-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان‮ ‬

‭”‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮”… ‬بعد‮ ‬48‮ ‬سنة‮

الشروق أونلاين
  • 4161
  • 0
‭”‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮”… ‬بعد‮ ‬48‮ ‬سنة‮

في مثل هذه الأيام قبل 48 سنة انتفض الشعب الجزائري، معلنا بقوة رفض المشروع البديل لاستقلاله التام غير المنقوص: مشروع “الجزائر الجزائرية” الذي جاء الرئيس دوغول يمهد له، انطلاقا من عين تموشنت ووهران ابتداء من 9 ديسمبر 1960. يعتمد هذا المشروع في حقيقته أطروحات الوزير الأول آنذاك، ميشال دوبري، الذي كان يريد “مفاوضة المنتخبين” من أعيان القوة الثالثة على “استقلال” الجزائر، في ظل شراكة متينة مع المستوطنين الفرنسيين (الكولون) تحت رعاية “الوطن الأم” اليقظة.

  • طرح الرئيس دوغول فكرة “الجزائر الجزائرية” أول مرة في مارس 1960، خلال “جولة المطابخ” (الثانية) لجس نبض جنرالات جيش الاحتلال، ومعرفة مدى تقبلهم حلا وسطا بديلا لـ “الجزائر الفرنسية” التي يتشبثون بها مساندة للأغلبية الساحقة من “الكولون”. وأعاد الكرة بشيء من الوضوح في خطاب 14 يونيو من نفس السنة، مبينا أن “الجزائر الجزائرية” لا يمكن أن تكون “جزائر الكولون” التي تجاوزها الزمن، ولا “الجزائر العربية المسلمة” التي كانت جبهة التحرير الوطني تكافح في سبيلها.
    ولتجسيد “الحل الثالث” في الميدان عين في نوفمبر 1960جان موران مندوبا عاما جديدا، بعد فشل الثنائي دلوفريي -شال في تحقيق “سلم الشجعان” المرحلة الأولى من سياسة الجنرال دوغول إثر عودته إلى الحكم في مطلع يونيو 1958.
    وفي 5 ديسمبر الموالي زوده بمذكرة مطولة تشرح تفاصيل ومراحل “الجزائر الجزائرية”، وتحدد هدفا رئيسيا في هذا الإطار: “جلب أكبر عدد ممكن من المسلمين (الجزائريين) المؤهلين نحو المناصب الإدارية والسياسية، وإقناع أعيان القوة الثالثة الذين ما زالوا يبدون نوعا من التردد‮…” ‬وكان‮ ‬الجنرال‮ ‬دوغول‮ ‬ينتظر‮ ‬من‮ ‬هذا‮ “‬الانفتاح‮” ‬على‮ “‬القوة‮ ‬الثالثة‮” ‬إغراء‮ “‬المعتدلين‮” ‬في‮ ‬صفوف‮ ‬جبهة‮ ‬التحرير‮ ‬ذاتها‮ ‬وحملهم‮ ‬على‮ ‬قبول‮ ‬حل‮ ‬‭”‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮”. ‬
    ‭*‬‮ ‬في‮ ‬إطار‮ ‬نتائج‮ ‬الشق‮ ‬الإداري‮ ‬لسياسة‮ “‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮” ‬نكتفي‮ ‬بذكر‮ ‬تعليقين‮ ‬من‮ ‬جان‮ ‬موران‮: ‬
    1‭-‬‮ “‬إن‮ ‬عدد‮ ‬المسلمين‮ ‬الذين‮ ‬التحقوا‮ ‬بالوظيف‮ ‬العمومي‮ -‬بفضل‮ ‬الإجراءات‮ ‬الجديدة‮- ‬بلغ‮ ‬في‮ ‬نهاية‮ ‬1961‮ ‬زهاء‮ ‬10‮ ‬آلاف‮ ‬موظف‮”. ‬
    2‭-‬‮ “‬كانت‮ ‬النخبة‮ ‬المسلمة‮ ‬واعية‮ ‬بأهمية‮ ‬رفع‮ ‬المستوى‮ ‬الثقافي‮ (‬بالفرنسية‮) ‬للشباب،‮ ‬وتكيفه‮ ‬مع‮ ‬الحضارة‮ ‬الغربية،‮ ‬لأن‮ ‬في‮ ‬ذلك‮ ‬ورقة‮ ‬رابحة‮ ‬للجزائر‮ ‬الجزائرية‮ ‬المرتبطة‮ ‬بفرنسا‮”…‬
    كان موران هنا يعلق على تقرير “للمحافظة العامة للشبيبة”، جاء فيه بلسان مديرها “بوتي بون: “إن المشاورات التي أجراها مع المسلمين جعلته يعتقد أن مصير الجزائر ستحدده إلى حد كبير الإطارات التي نكونها خلال الأشهر القادمة
    ‮‬على‮ ‬الصعيد‮ ‬السياسي‮ ‬كشف‮ ‬الرئيس‮ ‬دوغول‮ ‬عن‮ ‬مضمون‮ “‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮” ‬في‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬مناسبة‮ ‬نذكر‮ ‬منها‮: ‬
    – قوله‮ ‬لمدير‮ ‬يومية‮ “‬ليكو‮ ‬دوران‮” (‬صدى‮ ‬وهران‮) ‬قبيل‮ ‬9‮ ‬ديسمبر‮ ‬1960‮: “‬إن‮ ‬حل‮ ‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮ ‬يعتمد‮ ‬على‮ ‬فرنسيي‮ ‬الجزائر‮… ‬وهي‮ ‬الفرصة‮ ‬التي‮ ‬أمنحها‮ ‬إياهم‮”.. ‬
    – قوله في لقاء بأعيان “النخبة” المسلمة في تلمسان: “الجزائر الجديدة هي الجزائر الجزائرية المكونة من طائفتين: طائفة أولى وهي الأغلبية وطائفة ثانية وهي ضرورية للجزائر مع ذلك مثل الخميرة للعجين. وهذه الجزائر التي تبرز شيئا فشيئا تظل مرتبطة بفرنسا”…
    ويكشف موران طابع المناورة في مفاوضات إيفيان الأولى (مايو- يونيو) بناء على اختيار “الجزائر الجزائرية” ذاته، فقد كان قصد الجانب الفرنسي من قبول الجلوس الى طاولة التفاوض قبالة جبهة التحرير هو “معرفة المطالب الحقيقية للجبهة، ومنح المعقول منها إلى مسلمين من الداخل بنية إفراغ كفاحها من محتواه، وحملها بالتالي مضطرة على الانضمام إلى اتفاق عام يشمل “القوة الثالثة “وممثلي المستوطنين الفرنسيين”.. وهذا ما يفسر سؤال الرئيس الفرنسي للمندوب العام قبل إيفيان الأولى: “هل بإمكانك أن تجد مسلمين (مقبولين) لتشكيل حكومة مؤقتة في‮ ‬حال‮ ‬فشل‮ ‬المفاوضات؟‮”. ‬
    وكان‮ ‬المفروض‮ ‬أن‮ ‬تتوج‮ “‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮ ” ‬‭-‬حسب‮ ‬شهادة‮ ‬موران‮ ‬دائما‭-‬‮ ‬في‮ ‬أكتوبر‮ ‬1961‮” ‬بعقد‮ ‬مؤتمر‮ ‬عام‮ ‬للمنتخبين‮ ‬يحضره‮ ‬الرئيس‮ ‬الفرنسي‮ ‬شخصيا،‮ ‬يتم‮ ‬خلاله‮ ‬تعيين‮ ‬هذه‮ “‬الحكومة‮ ‬المؤقتة‮”.. ‬
    لكن ترى من يمكن أن يتجرأ على تعليق الجرس من بين “الشخصيات المسلمة” التي كان الجنرال دوغول يراهن عليها؟. لقد اشترط المعول عليهم باختصار مشاركتهم في “الحكومة المؤقتة” بالتفاهم مع جبهة التحرير وعدم اعتراضها على وجودهم فيها.
    ‭ ‬وهكذا‮ ‬سقطت‮ ‬ورقة‮ “‬الجزائر‮ ‬الجزائرية‮”.. ‬ولكن‮ ‬إلى‮ ‬حين،‮ ‬لأنها‮ ‬وجدت‮ ‬من‮ ‬بين‮ ‬الجزائريين‮ ‬من‮ ‬يتبناها‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬الاستقلال‮ ‬والحرية‮. ‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!