-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ناموا‮.. ‬المستقبل صديقنا

محمد سليم قلالة
  • 2991
  • 10
ناموا‮.. ‬المستقبل صديقنا

بدل أن نعتبر انخفاض أسعار البترول في‮ ‬هذه المدة إشارة حاملة للمستقبل‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نبني‮ ‬عليها محاولة تكيفنا معه بمختلف سيناريواته المحتملة،‮ ‬تجدنا نسير باتجاه تطمين الناس بأن لا شيء سيتغير،‮ ‬وأن الأمور ستستمر على حالها ولا خوف علينا من الغد،‮ ‬وكـأننا نُنتج ما نستهلك ولدينا من القدرة على الاكتفاء الذاتي‮ ‬في‮ ‬جميع القطاعات لعقود من الزمن،‮ ‬أو أن المستقبل صديقنا ولن‮ ‬يغدر بنا أبدا‮…‬

‭ ‬مشكلتنا اليوم تكمن في‮ ‬هذا النمط من التفكير‮: ‬إما أننا نخاف من المستقبل خوفا‮ ‬غير مبرر‮ ‬يدفعنا باتجاه منع أنفسنا من الحركة ومن المبادرة ومن الحديث عنه،‮ ‬أو أننا نثق فيه ثقة عمياء وكأنه لن‮ ‬يفاجئنا أبدا‮.‬

‭ ‬والواقع أن التعامل مع المستقبل‮ ‬ينبغي‮ ‬ألا‮ ‬يكون لا بهذه الصفة ولا بتلك،‮ ‬بل بصيغة كيف نعيد صناعته باستمرار بما‮ ‬يتناسب وحاجات الأجيال القادمة انطلاقا من معطيات اليوم والغد؟ كيف نحقق المشهد المستقبلي‮ ‬الذي‮ ‬نريد لبلادنا في‮ ‬العشرين أو الخمسين سنة المقبلة انطلاقا من الإشارات الحاملة للمستقبل التي‮ ‬نراها اليوم وإن كانت مؤلمة أو سيئة أو‮ ‬غير مُطَمْئِنة؟ كيف نشرع انطلاقا من ذلك في‮ ‬بناء الغد الذي‮ ‬نريد؟ أي‮ ‬كيف نستغل أي‮ ‬إشارة حاملة للمستقبل مثل الانخفاض المفاجئ لأسعار النفط،‮ ‬أو التهديد الأمني‮ ‬الوشيك،‮ ‬لنُطلق تفكيرا جماعيا مهيكلا تُشارك فيه كل شرائح المجتمع من أبسط مواطن لديه حلم‮ ‬يريد أن‮ ‬يحققه إلى أعلى خبير‮ ‬يمتلك المعطيات والأدوات المنهجية،‮ ‬للدفع بالمجتمع للمشاركة في‮ ‬صناعة مستقبله بنفسه من خلال اختيار الأفضل من بين البدائل المطروحة أمامه وتبنيها والتفاعل معها إلى أن تتحول إلى واقع ملموس هو المستقبل الذي‮ ‬يريده لأبنائه‮. ‬

هذا هو المنهج الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نتعامل به مع بوادر أزمة تلوح في‮ ‬الأفق،‮ ‬من‮ ‬غير تهويل ولا تخويف ولا طمأنة زائدة على الحدود قاتلة لكل مبادرة قادرة على الفعل والتحدي‮.‬

هذا هو المنهج الذي‮ ‬يبعدنا عن الأسلوبين الخاطئين اللذين ما فتئنا نتعامل من خلالهما مع التحديات‮: ‬أسلوب النعامة التي‮ ‬تضع رأسها في‮ ‬التراب كلما أحست بالخطر الداهم،‮ ‬أو أسلوب رجل المطافئ الذي‮ ‬يبقى في‮ ‬انتظار أن‮ ‬يشب الحريق ليسارع في‮ ‬حالة استعجالية لإطفائه كما نفعل باستمرار عند تعاملنا مع الأزمات المختلفة‮…‬

كلا الأسلوبين‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يُستبدلا بنظرة استباقية تقوم على الاستعداد المستمر لأي‮ ‬تغيير قادم،‮ ‬على‮ ‬يقظة إستراتيجية دائمة تستشعر عن بعد المخاطر القادمة،‮ ‬لا على تطمين‮ ‬غير مبرر للناس بأن ناموا كل شيء بخير،‮ ‬المستقبل صديقنا‮..‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • sociologue

    والله العنوان جميل وجميل جدا لقد إختزلت كل شيء في كلمتين حتى ولو لم تقل شيئا بعده فالعنوان كفيل بإيصال الرسالة و هذا موضوع حساس للغاية فمعظم الجزائريين أصبحوا يظنون أن ما نعيشه هو حتمية وحق وأنه وبدون عمل سنأكل ونعيش و نبقى تحت رعاية سوناطراك إلى الأبد. العالم تغير و سوناطراك لن تستطيع الصمود وحدها. حتى الو.م.أ بكل شركاتها وقوتها تكاد تنهار..الصين وبإرادة الملايير وتراها تتمايل في عواصف الأزمات. فكيف سننجوا بشركة واحدة تكاد تنهار وشعب معظمه لا يعرف حتى معنى الحرب الباردة؟

  • جزااااااحقةاائررررية

    "دوام الحال من المحال" هكذا تقول الحكمة وهي على حق,بارك الله فيك أيها الكاتب المحترم,اللهم لاتآخذنا بما فعل السفهاء منا,واهدنا لديننا الحنيف.

  • بدون اسم

    الله يهديهم أجمعين.

  • نبيل

    "ناموا‮.. ‬المستقبل صديقنا" وأنا أقول: المركبة تسير في منحدر خطير دون فرامل ولا قائد وستنتهي حتما في الهاوية، فلنواصل النوم حتى لحظة الاصطدام. إذا كتب الله لنا أن نبق أحياء بعد الصدمة، فسنستفيق في جزائر بخزائن مفرغة، وأبار يابسة. حينها سيعيش منا فقط من له الكفاءة والقدرة على العمل وتموت كل طفيليات الريع البترولي.

  • بنحاج

    شكرا لاستاذنا الكريم دائما كنت تكلموننا عن الاولويات و الان نرى الاولوية هي كيف نفكر في ازاحت هذا النظام انت تعطيه كل الحلول و المخارج وهو صم وبكم لا يسمع و لا يتكلم و ان نصحته .هم عندهم قاعدة تقول= من ليس معنا فهو ضضنا ولو بالاجابية. يقولون عندنا مفكرينا و استراتجيونا فلا دخل لكم.وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون .=قران كريم.=

  • bill

    أكتب ماشئت والشعب يقول ما يريد والحلقات المبرمجة في مختلف القنوات التلفزيونية تقول ما تشاء وما يدلي به صحافيون من فضائح وسرقات و.......
    يا سي سليم ثق تماما أن أصحاب القرار لا يعيرون أي اهتمام لما يسمع من هنا ومن هناك من صرخات وتأوهات و..... لأنهم بكل بساطة منهمكون في النهب كون الرئيس مقعد لا يدري ما يدور في الجزائر الحبيبة. حسبي الله ونعم الوكيل في هؤلاء المسؤولين.

  • بدون اسم

    لا المدرسة فاذا نضرنا للمستقبل من زاوية المكتب والادارة المكيفة صدقونى جسم مسرطن وجهاز مناعة سوف يفتك بالخلية والهيكل معا
    حدث و لم البى نداء سنة اخرى اضافية للخدمة الوطنية في سنين الارهاب لاسباب.. في مكتب الخدمة اعتبر عاصى لاكن يغيب على اهل المكاتب المكيفة خدمة سنين في ما يسمى "الحروب السايبيرية " او ما يسمى حروب الخيال

    فايهما انفع برئيكم سنة خدمة اضافية في القاريطة وغسيل الطباسة
    ام 7 سنوات في محاربة فكر التطرف
    في الخارج ملقب بالقناص وبالداخل ملقب بالعاص

    وليس شيئ ملموس يثبت احق

  • بدون اسم

    الجزائر سياستها مكيفة على ردت الفعل وليس الفع_ل وكل فعل او مبادرة خارجة عن الاطار الرسمى تعتبر عدائية وان لم تسمح لها الضروف بتصنيفها فهى ضمن قائمة الامبالات
    فعندما نتحدث عن المستقبل نتحدث عن اتجاه مبنى على افعل وتصورات قائمة ويسبقه سلوك السلوك عادة للذى يحمل فكر المستقبل ونضرته لا يخضع لقوانين وضعية او ضوابط معرفية معينة او التزامات اج=تماعية فبالتالى اذا نضرنا الى المستقبل كابداع وسائله منطقيا تكون ادوات ومفكات ابداعية خارقة

    الحضارة الغربيةهي الحاضن لنخبة كنيوتن واديسون وبيل قيتس ول

  • أسمهان

    تحية طيبة.نحن لا ننام بل نضيق ذرعا بما يحدث.لكن هل من أحد يطمئننا بأن هناك من يفكر بجدية في الأمر ممن بـأيديهم تحريك الامور و توجيهها الى المبتغى،ووضع برامج حقيقية وواقعية لتدارك الامر وبناء مستقبل آمن؟كيف السبيل الى جعلهم يعون ويشعرون أن عليهم أولا تقع المسؤولية،ثم علينا.

  • بدون اسم

    شكرا أستاذ على هذا التنبيه و على هذه الصرخة في عالم يغط في سبات عميق؟ و يوم يستيقظ ربما يكون قد فات الآوان؟