-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
‭ ‬واردات‭ ‬خيالية‭ ‬منذ‭ ‬2009‭ ‬أغلبها‭ ‬كماليات ‭ ‬

الجزائريون‭ ‬استهلكوا‭ ‬986‭ ‬ألف‭ ‬مليار‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة

الشروق أونلاين
  • 4979
  • 0
الجزائريون‭ ‬استهلكوا‭ ‬986‭ ‬ألف‭ ‬مليار‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة
ميناء الجزائر

تسبب التحرير الفوضوي للتجارة الخارجية في انتفاخ مفتعل مبالغ فيه لفاتورة الواردات منذ 2009، حيث بلغت القيمة الإجمالية للواردات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة مستوى 137 مليار دولار، ما يعادل 986 ألف مليار سنتيم، على الرغم من التراجع المسجل في وتيرة تنفيذ البرنامج‭ ‬الخماسي‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتفليقة‭ ‬بعد‭ ‬انتخابه‭ ‬لولاية‭ ‬رئاسية‭ ‬ثالثة‭. ‬

وكشف الخبير الاقتصادي والمحلل المالي في البورصة السويدية، نورالدين لغليل، في تصريح لـ”الشروق”، أن جميع المعطيات والمؤشرات الاقتصادية التي تعلنها الحكومة الجزائرية والديوان الوطني للإحصاء، تؤكد على أن الارتفاع الخطير المسجل في فاتورة الاستيراد، خلال السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬توحي‭ ‬بوجود‭ ‬نزيف‭ ‬منظم‭ ‬لاحتياطات‭ ‬الجزائر‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬نحو‭ ‬الخارج،‭ ‬وتبييضها‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬تجارية‭ ‬وهمية‭ ‬في‭ ‬الغالب‭.‬
وأضاف المتحدث، أن المؤشرات المتعلقة بالنمو الاقتصادي، وخاصة نمو الناتج الداخلي الخام في الفترة بين 2006 و2011، الذي سجل نموا سنويا يتراوح بين 3.5 و6.3 بالمائة، خلال نفس الفترة وأرقام التضخم التي استقرت عند حدود 4.5 بالمائة في المتوسط، ومؤشرات البطالة التي تراجعت بحوالي 5 نقاط مئوية فقط من حوالي 15 بالمائة، إلى حوالي 10 بالمائة، ومعدل نمو القدرة الشرائية في جانبها المتعلقة باستهلاك الأسر لم تتغير بشكل يبرر هذا التنامي الخطير لتهريب العملة الصعبة نحو الخارج، مشددا على أن دخل الأسر الجزائرية لم يتطور بالأسعار الحقيقية بالشكل الذي يرفع فاتورة الاستيراد السنوية إلى حوالي 60 مليار دولار، بالمقارنة مع معدل ارتفاع عدد السكان ومعدل التحول في التركيبة الديمغرافية بالانتقال نحو شيخوخة المجتمع الجزائري، والأخطر من ذلك أن معدلات الإنتاجية الصناعية للجزائر عرفت تراجعا حادا‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الشفق‭ ‬المتعلق‭ ‬بالطلب‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬والمواد‭ ‬النصف‭ ‬مصنعة،‭ ‬بل‭ ‬وغياب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الصناعية‭ ‬بسبب‭ ‬المنافسة‭ ‬الشرسة‭ ‬للمنتجات‭ ‬المستوردة‭.‬
وأضاف لغليل، أن المؤشرات السابقة الذكر، فضلا عن شبه الاستقرار المسجل في معدلات النمو الديمغرافي للجزائر، ومحدودية قدرة الاستيعاب للاقتصاد الجزائري التي لا تتعدى 15 مليار دولار سنويا في أحسن الظروف، تجعل من ارتفاع فاتورة الاستيراد بمعدل 300 بالمائة في أقل من 5 أعوام عملية شبه مستحيلة، في حال وجود جهاز رقابي حقيقي، مشيرا إلى أن السلع والخدمات التي دخلت إلى الجزائر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لا يمكن أن تبلغ قيمتها 40 مليار دولار، مشددا على أن الشيء الوحيد الأكيد هو خروج حوالي 60 مليار دولار من الجزائر إلى الخارج،‭ ‬غير‮ ‬أن‮ ‬ذلك‮ ‬لا‮ ‬يعني‮ ‬أن‮ ‬‭ ‬‮ ‬قيمة‮ ‬السلع‮ ‬والخدمات‮ ‬المستوردة‮ ‬تمت‭ ‬فوترتها‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭ ‬والأخطر‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتأكد‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬المفوترة‭ ‬لم‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر‭ ‬أصلا‭.    ‬
وكشف المتحدث أن هذا الانفتاح الفوضوي ولد عادات استهلاكية سلبية لدى المواطن الجزائري، حيث تراجعت نسبة استهلاك الخضر والفواكه والبروتينات الحيوانية والنباتية ومنتجات الحليب، وهو ما يفسر إصابة عدد كبير من المواطنين بأمراض خطيرة على الرغم من ارتفاع نصيب الفرد من‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬1806‭ ‬دولار‭ ‬سنة‭ ‬2000‭  ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬5500‭ ‬دولار‭ ‬سنة‭ ‬2011‮ ‬‭.  ‬
وقال لغليل، إن السبب الرئيسي في الانتفاخ المفتعل لفاتورة الاستيراد يعود بالدرجة الرئيسية إلى فشل الإجراءات المتخذة من الحكومة وبنك الجزائر، حيث ناهزت فاتورة الواردات نهاية 2011 حوالي 57 مليار دولار مقابل خلال العامين الفارطين 80 مليار دولار سنتي 2009 و2010، مضيفا أن هذه القفزة غير متوقعة حتى من قبل أكثر الخبراء تشاؤما، منتقدا الصمت الرسمي حيال هذا الارتفاع الرهيب، الذي يخفي وراءه حقائق مرعبة عن تبييض الأموال وتضخيم فواتير الاستيراد من طرف المتعاملين الاقتصاديين، لتبرير تحويل ملايير الدولارات نحو الخارج سنويا‭ ‬بشكل‭ ‬أصبح‭ ‬مفضوح‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭. ‬
وأوضح لغليل، أن الآلية التي يلجأ إليها المستوردون لتحويل العملة نحو الخارج معروفة، وهي تضخيم فواتير الخدمات والسلع المستوردة أو اللجوء إلى تأسيس شركات وهمية في دول تعرف بالملاذات الضريبية الآمنة، لتبرير تحويل مبالغ خيالية من الجزائر إلى الخارج بشكل مبالغ فيه،‭ ‬أمام‮ ‬فشل‮ ‬آليات‮ ‬المراقبة‮ ‬المعتمدة‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬بنك‮ ‬الجزائر‭.‬‮ ‬‭   ‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!