الرأي

هذا هو جرمُ خاشقجي!

حسين لقرع
  • 7580
  • 8
ح.م
الإعلامي السعودي جمال خاشقجي

بدا الإعلام السعودي ونظيرُه المصري في الأيام الأخيرة على درجةٍ عالية من الابتذال والإسفاف والبلادة وهو يتناول قضية “اختفاء” الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول بكثيرٍ من السطحية ولغة الخشب الممجوجة الذي ذكّرتنا بحقبة الستينيات والسبعينيات..

الإعلامُ السعودي لم يجد ما يبرّر به “اختفاء” خاشقجي في قنصلية بلاده سوى التساؤل عن الأطراف المستفيدة من ذلك؟ وأجاب على سؤاله بتوجيه أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين وقطر وتركيا وإيران؛ فهي الأطراف الوحيدة المستفيدة من الجريمة، ومن ثمّة فهي التي تقف وراءها بهدف “تشويه صورة السعودية في الخارج”؟!

وعلى منواله سار بعضُ الإعلاميين المصريين؛ غير أنّ أحدهم صنع الاستثناء حينما تجاوز كل الخطوط الحُمر وبثّ صورا عاد من خلالها إلى ماضي خاشقجي و”برهن” عن مدى تأثره بفكر الإخوان، وكأنه يريد أن يقول: ما دام خاشقجي إخوانيا فإنه يستحقُّ ما حدث له من خطفٍ وربما قتل وتقطيع لجثته!

ما نعرفه عن خاشقجي أنه ليبراليٌّ سعودي، لم ترُقه سياسة بن سلمان إزاء العديد من القضايا الداخلية والإقليمية فهاجر إلى أمريكا بحثا عن الكتابة بحرِّية، واختار صحيفة “واشنطن بوست” لهذا الغرض، ولكن لنفترض جدلا بأنه إخوانيٌّ أو متعاطفٌ معهم، فهل يبرّر ذلك خطفَه خارج إطار القضاء وربَّما قتله بشكل وحشي وتقطيع جسده إلى أجزاء؟!

كم هو مؤلمٌ ومقزّزٌ في الوقت نفسه أن تعود بعض بلداننا إلى الخلف وإلى الممارسات الستالينية التي عفا عنها الزمن، وتصبح حديثَ العالم كله، ثم تجد إعلاميين مرتزقة يبرّرون لها فاشِيتها ويدافعون عما لا يمكن الدفاعُ عنه، بدل أن يكونوا في خندق الأحرار المنافحين عن حق الشعوب في الديمقراطية الحقيقية والحريات والعدالة والكرامة وإنهاءِ كابوس الديكتاتوريات وكبت الأنفاس.. معظمُ بلدان العالم تتجه بخطوات حثيثة نحو الديمقراطية وتداول الحكم وإقرار الحريات العامة، حتى دول إفريقيا التي طالما أتُّهِمت بالتخلّف والغرق في الاستبداد، بدأت تتدمقرط، في حين استعصى ذلك على الدول العربية التي أبت إلا الغرق في ممارساتٍ شمولية بائدة، وعوض أن تقوم النخبةُ العربية بدورها في مناهضة الاستبداد والقمع ومناصرة حق شعوبها في الحرية، وتقودها لتحقيق هذه الأهداف النبيلة سلميا، تمتلئ فضائيات العار بإعلاميين مرتزقة ارتضوا أن يحوّلوا أنفسهم إلى أبواق وعبيد.

مقالات ذات صلة