الرأي

نداء عاجل

محمد سليم قلالة
  • 3970
  • 13

إذا ما استمر أمننا الاقتصادي والسياسي مرهونا بأشخاص، وليس بقيم متفق عليها في شكل سياسات تم إنضاجها من خلال نقاش هادئ، فإننا سنفرط في سيادة دولة ضحى من أجلها الرجال الأبطال…

من ينكر أن بيان أول نوفمبر هو وثيقة مرجعية حددت الإطار الفكري، وضبطت الغايات والقيم التي حكمت مسار تحقيق هدفها الأول: استعادة السيادة الوطنية. هل كان محور البيان أفكار أم أشخاص؟ ألم يُعد تشكيل الأشخاص فيما بعد على أساس تلك الأفكار؟ أوليس في مقدورنا اليوم أن نعيد صياغة مشروعنا من جديد؟ أليس من واجبنا أن نرفع نداء عاجلا لذلك؟

يبدو أننا نعيش لحظة فارقة في تاريخنا: إما أن ندفع باتجاه مراجعة الذات وطرح كل الأفكار والقيم على طاولة النقاش لنخرج ببيان نوفمبري جديد أو إعلان حقوق جديد يصبح ملهما للدستور القادم ولكل مشروع قانون قادم، أم نبقى رهينة اجتهادات من هنا أو هناك قليلا ما نعرف الوعاء الذي تصب فيه؟ 

أليس من الصواب أن نحل اليوم قبل الغد، بل وقبل أية انطلاقة في إعادة بناء الدولة على أسس صحيحة، مشكلة مدنية الحكم أو دينيته قبل حل مشكلة من سيحكم؟

أليس من الصواب أن نحل مشكلة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية قبل أن نحل مشكلة من سيحكم؟

أليس من الصواب أن نتفق على إعلان مبادئ تحكم الحقوق والواجبات والحريات قبل الحديث عمن سيحكم؟

أليس من الصواب أن نعرف مستقبل البلاد في الخمسين سنة القادمة، قبل أن ننشغل  بمن سيحكمها بعد شهور؟

أليس من الصواب أن نحدد تحديدا دقيقا التحديات والتهديدات التي تواجه الجزائر قبل أي حديث آخر؟

أظن أنه من الأجدر بنا في هذه الحقبة بالذات أن نفتح نقاشا فكريا شاملا حول أمهات القضايا التي تهم أمتنا، نقاشا ينتهي إلى اتفاق شامل، نسميه إعلان حقوق، رؤية مستقبلية، ميثاق المستقبل… (نسميه ما شئنا) المهم أن يحمل تصورَ حلولٍ كلية لمشكلاتنا المختلفة.. يشارك في هذا النقاش الجميع لإعادة رسم مستقبل الجزائر خلال الخمسين سنة القادمة من غير خداع أو تزييف أو هروب من الواقع.

إننا بحق في حاجة إلى هذا في هذه الفترة بالذات، باعتبارها تشكل مرحلة انتقال الحكم من جيل إلى جيل.

في حاجة إلى رسم معالم مستقبل بلادنا قبل أن يرسمه لها آخرون إن لم يكونوا قد شرعوا في ذلك…

في حاجة إلى أن ننهض من سباتنا ونتذكر بأننا نعيش في دولة تحيط بها الأطماع السبعة وتحتاج إلى أكثر من حكمة الحكماء السبعة إذا أرادت أن تكون في مستوى من ضحى لأجل استعادة سيادتها.

 

وهذا نداء عاجل للشروع في ذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد…

مقالات ذات صلة