هكذا رفع الطاهر وطار الحظر عن حفيدة ستالين

ينفض عبد العزيز بوباكير في كتابه الجديد “الجزائر في عيون الآخر” الغبار عن جزء من ذاكرة الجزائر الثقافية، عبر قائمة من الأسماء والقامات الفكرية والأدبية التي كانت لها علاقة بالجزائر، سواء بالزيارة أم بالتعاطي الفكري. يسرد بوباكير جملة من الذكريات والمواقف الإنسانية والفكرية لتلك الشخصيات مع بلادنا.
يفتح بوباكير في كتابه الصادر عن منشورات الوطن اليوم سجلات الشخصيات التي كانت لها علاقة بالجزائر يوم كانت بلادنا “مكة الأحرار وكعبة الثوار” من بين الشخصيات التي وقعت حضورها على أرض الجزائر نجد الفنانة سيزاريا إيفوراي غنتالا التي نشطت حفلا في سيدي فرج وابن خلدون في المهرجان الثقافي الإفريقي الذي أشرف عليه محمد الصديق بن يحي في 1969وقد أعجبت إيفوراي ببحر الجزائر وطبق الكسكسي. ورائدة الفضاء فالنتينا تيريشكوفا في السبعينيات بدعوة من الاتحاد النسائي التي طافت بعدد من المدن الجزائرية وكانت لفترة رئيسة جمعية الصداقة الجزائرية الروسية وقد رافقتها في تلك الزيارة زهور ونيسي باسم الاتحاد النسائي.
كما ذكر بوباكير بعلاقة الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم الذي كان أول ما سأل عنه عندما حل بالجزائر كاتب ياسين وجميلة بوحيرد وقد افترق على أرض الجزائر فؤاد نجم مع الشيخ إمام بسبب مستحقاتهما مع وزارة التعليم صاحبة الدعوة. ومن بين المواقف الطريفة التي ينقلها بوباكير عن نجم أنه اجتمع في سهرة في بيت بوجدرة حضرها الهادي لخضيري وسليمان الشيخ وكانت نوعا من التأكيد على موقف الجزائر الرسمي الرافض لاتفاق كامب ديفد وقد قرأ نجم قصيدة “شرفت نيكسون بابا” وما إن وصل إلى المقطع الذي يقول فيه: “وهاك تفلة- أي بصقه- على وجهك” وأطلق بصقة تلقاها خد بوباكير.
وفي ذات الكتاب عاد بوباكير إلى زيارة الشاعر الكبير محمود دوريش إلى الجزائر عدة مرات وفي إحداها حدث له موقف طريف في فندق السفير حيث نادى النادل: “قارسون”، فأجابه: “قرسون متاع” فناداه درويش: “شاف” هل عندكم بواسون” فأجابه النادل: “تأكل الستاك بالسيف عليك”. وفي ذات الزيارة تلقى درويش هدية كانت عبارة عن صينية نحاسية تركها في بهو الفندق وقال لمرافقه: “وهل عندي بيت أو وطن أضعها فيه” أفضل لو أهديت قلما أكتب به عن الجزائر”.
ومن بين الشخصيات التي سرد بوباكير قصتها مع الجزائر المناضل الكبير أندري موندوز الذي كلفه بن بلة بإعادة تنظيم الجامعة والتعليم العالي. وكان من المفكرين البارزين الذين ربطتهم علاقة وطيدة بالجزائر وتاريخها وكان مهتما خاصا بأغسطين ورفض سنة 1976 طلب الرئيس بورقيبة بإلقاء محاضرة عن أغسطين بوصفه تونسيا فكان رد أندري موندوز أن أغسطين جزائري ولا أحد سيغير هذه الحقيقة.
في ذات الكتاب عاد بوباكير إلى زيارة حفيدة ستالين إلى الجزائر في إطار ندوة عن الأدب الروسي وكانت أول زيارة لها إلى خارج الاتحاد السوفيتي ورفع عنها حظر السفر عام 1987 على إثر دعوة الطاهر وطار.
كما عاد أيضا الكاتب إلى علاقة الرئيس الراحل هواري بومدين بالمهندس البرازيلي أوسكار نومير الذي صمم مجسما للمسجد الأعظم يجمع بين البحر واليابسة غير بعيد عن ميناء الجزائر وقد أعجب الرئيس بالتصميم وكان سيجسد لولا موت الرئيس.
ويذكر أيضا الكاتب أن شخصية ناصر سنتياغو التي أبدعها غارسيا ماركيز كانت من وحي شخص خليجي التقاه في مطار الجزائر عندما زارها في ثمانينيات القرن الماضي. وفي السياق ذاته عاد بوباكير إلى لقاء الأمير عبد القادر بالإمام شاميل والخديوي إسماعيل حيث تدخل الأمير لدى نابليون الثالث لإطلاق سراح شاميل وبهذا يكذب بوباكير كلا من بوعمران الشيخ الذي قال إن شاميل وعبد القادر لم يلتقيا ويكذب بالسايح الذي قال إنهما التقيا مرة واحدة فقط.
هذا إلى جانب عدد من الشخصيات الأخرى على غرار نزار قباني وطه حسين وأحمد شوقي والعقاد وغيرهم….