الرأي

هل التطاول على الله حريةُ تعبير؟

حسين لقرع
  • 6472
  • 45

لو اكتفى الروائي والصحفي الجزائري كمال داود بالإفصاح عن عدم إيمانه، لما ثارت حوله كل هذه الضجة؛ فقد سبق للروائي رشيد بوجدرة أن صرّح في أواخر الثمانينات لأسبوعيةٍ جزائرية بأنه “ملحد ولكنه يقرأ القرآن يومياً للاستفادة من لغته وأسلوبه البديع”، دون أن تثار عليه أيّ ضجة؛ “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”، ولم يجعل الله تعالى أحداً وكيلاً على أحد، وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستطع إقناع عمه أبي طالب بالإسلام، فمات مشركاً.

المشكلة ليست في عدم إيمان داود، بل في تهجّمه على الله تعالى والقرآن الكريم ووصفهما بأوصاف نابية حقيرة تستفزّ مشاعر المسلمين جميعاً؛ فحينما يقول في روايتهميرسو.. تحقيقٌ مضادّعن كتاب الله بأنه يجد فيهلغواً غريباً ونحيباً وتهديداتٍ وهذياناً؟يجعله يشعر بأنه يستمع إلىحارس ليلي عجوز وهو يهذي؟والعياذ بالله، فإنه يحق لنا أن نتساءل: هل فكّر داود في مشاعر المسلمين وهو يتطاول على خالقه ويصفه بهذا الوصف الجارح ويسخر من كتابه الكريم بهذه الطريقة الاستفزازية المُهينة؟ وهل كان ينتظر أن يقبل الجزائريون و1 .5 مليار مسلم هذا الاستخفاف بدينهم؟

والغريب أن الذين يتضامنون مع دواد، من صحفيين ومحامين وسياسيين ومثقفين علمانيينلم يوجّهوا إليه أيّ نقد على ما قاله، أو نصيحة للاعتذار للمسلمين والكف عن الاستهتار بالمقدسات الإسلامية في رواياته وتصريحاته للقنوات الفرنسية، بل اكتفوا فقط بالتباكي علىحرية التعبيرالمهدّدة، والتحذير منعودة التطرّف، وكأنهم يؤيّدونه على امتهانه لله تعالى وكتابه الكريم.

ثم إن حمداش لم يُهدِر دم الكاتب ولم يدعُ كل من هبّ ودبّ إلى البحث عنه وقتله، كما يريد المدافعون عنه أن يوهموا الناس بذلك من خلال تأويلاتهم لبيانه علىفايس بوك، بل دعا فقط السلطاتِ إلى محاكمته وتطبيق القانون عليه، والقانونُ الجزائري واضحٌ في تجريم سبّ المقدسات وإهانتها، فلماذا التشويه والتضليل؟

على الذين يخوّفون الجزائريين منعودة التطرف، أن يكفوا عن نفاقهم ومعالجتِهم للمسألة على طريقةويلٌ للمصلينوينصحوا من يتطاول على مقدّسات الأمة بالكفّ عن ذلك؛ فهي ليست لعبة حتى يستسهلوا الخوض فيها بذريعةحرية التعبيرأوحرية الإبداعالمزعومتين.. ألا يُعدّ تطرّفاً إهانةُ مقدّسات 1.5 مليار مسلم طمعاً في نيل رضا الغرب وحصد جوائز دولية وولوج باب الشهرة العالمية؟  

 

مكافحة التطرّف تبدأ بوضع حدّ نهائي لهذا النوع من التطرّف؛ أي احتقار دين الشعب.. وإذا كان هناك من لا يؤمن به فهو حرّ في نفسه يقودها حيث يشاء، ولكن ينبغي أن يستوعب الجميع أن الدين خط أحمر ويتعلّموا كيف يقفون عنده ولا يتجاوزونه قيد أنملة.

مقالات ذات صلة