-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

Beaucoup.. حرام!

عمار يزلي
  • 1098
  • 2
Beaucoup.. حرام!

لم يعد هناك عندنا اليوم ما يُسمى “الحلال بيِّن والحرام بيِّن”، فالكل صار حلالا محللا من كل حرام، وهذه هي أولى بوادر العولمة الغربية. تحليل الحرام وتحريم الحلال هي السمة التي تميز اللبرالية الرأسمالية الغربية المعتمِدة على النفعية وشهوة الربح الذي لا يقبل رائحة غير رائحة الأنانية المتمثلة في إشباع الحاجيات التي لا تُشبع من المال والشهوات الجسدية الحيوانية.. والدليل، هذا الإقبال المتوحش على الاحتفالات المجنونة والماجنة أحيانا بمناسبة يوم ديني في أصله: ميلاد المسيح.. وهو منه براء..

في المقابل، صار الدم كيفما كان من أرخص الأشياء الثمينة، فيما صارت أتفه السلع من أغلى الأشياء البخسة!
وإذا كنا قد عرفنا في القرن الماضي بروز التطرف اليساري والدموية الستالينية والأحزاب المسماة شيوعية واشتراكية، باسم “الواحدية” وباسم “دكتاتورية البرولتاريا”، فإن الكثير من المستنيرين، ينادون إلى الدين “السَّمح” بتحليل ما حرَّم الله وهذا أيضا باسم الدين!

الخوارج كانوا أكثر الفرق تشددا، ولم يكونوا كلهم سواء في التشدد.. لكن الأزارقة مثلا.. (أتباه نافع الأزرق)، كانوا يمثلون الاتجاه التكفيري، هو ذاته اليوم الذي يَنزع عن المسلم صفة الإسلام بدعوى أنه “فاسق” أو “منافق” أو “طاغوت” أو ما شابه ذلك من النعوت! فحتى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، قتله الخوارج على يد عبد الرحمن بن ملجم.. باسم الدين! وباسم الحق الإلهي (الحاكمية)! قتل عبد الرحمن بن ملجم الإمامَ علي، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وزوج أعز بناته.. فاطمة الزهراء.. ومربيه من الصغر حينما تكفَّل بتربيته من أبيه أبي طالب.. هذا دون أن نذكر علمه وورعه وتقواه.. قتله بن ملجم الخارجي وهو في المسجد.. ولما سُئل عن سبب قتله (قبل أن يتم إعدامُه)، أجاب قائلا: قتلته تقرُّبا من الله!
هذا التشدُّد الأعمى في فهم التدين هو سبب المآسي اليوم، تماما كما كان الفهم القاصر والسيئ للعدل والعدالة سبب الكوارث والمذابح أيام المد الشيوعي!
وجدتُ نفسي أمام هذا الوضع، أحضر جلسة إمامية في منظمة “بوكو حرام” النيجيرية.. التي تستهدف المسحيين وغير المسيحيين باسم الدين والتدين.. قلت لهم: أعرف أن المسيحيين ما عادوا مسيحيين كما جاء به المسيح عليه السلام، رمز التسامح والمحبَّة بين الناس جميعا، وأنهم صاروا باسم المسيحية يعلنون احتلال شعوب وأقوام مستعمِلين كل الطرق القديمة والحديثة من سفك للدماء وتقتيل وإبادة وتجويع واستعباد واسترقاق وبطش وظلم ونهب وتخريب وحرق وخرق… لكن أنتم اليوم أيضا صرتم غير مسلمين بأفعالكم غير الإسلامية، عندما تعتدون على الأبرياء إلا لأنهم مسيحيون أو غير مسلمين!
قالوا لي: أنتَ معهم أم معنا؟ أنتَ لست مسلما رغم أنك تصلي بنا منذ سبع سنوات.. أنت خائن! قلت لهم: اليهود قتلوا حتى الأنبياء وكذبوهم، لهذه الأسباب بالذات.. لأنهم جاؤوا بما لا تهوى أنفسهم.. أنتم مثلهم، تريدون إماما، على قدر أهوائكم المتمثلة في حب المُلك والتملك.. النبي صلى الله عليه وسلم جاء لنا داعية وليس ملكا.. والمسلمون الأوائل كانوا دعاة لا جُباة.. وعندما تحولوا إلى جُباة بداية من العهد الأموي، لم يعودوا دعاة، فتحول ملكُهم إلى ملك عضد كما يقول ابن خلدون!
وأجد نفسي في قنصلية إسطنبول، وجها لوجه مع بوكو.. حرام.. ولولا يقظتي باستيقاظي في الوقت المناسب، لوجدتُ نفسي أتخشقج في الوقت الضائع..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • شخص

    خاصةً مع كثرة القنوات الفضائية الخاصة، أصبحنا نسمع ديناً جديداً ما أنزل الله به من سلطان !

  • Ahmed

    Thank you sir i hope the rest us follow the right path