-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
القاضي يكشف التلاعبات والتجاوزات في عمليات الحجز وبيع التذاكر

… هكذا أبحرت بواخر جزائرية بلا مسافرين!

نوارة باشوش
  • 23472
  • 0
… هكذا أبحرت بواخر جزائرية بلا مسافرين!
أرشيف

حاصر قاضي محكمة القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، المتهمين في ملف الفساد الذي طال الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، بحقيقة التلاعبات والتجاوزات الخطيرة والممارسات غير الشرعية، التي كانت تتم في عمليات الحجز وبيع التذاكر على مستوى نظام الحجز المعروف بـ”NET BOOKNET“.

مما دفع إلى إبحار بواخر عائمة بلا مسافرين وكبّد الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين التي كانت على حافة الإفلاس، خسارة كبيرة وألحق ضررا لا يستهان به للاقتصاد الوطني وحرم آلاف الجزائريين من السفر، فيما أجمع المتهمون على أنهم لا يمكنهم متابعة هذه العمليات بحجة “ضيق الوقت”، من جهة، ومن جهة أخرى صرحوا أن المتسبب في تعطيل نظام الحجز هو ولوج أكثر من 200 ألف متدخل في ثانية واحدة، وهذا ما أدى إلى توقف النظام آليا.

وقد تواصلت الاثنين على مستوى محكمة القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، جلسة محاكمة الفساد التي طالت الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين لليوم الثاني على التوالي، بعد انطلاقها الخميس 29 ديسمبر.

حيث وجه القاضي للمتهمين 5 جنح والمتمثلة في التبديد العمدي والاستعمال على النحو غير الشرعي لممتلكات وأموال عمومية واستغلال النفوذ وإساءة استغلال الوظيفة والمنصب، ومنح منافع غير مستغلة للغير وعدم التصريح بالممتلكات والإثراء غير المشروع، فيما التمس وكيل الجمهورية أقصى العقوبات بحقهم.

استجواب المتهمين ومواجهتهم بوقائع استهداف الشركة العمومية

بعد دخول المتهمين إلى قاعة الجلسات والمناداة على جميع الأطراف المعنية بالملف، شرع القاضي في استجواب المتهمين، والبداية من المتهم “كمال إدالية” رئيس مصلحة التشحين بالشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين.

القاضي: ما هو المنصب الذي كنت تشغله في الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين؟

إدالية: كنت رئيس مصلحة التشحين.

القاضي: هذا من الناحية الإدارية، لكن من الناحية الفعلية وما توصل إليه التحقيق أنت مكلف باستغلال الخدمات التجارية في ميناء الجزائر؟

إيدالية: كنت أشرف على الرحلات البحرية من حيث التوقيت وعدد المسافرين.

القاضي:  فيما يخص تفاصيل رحلة 2 جوان 2022 ما هي علاقتك بها؟

إيدالية: سيدي الرئيس، ليس لي أي علاقة، فأنا مكلف فقط كما قلت لكم بأوقات الرحلات “الانطلاق والوصول” مع عدد المسافرين.

القاضي: المشكل المتعلق بالصيف متى بدأ؟

إدالية: أنا لست من يبرمج الرحلات عبر نظام الحجز، أنا فقط أتلقى ساعات الإقلاع وعدد المسافرين الذين هم على متن البواخر.

القاضي: الباخرة التي وصلت في 2 جوان 2022، هل تعرف كم كان عدد المسافرين فيها؟

إدالية: فيها 72 مسافرا و25 مركبة؟

القاضي: بحكم منصبك، ماهي قدرة استيعاب الباخرة؟

إدالية: قدرة استيعابها محددة بـ1800 مسافر و600 مركبة.

القاضي: بينك وبين نفسك ما هي الملاحظة التي سجلتها؟

إدالية: لا أعرف سيدي الرئيس، كما سبق وأنا قلت لكم أنا لست مكلفا بالبرمجة.

القاضي: لماذا.. لم يوجد مسافرون على متن الرحلة؟

إدالية: الأمر يعود إلى البرمجة سيدي الرئيس.

القاضي: هل سمعت أنه يوجد مشكل في نظام الحجز؟

إيدالية: “أنا خاطيني” برمجة الرحلات عبر نظام الحجز ولم أسمع بأي مشكل.

القاضي: الباخرة عندما انطلقت من مرسيليا إلى الجزائر كان على متنها أزيد من 50 مسافرا، لكن عندما يتعلق الأمر بعمليات الحجز من الجزائر إلى فرنسا، فقد تجاوز 500 مسافر بماذا تفسر ذلك؟

إدالية: لا أعرف سيدي الرئيس، ولكن “الحجز” من الجزائر إلى فرنسا كان مسبقا .

وفي هذا الأثناء يتدخل وكيل الجمهورية ويسأل المتهم

الوكيل: ما هي صلاحياتك؟

المتهم: ليس لدي أي صلاحيات.

ممثل الحق العام بتهكم واستغراب يرد: “يعني تلوح للباخرة بيدك عند الوصول وعند المغادرة”.

الوكيل: كم عدد الرحلات التي قمت بها؟

المتهم: حوالي أربع رحلات فقط.

الوكيل: في فرنسا من يشغل نفس المنصب الذي تشغله أنت؟

المتهم: المتهم “ح.اغيلاس”.

الوكيل: اغيلاس كان له الحق في الدخول إلى نظام الحجز.. أليس كذلك؟

المتهم: أنا ليس لي الحق في الدخول Yلى النظام.

“ضغط الوقت” و”انعدام الطلبات” للتّنصل من المسؤولية

ومن جهته، أنكر نائب المدير العام للشركة الوطنية للنقل البحري والمسافرين، “ش. إقبال” التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلا، وقال إنه لا يعلم برحلة ولا يعلم عن برنامج 2022، لأنهم أرسلوا له المراسلة المتعلقة بهذا الأمر في 25 ماي 2022، ليقاطعه القاضي، قائلا: “كنائب مدير عام، من هو المكلف بالمبيعات؟” ليرد عليه المتهم “هو المسؤول التجاري”.

القاضي يسأله مجددا “أين يكمن الخلل في إبحار باخرتين شبه فارغتين إيابا وذهابا”؟ وهل توجد إمكانية اتخاذ الإجراءات لتفادي هذا المشكل؟ ليجيبه المتهم “كان هناك وقت ضيق لملء عمليات الحجز، أما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال، كان من الممكن فتح مكاتبنا في ميناء مرسيليا لبيع التذاكر”.

بدوره وكيل الجمهورية حاول الاستفسار عن إبحار الباخرة من مرسيليا نحو الجزائر وعلى متنها 52 مسافرا فقط أي شبه فارغة مقارنة مع قدرة استيعابها، موجها السؤال للمتهم: “ألا ترى أن هذا يعتبر خسارة للشركة التي لم تعمل لمدة 3 سنوات بسبب جائحة كورونا، بالرغم من رغبة آلاف الأشخاص الدخول إلى أرض الوطن؟”، ليجيب عليه المتهم “ليس لدي جواب حقيقي، جاليتنا في الخارج ترغب في السفر خلال شهري جويلية وأوت وليس في شهر جوان”.

النيابة تقاطعه “كيف تفسر إبحار باخرة برج باجي مختار وعلى متنها حوالي 50 مسافر أو أكثر بقليل، مقابل إبحار باخرة منافسة (كوريسكا) وعلى متنها 1500 مسافر.. هناك تناقض؟ إلا أن المتهم يصمت ولم يرد.

من جهتها حاولت مسؤولة خلية التطوير والتسيير لنظام الحجوزات بالشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين “ع.ف”، التنصل من الاتهامات الموجهة إليها مستعملة كل الأدلة والقرائن، حيث أرجعت إبحار الباخرتين “برج باجي مختار 3 وطاسيلي 2” شبه فارغتين يومي 1 و2 جوان 2022 إلى “ضيق الوقت” في بيع التذاكر الخاصة بالرحلات الإضافية التي تم برمجتها عقب المجلس الوزاري المنعقد في 19 ماي 2022 من جهة، ومن جهة أخرى تفادي العائلات حجز التذاكر لتجنب حرمانهم من مِنح أولادهم المتمدرسين قبل تاريخ 20 جوان.

القاضي حاصرها بكمّ من الأسئلة المتعلقة بنظام الحجز وإمكانية الولوج إلى نظام الإعلام الآلي المعتمد من طرف الشركة، ويسألها “من له صلاحيات الدخول إلى نظام الحجز؟ “، لترد عليه المتهمة “جميع المسيرين ونقاط البيع”، وأنا مهمتي استحداث “رمز الدخول” حسب طلب مسؤول المستعمل، ليقاطعها رئيس الجلسة “متى تلقيتِ البرنامج الخاص برحلات الصيف؟”، لتجيب المتهمة “في 23 مارس 2022، عن طريق “الإيمايل”، لكن ليس لبيع التذاكر، فقط على أساس الاطلاع.

القاضي: وماذا عن فحوى المراسلة التي تسلمتها؟

المتهمة: لم يكن هناك أمر بفتح عمليات بيع التذاكر، لأننا لم نتلق الأمر من السلطات، وإنما فقط من أجل التجارب الضرورية حول الأسعار.

القاضي :كم تستغرق التجارب هذه؟

المتهمة: من يومين إلى ثلاثة أيام.

القاضي: الخبرة تقول إن الأرضية لم يتم فتحها إلا في 23 ماي بالنسبة للرحلات الإضافية؟

المتهمة: سيدي الرئيس الخبرة لم تخطئ، فقد تلقينا تعليمات لفتح عمليات البيع للرحلات المبرمجة فقط، وهذا بتاريخ 16 ماي 2022، وليس للرحلات الإضافية.

القاضي: كيف تتم برمجة الرحلات الإضافية؟

المتهمة: جميع الرحلات تم برمجتها في مارس.

القاضي: الرحلات المبرمجة لا نتحدث عنها بل عن الرحلات الإضافية؟

المتهمة: المشكل لم يحدث في الأرضية بل في الموقع.

وبلغة شديدة اللهجة القاضي يواجه المتهمة، قائلا، “يعني الرحلات المبرمجة تنطلق من الجزائر إلى مرسيليا مملوءة، لكن في الاتجاه المعاكس أي من مرسيليا نحو الجزائر شبه فارغة وفي عز فصل الصيف، على شاكلة رحلتي الفاتح و2 جوان 2022 ؟”، لترد عليه المتهمة قائلة “أستاذ.. الخلل في الموقع وليس في نظام الحجز، الرحلتان لم تكن عليهما طلبات، 80 بالمائة لانعدام الطلبات و20 بالمائة بسبب ضيق الوقت في عملية البيع”.

القاضي: بعد التفتيش الإلكتروني لهاتفك من طرف المصالح الأمنية تبين وجود رسالة صادرة منك إلى المدير العام تخبريه أنه لا يمكنك الدخول إلى التذاكر الأصلية، رغم أنك تحوزين كلمة المرور؟

المتهمة استغربت من هذه الرسالة وطلبت من القاضي الاطلاع عليها وهو ما تم فعلا، لتنفي نفيا قاطعا علاقتها بالرسالة، إلا أن القاضي واجهها بالخبرة التي تثبت بالدليل أن هذه الرسالة قد خرجت من هاتفها، غير أن المتهمة تصر على الإنكار وتؤكد أن لا علاقة لها بها فيما أكدت بالمقابل أن رقم الهاتف الذي تلاه عليها رئيس الجلسة هو رقمها فعلا.

النيابة تتدخل وتطرح أسئلتها على المتهمة

وكيل الجمهورية: تقولون إن المشكل كان في النظام؟

المتهمة: لا أبدا لم يكن المشكل في النظام، بل لم يكن هناك مسافرون في ميناء مرسيليا يومي 1 و2 جوان، 80 بالمائة من الأسباب حسب ما قلته لكم اليوم أمام هيئتكم لم يكن هناك طلبات، لو وجدنا مسافرين في الميناء لتم نقلهم وإدخالهم في نظام الحجز بطريقة عادية، فمن غير الممكن الإبحار وترك المسافرين هناك مترامين.. فالمشاكل التي حدثت في الوكالات  التجارية كانت بسبب الحجز لنهاية جوان وشهر جويلية.

الوكيل: هل يمكن إلغاء رحلة؟

المتهمة: لا أحد طلب مني ذلك، ومن المستحيل إلغاؤها لأنها أبحرت من ميناء الجزائر نحو مرسيليا بـ600 مركبة ونحو 1200 مسافر، ويجب أن تعود ولو فارغة بسبب برمجة رحلة أخرى على متنها بـ313 مركبة ونحو 85 مسافرا.

الوكيل: ماذا يترتب عنها؟

المتهمة: يترتب عنها تعويضات بطبيعة الحال، الانطلاقة في هذه الرحلة تم فتحها بثمانية أيام فقط، الوقت كان ضيقا جدا.

القاضي: متى تكون الخسارة أكثر؟ عندما تكون الباخرة فارغة تماما أو عندما تأتي بـ50 مسافرا فقط ؟…. الخسارة أكيد تكون عندما نحضر 50 مسافرا.

من المستحيل إلغاء رحلة باخرة شبه فارغة

ومن جانبه، شدد المدير التجاري للشركة الوطنية للنقل البحري لنقل المسافرين، المتهم “ب.كريم” على استحالة الرحلة المبرمجة على متن باخرة برج باجي مختار 3 من مرسيليا نحو الجزائر في 1 جوان 2022، لأن الأمر كان إلزاميا بسبب برمجة رحلة أخرى في اليوم الموالي من الجزائر نحو مرسيليا أي بتاريخ 2 جوان 2022، بـ570 مسافر و311 مركبة.

القاضي يسأل المتهم “متى تلقيتم برنامج الرحلات؟ المتهم، يرد قائلا: “في 20 ماي 2022.. سيدي الرئيس بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بإضافة رحلات بحرية، فإن الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، فتحت الحجوزات عن طريق الأنترنيت والوكالات وبالتالي تم تسطير برنامج من شهر جوان إلى غاية 20 سبتمبر”.

القاضي يقاطعه “وماذا حصل بعدها..؟” ليجيبه المتهم “ما حصل كان سببه الوقت القصير بين رد وفتح المجال، وقد تم تسجيل توافد كبير للمواطنين تقريبا عبر جميع الوكالات التجارية، كما تم تسجيل تجاوزات من طرف المواطنين وعدم انتظامهم أدت إلى تسجيل وحجز سوى 72 مسافرا و 25 مركبة على متن الرحلة المبرمجة يوم 1 جوان 2022”.

رئيس الجلسة  يثور في وجه المتهم الذي كان يراوغ في إجابته ليسأله مجددا “لماذا أصريتم على إبحار رحلة 1 جوان مع أنكم تعلمون أن الباخرة شبه فارغة، مع أنها رحلة خاسرة في كل الجوانب”، وكيف لم يتم إلغاؤها؟

وتابع المتهم تصريحاته “أولا وقبل كل شيء المشكل هو البرمجة، ثانيا نظرا لأن الباخرة كانت مبرمجة للعودة إلى الجزائر من مرسيليا بتاريخ 2 جوان 2022 والتي تم حجزها وعلى متنها 311 سيارة و570 مسافر انطلاقا من الجزائر نحو مرسيليا، حيث لو قمنا بإلغاء رحلة العودة لوقع مشكل في عملية الانطلاق من الجزائر، ولا يمكن حل مشكل بخلق مشكل آخر”.

وبخصوص الدخول والولوج للأرضية الرقمية بغرض البيع، أكد المدير التجاري أنه لا يملك أي امتياز ولا يستطيع الولوج كما لا يمكن إضافة أو تغيير أو إلغاء تذاكر الرحلات”.

وخلال رده على سؤال وكيل الجمهورية الذي واجهه بحقيقة انتظار ورغبة الآلاف من المسافرين الجزائريين لدخولهم إلى أرض الوطن، إلا أن الباخرة أبحرت فارغة كيف تفسرون ذلك؟ ليرد المتهم قائلا: “سيدي الوكيل لم يكن هناك طلب إذ لو كانت فترة ذروة لامتلأت في ظرف قياسي مثلما هو الحال في الرحلات التي تسبق المناسبات”.

ممثل الحق العام يسأله مجددا “هل أنت على علم بتفاصيل هذه الرحلة البحرية الفارغة وهل أعلمت المدير العام بذلك؟ المتهم يجيب “المدير العام كان على علم بكل تفاصيل الرحلة، زد على ذلك، فإن رحلة برج باجي مختار3 والتي كان على متنها 72 مسافرا و25 مركبة لا يمكن إلغاؤها، بسبب الدوافع التي ذكرتها والمتعلقة ببرمجة رحلة أخرى من الجزائر نحو مرسيليا“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!