الرأي

هكذا ينبغي أن تُدار الأمور…

محمد سليم قلالة
  • 668
  • 4

لم تتجاوز الاختلافات السياسية بين الجزائريين إلى حد الآن الخطوط الحمراء. مهما بدت تصريحات البعض مُستفِزَّة أو مُثيرة للقلق إلا أن رُدود فعل الجميع استمرت ضمن قواعد تنوع وجهات النظر بشأن المستقبل السياسي للبلاد بشكل عام ومستقبل القطاعات المختلفة. شيء جميل أن نصل إلى هذا المستوى من الأداء رغم ما يُقال عن ضعف الطبقة السياسية وعن عدم قدرتها على تقديم تصورات بديلة لِما ينبغي أن تكون عليه قطاعاتنا المختلفة في العقد القادم على الأقل.
لذا، فإن الفرصة تبدو لي ملائمة اليوم، على خلاف ما يتصور البعض، لطرح مشروع مشترك يشارك فيه الجميع دون استثناء وعلى ضوئه تتحدد طبيعة الإدارة السياسية التي تقوم بتنفيذه. أي أن يتفق الجميع على ما ينبغي القيام به في عشر السنوات القادمة وبعدها يتم اختيار الفريق الملائم لمثل هذه المهمة وليس العكس.
إن الدول التي تمكنت من إحداث قفزة كبيرة في مجال التنمية أو البناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي إنما حددت لنفسها الأهداف أولا ثم بحثت عن الكفاءات الأنسب لتحقيق هذه الأهداف وفق منظور عملي واضح بلا لف ولا دوران.
نحن بطبيعة الحال لم نلتحق بمصاف الدول التي تُسَيَّر بطريقة علمية، ولكننا يمكن أن نخطو الخطوات الأولى في هذا الاتجاه. علينا أن نضبط قائمة أولويات الدولة أولا وبعدها نبحث عمّن بإمكانه تجسيدها بفعالية وفي أقرب الأوقات.
وفي تقديري، هناك 07 مشكلات رئيسة ينبغي أن تحل بطريقة فعالة في خمس السنوات المقبلة هي: (الفساد، البطالة، السكن، الهوية، العدالة، التعليم، الصحة)، وعلينا أن نبحث عن الفريق الذي يُمكنه القيام بذلك. وللوهلة الأولى تتجلى لنا ملامحه، إذ لا يمكنه أن يكون مُرتبطا بالفساد أولا، وأن تكون لديه حلول واقعية لمشكلتي البطالة والسكن لا حلول فلكلورية ثانيا، وأن يُجَسِّد حقيقة الهوية الوطنية خاصة في بعدها الأمازيغي للتأثر الكبير الذي لحق بهذا البعد منذ الاستقلال ثالثا، وأن يُقيم بالفعل العدالة المستقلة ويُعيد النظر في المنظومة التربوية بما يخدم أهداف الجزائر في الألفية الثالثة فضلا عن تطويره لقطاعٍ صحي يكون هذا الفريق مستعدا للعلاج من خلاله وليس قطاعا موجّها إلى بقية الشعب في حين تستفرد قلة من المسؤولين بمزية العلاج في الخارج.
لتتفق الطبقة السياسية على أهداف كبيرة كهذه، بعيدا عن كل أيديولوجية أو ولاء شخصي، ولتتم مصارحة الشعب بذلك، وليتم الفرز على هذا الأساس. ولا شك في أن النتيجة ستكون إعادة بناء سياسة حقيقية متمحورة حول أهداف مُتَّفَق بشأنها لا سياسة صورية توغل بنا في مدح الأشخاص أو ذمهم أو تقديم فروض الطاعة والولاء لهم، وكأننا مازلنا نعيش في زمن سياسة الولاء للأشخاص المُلهَمين القادرين على صناعة الأوطان وليس العكس…

مقالات ذات صلة