-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يصومون عن الحلال ويُفطرون على الحرام

سلطان بركاني
  • 2055
  • 0
يصومون عن الحلال ويُفطرون على الحرام

تداولت كثير من المواقع الإخبارية في الأيام القليلة الماضية نقلا عن صحيفة “الإندبندنت” البريطانية خبرا لافتا مفاده أنّ الشعب السويسري رفض بأغلبية ساحقة، مشروع قانونٍ يمنح المقيمين في سويسرا من البالغين دخلا شهريا غير مشروط يُقدّر بنحو 2561 دولارٍ، وقد رأى السويسريون أنّ هذا القانون يشجّع على البطالة والكسل، وهم ليسوا في حاجة إلى دخل يتقاضونه من دون تقديم أي عمل أو خدمة.

هو ردّ فعل ربّما يكون غريبا لدى أغلب الشّعوب العربية والإسلاميّة عامّة، ولدى كثير من الجزائريين خاصّة، كيف لا وهم الذين اعتاد قطاع عريض منهم رفع شعار “راقدة وتمونجي”، ويرون أنّ المحظوظ هو من ظفر براتب مجزل مقابل عمل هيّن، وأكثر حظا منه من يتقاضى راتبا مقابل مكوثه في بيته!، وقد كانت عقود ما قبل التّشغيل التي أقرتها الحكومة في السنوات الأخيرة، المظهر الأبرز لهذا السّلوك الجزائريّ، حيث نظر إليها أغلب المستفيدين منها على أنّها منح توزّع على الشّباب ولا تقتضي منهم تقديم أيّ جهد، بل ربّما لا تحتّم عليهم الحضور إلى أماكن عملهم!. ولا تختلف عن هذه الحال حال كثير من الموظّفين الدّائمين، الذين يرون أنّ أيّ جهد يقدّمونه في أماكن عملهم هو منّة يمنّون بها على البلد، فمن حقّهم أن يتقاضوا هذه الرواتب وهم في بيوتهم، على اعتبار أنّ لهم الحقّ في الاستفادة ريع البترول!.. ويتفاقم هذا الوضع ويزداد الطّين بلّة في شهر رمضان، حيث يدخل كثير من الموظّفين في عطل غير معلنة، يصِلون خلالها إلى أماكن العمل متأخّرين، ويخرجون قبل الوقت المحدّد للخروج، ويقضون ما بين هذا الوقت وذاك في النّوم والضّجر والتّثاؤب، بل ويختار كثير منهم الحصول على عطل مرضية مزوّرة، ليقضوا رمضان ساربين بالليل مستخفين بالنّهار!.

إنّها محنة تعيشها الأمّة في شهر يُفترض أن يكون شهر نشاط واجتهاد، يحرص العبد المؤمن من بين ما يحرص في أيامه على أكل الحلال والبعد عن الحرام؛ فأيّ صيام هذا الذي لا يمنع صاحبه خيانةَ الأمانة وأكلَ الحرام؟ أيّ صيام هذا الذي يصوم صاحبه عن الحلال ويُفطر في نهار رمضان على الحرام؟ أيّ صيام هذا الذي لا يحاسِب معه العبد نفسه عن ماله ممّ وكيف اكتسبه؟.

إنّنا جميعا مدعوون لمراجعة أحوالنا، وإلى تصحيح هذا الوضع الذي نسيء به إلى أنفسنا وإلى ديننا.. نحن المسلمين أولى من السويسريين برفض تقاضي رواتبنا من دون تقديم أيّ جهد أو خدمة، وأولى النّاس بتقديم دروس للعالم في التّحلّي بالمسؤولية والاهتمام بالصّالح العامّ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!