الرأي

من الحَراك إلى.. التحرُّك..

عمار يزلي
  • 1044
  • 2
ح.م

سنتان تمران على انطلاق الحَراك الوطني الذي أفضى إلى إلغاء العهدة الخامسة وعبر مسار جدالي، أسفر عن اختيار الشعب لمسار الانتخابات الرئاسية عوض مغامرة “المرحلة الانتقالية”. سنة لحراك متواصل ومطالب بالقطيعة مع النظام السابق ورموزه ومحاسبة الفاسدين واحترام إرادة الشعب في الاختيار الديمقراطي واحترام صوته في صناديق الانتخابات. أول ثمرة لهذا الحَراك كان انتخاب رئيس للجمهورية في جو تنافسي حر، لم يخلُ من جدل بين دعاة المرحلة الانتقالية.

عام على حَراك وطني لم يتوقف لحقتهُ سنة من فتنة الجائحة العالمية التي أوقفت هذا الحراك والقطار لا يزال على السكة وفي محطة الانطلاق. مع ذلك: منجزاتٌ كثيرة حصلت خلال سنة فقط من عمر الجزائر الجديدة التي يراد لها أن تُبنى من جديد على أسس جديدة بدءاً من تعديل دستوري يغيّر جزئيا من نظام حكم فردي وينتقل بنا إلى مؤسسات دستورية ذات استقلالية تضمن التداول على السلطة وتحدد العهدات الرئاسية بعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة.

دسترة الحراك نفسه كيوم وطني، كان يمثل رمزية المرجعية القاعدية التي سيعتمد عليها تأسيس الجزائر الجديدة، لاسيما وأن يوما للذاكرة قد دُستِر هو الآخر ممثلا في أحداث 8 ماي 1945، بما يعطي للبلد قوة الارتباط برمزية وقدسية تاريخ المقاومة الوطنية للاحتلال وثورته المظفرة، وما الخطاب والعمل على الذاكرة إلا جزءٌ من هذا المشروع الذي سيطول تحقيقه، لكنه سيبقى دوما مفتوحا على طاولة المطالبة والعمل ومنه مطلب اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية والاعتذار عنها.

إنجازاتٌ كثيرة في ظرف قياسي وخاص جدا، تميز بالإغلاق شبه التام لدواليب الاقتصاد الوطني وحتى العالمي لأشهر قبل أن يُشرع في الفتح المدروس والتدريجي لعبت فيه اللجنة العلمية لمتابعة الجائحة دورا محوريا في تقليص الخسائر وتحجيم ضخامة هول الجائحة إن على المستوى البشري أو الاقتصادي، حكمة سياسية كان رئيس الجمهورية وراءها بالتأكيد كونه أوكل المهمة للجنة مختصة من العلماء، وهذه واحدة من إحدى ميزات التغيير: استقلالية المؤسسات وإعطاء دور للمختصين في تسيير الأزمة من باب علمي لا سياسي ولا حتى اقتصادي بحت.

قرابة 3 آلاف ضحيّة فقدناها خلال الجائحة، رغم أننا لم نصل إلى ما وصلت إليه دولٌ كثيرة، بل على العكس بقينا متحكمين في تسييرها رغم الشطط الشعبي في قلة احترام البروتوكول الصحي بفعل طول زمن الإغلاق وتضرر كثير من المصالح بسبب هذه النازلة. الرئيس نفسه لم ينجُ من الجائحة، وكلّفه هذا عدة أشهر من الغياب للعلاج، مع أنه بقي متابعا من بعيد ومعطيا الأوامر للحكومة والولاة في تسيير الأزمة.

ويعود الرئيس سالما معافى، وأول ما يبدأ به، وبسرعة، استكمال الاستحقاقات التي وعد بها ضمن الـ54 وعداً.. ويعلن قبل يومين من الاحتفال بذكرى مرور سنتين على انطلاق “الحَراك المبارك” كما سماه، وكما نص عليه التعديلُ الدستوري، يعلن عن حل المجلس الشعبي استعدادا لانتخابات تشريعية مسبقة في ضوء قانون عضوي جديد للانتخابات ينقلنا من نظام اقتراع إلى آخر أكثر شفافية وأكثر ديمقراطية وحرية في الاختيار ضمن القائمة المفتوحة. كما يعلن في نفس الخطاب الموجَّه للشعب عن تعديل حكومي مرتقب قبل المناسبة، في إشارة منه إلى أن الذكرى الثانية للحَراك التي ستحرك الراكد في الإنجاز وتعيد الاستقامة فيما حصل من أعوجاج.. كما ستسرِّع وتيرة التغيير المنشود بغضِّ النظر عن مثالب مطالب الضفة الأخرى وعمل عملائها.. المنبوذ.

مقالات ذات صلة