الرأي

يدير العالم من سرير نومه!

لم يمرّ أكثر من عام على جلوسه على كرسي البيت الأبيض، أو دعونا نردّدها صراحة – كما قالها بلسانه – استلقاؤه على سريره، حتى صنع عجوز الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، شبابا آخر، في بقية دول العالم، فهو تارة يغرّد وتارة أخرى يغرّد أيضا، ولم يجد أي حرج في آخر تصريحاته في تقديم شكله الفيزيولوجي، وهو بصدد التغريد، مستلقيا على سريره، يأخذ استراحة محارب في أمريكا، وينفث ما شاء إلى بقية بلاد العالم.

الرجل منح من خطاباته حبرا للمؤلفين، ومن صوره سيناريوهات للمخرجين، ومن غضبه بركانا قذف النار على أرض فلسطين وأبعد القدس عن المسلمين، وقرّبها أكثر من الكيان الصهيوني الذي يبدو أنه سينعم على مدار عهدة الرئيس الأمريكي العجوز، الذي أمضى سنته الأولى يقدّم للأمريكيين المال الوفير اقتصاديا، وللإسرائيليين مزيدا من الامتيازات، وللعرب الأوامر التي ابتعدت أكثر عن الاقتراحات، التي دأب على تقديمها الذين سبقوه في إدارة البيت الأبيض، الذين كانوا لا يغرّدون، ويجهّزون للفعل بالقول، بينما تمّيز عجوز أمريكا الأشقر، بالفعل ثم التغريد ابتهاجا بما فعل، ونكاية في الذين أضرَّتهم أفعاله.

ترامب اعترف بأن بعض تغريداته التي يتبادلها العالم بأسره، تُكتب وهو مستلق على السرير، ولم يتحدث عن وضعيات أخرى واردة، لرجل كسر كلّ الطابوهات في التعامل مع الآخرين، ولكنه كشف عن سياسة التعالي التي صارت تتعامل بها أمريكا، عندما يستلقي رئيسُها على السرير، ليكلّم بقية الجالسين والواقفين، في مختلف أصقاع العالم وغالبيتهم من القادة.

ربما فكّر ترامب في إصدار قراره الأولي بتحويل عاصمة بلاده لدى الكيان الصهيوني إلى القدس الشريف وهو على سريره كما تفضل بكشف ذلك، وربما سيعلن حربا، وهو في نفس الوضعية، على طريقة ما حدث في افغانستان والعراق. فقد كان كرسي البيت الأبيض أخطر مكان تندلع منه القرارات الحاسمة، التي غيّرت التاريخ والجغرافيا، وصار الآن سرير البيت الأبيض. وقد تنتقل القرارات إلى غرف أخرى، في هذا البيت الذي سمّيناه أبيضَ، وهو ينفث السواد في كثير من بلاد العالم، خاصة في أرض فلسطين والعراق وسوريا واليمن.

ربما سبق ترامب الكثير من قادة العرب والمسلمين بقرون بجعل السرير أحد أهمّ مواقع القرار، ولكنهم اختلفوا عنه في كونهم كانوا يقرّرون ضد شعوبهم وهم في حالة نزوة، وهو يقرر ضدهم وضد شعوبهم ولصالح شعبه وهو في قمة وعيه.

مقالات ذات صلة