وعين مسجد علي بتشين المتواجد بالحي القديم “زنقة الحمرا” أو كما يسمى اليوم “زوج عيون” تسمى هذه العين بـ”عين الشرعة” وتعود للفترة العثمانية في الجزائر، وقد صنفت في التراث الوطني يوم 29أفريل 1949م.

يتبع… 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • فريدة

    إن كثرة الينابيع دليل على حقبة تاريخية الحياة فيها آمنة كالطير لا يشرب إلا إذا شعر بالأمان

  • فريدة

    القصبة التي شاركت في حرب التحرير و تدهور بنياتها لدليل واضح على اهمال الجزائريين لتاريخهم و تناسيه و هي لغة تعبر عن الشخصية الجزائرية و جزئية منه ما أجل أن نرى نساء بزي الحايك في القصبة لكي تنطبع صورتهن لتعوض صورتهن و هن يمررن السلاح عبر نقاط التفتيش الاستعمارية بصورة إنشغلن بأمور الحياة الطبيعية