-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من الإيدز إلى جدري القردة

حسين لقرع
  • 1282
  • 0
من الإيدز إلى جدري القردة

هناك مؤشراتٌ عديدة على أن فرنسا تسير بخطوات سريعة نحو إقامة ديكتاتوريةٍ علمانية انتقائية مزدوجة المعايير تمارس استبدادَها فقط على الملايين من مسلميها، خلافا لأتباع الديانات الأخرى، السماوية والوضعية على السواء.

لا يخفى عن أحد أنّ الإسلاموفوبيا قد أضحت مرضا مستعصيا ينخر فرنسا أكثر من أيّ بلدٍ غربيّ آخر، وتحظى بالدعم الرسمي للدولة؛ فقد وضعت قانون مكافحة مظاهر الإسلام، باسم “مكافحة الانعزالية الإسلامية” لتضييق الخناق على المسلمين وحلِّ جمعياتهم وغلق مساجدهم وترحيل أئمّتهم واضطهاد فتياتهم المتحجّبات، وأضحى رئيسُها يدعم جهارا نهارا الرسوم المسيئة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بذريعة “حرية التعبير” ويسمح بإعادة نشرها على واجهة المؤسسات الحكومية، وها هي الآن دولة “الحرية والأخوّة والمساواة” تشنّ حملة كراهية كبيرة على لاعب كرة القدم السنغالي المسلم إدريسا غاي وتتهمه بـ”العنصرية” و”السلوك التمييزي”، لأنه فقط غاب عن مقابلةٍ كروية لفريقه حتى يتفادى ارتداء قميصٍ يحمل ألوان الشواذ جنسيًّا بمناسبة “اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثليين”، وقد يُهمَّش اللاعب ويُجبَر على مغادرة الفريق والبلد وكأننا بأصحاب هذه الحملة يردِّدون: أخرجوا آل إدريسا من فرنسا إنهم أناسٌ يتطهّرون.

ما يتعرّض له اللاعب إدريسا هذه الأيام من اضطهاد ومحاولة إجباره على مخالفة قناعته الدينية وتأييد الشواذ وإرسال صورة له إلى الاتحاد الفرنسي لكرة القدم وهو يرتدي قميصهم، يذكّرنا بالتصريح الاستفزازي الصارخ الذي أطلقته وزيرةُ المواطنة الفرنسية أنذاك، مارلين شيابا، في 23 مارس 2021، ودعت فيه صراحة أئمّة المساجد بفرنسا إلى “الاعتراف في خُطبهم بحقّ الأشخاص من الجنس نفسه في الزواج؟!”، وهو تصريحٌ ينطوي على روح قمعية فاشية كما نرى، لأنّ الوزيرة الفرنسية تعرف تماما أنّ الإسلام يحرِّم الشذوذ المنافي للفطرة السليمة، وتحرِّمه أيضا باقي الأديان السماوية من دون أيّ لُبس، ولا يمكن لأيّ إمام أن يُحِلّ ما حرّم الله لإرضاء الوزيرة والحكومة الفرنسية.

فرنسا اليوم تغرق تدريجيا في التطرّف العلماني، وتجهر بمعاداة الإسلام، ولم تعُد تجد حرجا في التنكّر لقيمها الديمقراطية العلمانية كالحريات وحقوق الإنسان وإنكارِها صراحة على جاليتها المسلمة التي أصبحت الآن عرضة للقمع والإكراه، وإلا كيف تعترف بـ”حق” شواذّها بأن “يكونوا ما يريدون” كما قال رئيسُها إيمانويل ماكرون في تغريدة له قبل أيام، وتُنكر على إدريسا حرِّيتَه الشخصية وحقَّه في رفض التعاطف مع هذه الفئة انسجاما مع تعاليم دينه؟! ألا يتنافى هذا مع مبادئ حقوق الإنسان وقيم الحرية التي تتشدّق بها فرنسا والغربُ كله؟!

بالأمس كانوا يدعون فقط إلى عدم التعرّض للشواذ، وتركهم وشأنهم، واليوم يبتدعون يوما عالميا لهم ويعدّون عدم التعاطف معهم “رهابا” ينبغي مكافحتُه، ليعبّروا بذلك عن مدى الانحدار الأخلاقي الذي بلغته الحضارة الغربية المادِّية. ومادام الأمر قد وصل إلى هذا الحدّ، فلا نستبعد أن تُسنّ قريبا قوانين تحكم بالسجن والغرامة والإبعاد من البلد، لكل من يرفض إبداء التعاطف العلني مع قوم لوط.

يحدث هذا في وقتٍ بدأت تتصاعد في بعض دول الغرب دعواتٌ إلى غلق نوادي الشواذ للحؤول دون انتشار جدري القردة الذي يؤكد خبراء الصحة بالعديد من الدول الأوربية أنّ هذه الفئة هي مصدره الرئيس، وأنّ لقاء 80 ألف أوروبي شاذ في جزر الكناري بين 5 و15 ماي الجاري بمناسبة “يومهم العالمي” هو الذي أدّى إلى تفشي هذا المرض الذي قد يُنسي العالمَ قريبا في الإيدز. وكذلك يفعل الله بالظالمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!