-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
فيما نفت آخر ملكة في مدغشقر إلى الجزائر:

هكذا أرسلت فرنسا 5700 جزائريا للهلاك في مدغشقر

ماجيد صرّاح
  • 1288
  • 0
هكذا أرسلت فرنسا 5700 جزائريا للهلاك في مدغشقر
ويكيبيديا
أرسلت فرنسا 5700 جزائريا أثناء حملتها على مدغشقر في 1895 من أجل نقل السلاح، المعدات والمؤن، بعد 9 أشهر هلك منهم 2344 ناقلا.

أرادت فرنسا تحويل مدغشقر إلى مستعمرة لها، وهي الجزيرة الواقعة على بعد 400 كم عن القارة الإفريقية، ولذلك خاضت ضدها حروبا تعرف بـ”الحروب الفرنسية الملغاشية”. فغزت فرنسا مدغشقر في المرة الأولى عام 1883، وخاضت ضدها حربا إلى غاية 1886 أين تم التوقيع على معاهدة تنازلت فيها مدغشقر عن ساحلها الشمالي مع دفع غرامة كبيرة قدرها 10 ملايين فرنك كما سيطرت فرنسا على سياستها الخارجية.

عام 1894 خاضت فرنسا حربا ثانية ضد مدغشقر انتهت باحتلال فرنسا للجزيرة والإطاحة بالملكية فيها بنفي آخر ملكة، رانافالونا الثالثة، إلى الجزائر أين توفيت عام 1917 عن عمر يناهز 55 سنة.

رانافالونا الثالثة (22 نوفمبر 1861 – 23 ماي1917) هي الملكة الأخيرة في مدغشقر، حكمت من 30 جويلية عام 1883 حتى 28 فيفري عام 1897 في عهدٍ تميز بالعديد من الجهود الخائبة إزاء مقاومة الاستعمار الفرنسي. نفاها الإستعمار إلى الجزائر أين توفيت عن عمر يناهز 55 سنة. صورة: ويكيبيديا


رانافالونا الثالثة (22 نوفمبر 1861 – 23 ماي1917) هي الملكة الأخيرة في مدغشقر، حكمت من 30 جويلية 1883 حتى 28 فيفري 1897 في عهدٍ تميز بالعديد من الجهود الخائبة إزاء مقاومة الاستعمار الفرنسي. نفاها الإستعمار إلى الجزائر أين توفيت عن عمر يناهز 55 سنة. صورة: ويكيبيديا

إذا كان مصير آخر ملكة مالغاشية النفي إلى الجزائر أين ماتت، عرف 5700 جزائريا مصيرا مخالفا حيث أرسلتهم فرنسا إلى مدغشقر في حملتها عام 1895، من أجل نقل سلاح المدفعية، والمعدات والمؤن والأدوية على مسافة 600 كم من الأدغال، والجبال والأنهار والمستنقعات. وبعد 9 أشهر من السير في هذه الأماكن الوعرة، تم الإبلاغ عن مقتل أو اختفاء 2344 ناقلًا في نهاية الحملة.

بمناسبة قرب صدور كتابه “الناقلون الجزائريون في حملة مدغشقر سنة 1895″، اقتربت الشروق أونلاين من مؤلفه، مصطفى حاج علي ليحدثنا عن هذا الموضوع من تاريخنا.

بداية، سألناه عن ما دفعه للبحث حول هذا الموضوع بالذات لكتابة هذا الكتاب فأجاب “أحب دراسة المواضيع الجديدة. بحثت في كل مكان ولم أجد إلا مقالاً من بضع صفحات كتبه المؤرخ جيلالي ساري، لا أكثر. وفي عائلتي أيضاً، نتحدث عن بلعيد، وهو أحد أجدادي الذي توفي أثناء حملة مدغشقر. كل هذا دفعني إلى البحث عن فهم الموضوع برمته من أجل لفت انتباه الجمهور إلى هذا الجزء من تاريخ بلادنا.”

ولإنجاز هذا العمل يقول مصطفى حاج علي، والذي سبق وأن صدرت له سابقا عناوين عن المنفيين الجزائريين إلى كاليدونيا الجديدة وكايان، أنه اعتمد على “أرشيف مصلحة الأرشيف الوطني لما وراء البحار، في آكس أون بروفانس وأرشيف المصلحة التاريخية للدفاع بقصر فانسان باريس. إضافة إلى الأرشيف الشفهي لأن عددًا لا بأس به من القصائد ورثناها لحسن الحظ من معاصري هذه الحقائق مثل الشاعر سي يوسف أولفقي. كما اضطررت لقراءة العديد من الأعمال التي تتناول هذا الموضوع والتي كتبها الضباط الذين قاموا بحملة مدغشقر والذين تناولوا على نطاق واسع المآسي التي عانى منها الناقلون الجزائريون منذ انطلاقهم من الجزائر العاصمة وسكيكدة، حتى عودة الناجين من الحملة نحو الجزائر.”

اقرأ أيضا: أعمر صالحي ذلك الجزائري الذي هرب من جحيم منفى كايين

أما عن سياق وظروف إرسال هؤلاء الناقلين الجزائريين إلى هذه الجزيرة على بعد آلاف الكيلومترات من موطنهم، فيقول مصطفى حاج علي “عرضت عليهم الإدارة الاستعمارية عرضا “مغريا” وهو 100 فرنك تركوها مع عائلاتهم، في وقت كان السكان يعانون من فقر لا يوصف. وهنا، تجدر الإشارة إلى أنه من بين 5700 جزائري الذين تم تجنيدهم، كان 70٪ منهم من منطقة القبائل، وكان هؤلاء لا يزالون يعانون من عواقب القمع الذي أعقب انتفاضة مقاومة الشيخ المقراني في1871. وقد بلغت قيمة هذه الأخيرة 65 مليون فرنك/ذهب دفعتها 313 قبيلة متمردة ضد الإستعمار. وكذلك مصادرة جميع أراضي القبائل وحجز أملاك أفرادها. وبالإضافة إلى المكافأة البالغة 100 فرنك التي تم الحصول عليها في البداية، كما كان من حق الناقلين أيضًا الحصول على أجر يومي يقدر بفرنك واحد خلال مدة الحملة، يتم رفعها إلى فرنك ونصف في حالة تجاوز مدة الحملة ستة أشهر. كما تم تضمين الطعام أيضًا ضمن المزايا.”

وقد عانى هؤلاء الناقلون الجزائريون الذين أرسلتهم فرنسا إلى مدغشقر من عديد التحديات والعقبات “كان من الصعب عليهم التأقلم مع هذه الجزيرة الكبيرة الواقعة في المناطق الاستوائية. لذلك كان عليهم محاربة الأمراض مثل الملاريا والدوسنتاريا. وإضافة إلى هذه الأمراض التي كانت تهدد حياتهم، اضطروا إلى المشي مسافة 600 كيلومتر حفاة ودون تغيير ملابسهم طوال الأشهر التسعة التي استمرت فيها الحملة. كما أن الطعام أيضًا لم يناسبهم فلم يكونوا يمنحون سوى 800 غرام من الأرز و24 غرام من الملح” وهذا لمدة 24 ساعة.

مصطفى حاج علي يضيف أيضا أن 4000 من البغال قامت السلطات الاستعمارية بمصادرتها من أصحابها الجزائريين واستعملتها في الحملة. وهذا مثل ما حدث مع الشاعر سي يوسف أولفقي والذي قال شعرا يهجو فيه فرنسا الاستعمارية بعد أن استولى الجيش الفرنسي على دابته لهذا الغرض.

عربة لوفيفر التي استخدمت في حملة مدغشقر، تم استعمالها من طرف الجيش الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر بشكل رئيسي في مدغشقر ومملكة داهومي والسودان. صورة: متحف الفرق البحرية لما وراء البحار.

عربة لوفيفر التي استخدمت في حملة مدغشقر، تم استعمالها من طرف الجيش الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر بشكل رئيسي في مدغشقر ومملكة داهومي والسودان. صورة: متحف الفرق البحرية لما وراء البحار

وكانت مهمة الناقلين الجزائريين هي قيادة عربات تسمى “Cars Lefebvre” يجر كل واحدة منها بغل. وكان عليهم نقل المدفعية والمعدات والإمدادات والأدوية من ماجونجا إلى أنتاناناريفو، وهي رحلة طولها 600 كيلومتر.

في نهاية الحملة التي امتدت حتى الأسبوع الأول من أكتوبر، ودامت تسعة أشهر من المشقة عبر الأدغال والجبال والأنهار والمستنقعات والأماكن التي كانت قذرة في بعض الأحيان، تم الإبلاغ عن مقتل أو اختفاء 2344 ناقلًا. كما توفي العديد من العائدين وهم في طريق العودة. أما من وصلوا إلى الجزائر العاصمة، فكانوا جميعا مرضى ومصابين، وقد تم إرسال جميعهم، بحجة تجنب نقل العدوى إلى السكان، إلى سجن بيرخادم العسكري، فيما تم إرسال آخرين إلى حديقة في “كاب ماتيفو” في عين طاية حاليا، يقول محدثنا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!