الرأي

نداء‮ ‬إلى‮ ‬المتفانين‮ ‬في‮ ‬خدمة‮ ‬الوطن‮..‬

محمد سليم قلالة
  • 3274
  • 12

وجدت نفسي في كثير من الأحيان، وأنا أحاول أن تتسع مساحة الأمل هذه أمامي، لتعمّ كل الجزائر ويشعر بها كل الجزائريين، أعمل على تضييقها حتى خِفت أن يغلبني أنا الآخر ويغلبنا جميعا منطق اليأس، الذي هو محطم لكل شيء جميل فينا، وأكبر قيد يوضع في أيدينا لكي نموت ونحن‮ ‬ننتظر‮ ‬منهم‮ ‬عملا‮ ‬لأبنائنا،‮ ‬أو‮ ‬سكنا‮ ‬لأسرنا‮ ‬أو‮ ‬صحة‮ ‬جيدة‮ ‬لأمهاتنا‮ ‬أوآبائنا،‮ ‬أو‮ ‬أدنى‮ ‬أمل‮ ‬نحيى‮ ‬به‮ ‬حياة‮ ‬سعيدة‮ ‬من‮ ‬غير‮ ‬ذل‮ ‬ولا‮ ‬مهانة‮.‬

 لذلك أردت أن أكتب هذا العمود اليوم، لكي نبرز معا أن عناصر الأمل الكامنة فينا أقوى من كل وسائل اليأس المسخرة لمنعنا من أن نكون أسياد أنفسنا، وأنه علينا أن نضع حدا لذلك الزمن الذي طال، حيث حَكم فيه الجهل العلم، والفساد الصلاح، والمذنب البريء، والإمّعة الرجل الفحل،‮ ‬والكاذب‮ ‬الصادق،‮ ‬والمزيّف‮ ‬في‮ ‬عمله‮ ‬المتفاني‮ ‬فيه‮… ‬

 

وذلك غير ممكن إلا من خلال سبيل واحد: أن نُعلي من شأن المتفانين في خدمة الوطن في أي موقع وجدوا، أن نتحدث عنهم وهم الصامتون، وأن نُبين أنهم أساس بقاء البلاد تتحرك بالحد الأدنى، وسبب عدم انهيارها لحد الآن، وأنهم هم صُنَّاع الأمل وينبغي أن ينتصروا.

هؤلاء‮ ‬هم‮ ‬ذلك‮ ‬المعلّم‮ ‬الذي‮ ‬أعاد‮ ‬ترتيب‮ ‬محفظته‮ ‬وأدواته‮ ‬ليدخل‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮ ‬متفائلا‮ ‬أمام‮ ‬تلاميذ‮ ‬أبرياء‮ ‬مازالوا‮ ‬لم‮ ‬يتلوثوا‮ ‬بوباء‮ ‬اليأس،‮ ‬متحديا‮ ‬كل‮ ‬تلك‮ ‬القوى‮ ‬المثبّطة‮ ‬ممن‮ ‬هم‮ ‬حوله،‮ ‬وكل‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬حوله‮. ‬

وذلك‮ ‬الطبيب‮ ‬الذي‮ ‬مازال‮ ‬يواسي‮ ‬مرضاه‮ ‬ويعالجهم‮ ‬لأنه‮ ‬يحس‮ ‬أنهم‮ ‬والدته‮ ‬وأبوه‮ ‬وإخوانه‮ ‬رغم‮ ‬ظلم‮ ‬الذين‮ ‬هم‮ ‬أعلى‮ ‬منه،‮ ‬وتخاذل‮ ‬من‮ ‬هم‮ ‬أسفل‮ ‬منه،‮ ‬وتضامن‮ ‬الكل‮ ‬ضده‮ ‬في‮ ‬جبهة‮ ‬أهل‮ ‬اليأس‮ ‬يسخرون‮ ‬من‮ ‬تفانيه‮.‬

وذلك‮ ‬القاضي‮ ‬الذي‮ ‬رغم‮ ‬استقواء‮ ‬جبهة‮ ‬الفساد‮ ‬حوله،‮ ‬ورغم‮ ‬الإكراهات‮ ‬التي‮ ‬من‮ ‬حوله‮ ‬والمغريات‮ ‬التي‮ ‬تحيط‮ ‬به،‮ ‬مازال‮ ‬يعمل‮ ‬ويحلم‮ ‬لكي‮ ‬يحكم‮ ‬بالعدل‮ ‬والقسطاس‮…‬

وذلك العامل والفلاح، والضابط، والجندي، والمجاهد المتقاعد، والموظف، والصحفي  والطالب، والفنان، والتاجر، والصناعي، والأجير والحارس والبطال، الذين مازالوا جميعا يواجهون جبهة اليأس التي تكاتفت فيما بينها لتمنع أيا منهم أن يبقى كما هو، ويقاومها من غير أن يفسد أو‮ ‬يرتشي‮ ‬أو‮ ‬يُخرِّب‮ ‬أو‮ ‬يَظلم‮ ‬أو‮ ‬يتخلى‮ ‬عن‮ ‬قيمه‮ ‬السامية‮.‬

ينبغي أن نعمل لكي نُعلي من شأن هؤلاء جميعا، ونتحدث عنهم، ونملأ مساحة الأمل هذه بذكرهم  وذكراهم حتى نمنع مساحة اليأس من أن تتسع، وجبهة اليأس من أن تنتصر. فلنكتب جميعا نماذج عنهم، ونرفع ذكرهم.. بدل التضييق على أنفسنا بالشكوى من سموم المتمسكين بكراسي جبهة اليأس‮ ‬والتيئيس‮.‬ 

 

مقالات ذات صلة