الرأي

Thinking‭ ‬big

محمد سليم قلالة
  • 3162
  • 6

منذ نحو ثلاثين سنة اكتفت بلادنا باعتماد سياسة تقوم على اتخاذ القرارات الصغيرة، وعلى اعتماد السياسات الصغيرة كمنهج للتسيير: بدل بناء مدن جديدة تبني أحياء جديدة، وبدل بناء أقطاب جامعية كبرى تبني مراكز جامعية في كل مكان، وبدل بناء مستشفيات كبرى يتم إنفاق الملايير في ترميم الموجود منها أو بناء مراكز استشفائية جاهزة وغير قابلة للتوسعة، وبدل إنشاء شركات عملاقة يتم تفتيت الموجود منها وإنشاء الصغرى فالصغرى، وبدل التفكير في إنجاز مركبات ضخمة لإنتاج المركبات والآليات يتم غلق ما هو موجود منها وتعويض ذلك باستيراد كافة أنواع السيارات، وبدل زرع المساحات الكبرى بمختلف أنواع البذور يتم اعتماد سياسة تجزئة المزارع وتقليص المساحات، وبدل أن تتم بلورة اتجاهات سياسية كبرى تجمع شمل الأمة تتم تجزئة ما هو موجود منها إلى أن أصبح لا فرق بين الأحزاب والجمعيات… وهكذا في كافة القطاعات،‮ ‬إلى‮ ‬درجة‮ ‬أن‮ ‬تم‮ “‬تصغير‮” ‬كل‮ ‬كبير‮ ‬،‮ ‬و‮”‬تعظيم‮” ‬كل‮ ‬صغير‮ ‬حتى‮ ‬قبل‮ ‬مسؤولون‮ ‬كبار‮ ‬تدشين‮ ‬إعادة‮ ‬ترميم‮ ‬حي‮ ‬أو‮ ‬منشأة،‮ ‬أو‮ ‬إعادة‮ ‬فتح‮ ‬معمل‮ ‬لإنتاج‮ ‬كماليات‮ ‬بمواد‮ ‬مستوردة‮ ‬100‮ ‬‭%‬‮ ‬‭… ‬

ومعلوم‮ ‬كما‮ ‬يقول‮ ‬علماء‮ ‬الاستشراف‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬المجال‮ “‬أن‮ ‬احتمال‮ ‬اتخاذ‮  ‬القرارات‮ ‬الكبيرة‮ ‬يتناقص‮ ‬بقدر‮ ‬تراكم‮ ‬القرارات‮ ‬الصغيرة‮”‬

 

‮( ‬J‭.‬Lesourne‮) ‬سواء‮ ‬كان‮ ‬ذلك‮ ‬في‮ ‬حياة‮ ‬الفرد‮ ‬أو‮ ‬المؤسسة‮ ‬أو‮ ‬الدولة‮.‬

فكم‮ ‬تراكم‮ ‬لدينا‮ ‬من‮ ‬قرارات‮ ‬صغيرة‮ ‬في‮ ‬العقود‮ ‬الثلاث‮ ‬الأخيرة؟

يبدو أن الأمر قد زاد عن حده إلى درجة أن أصبحنا اليوم في حاجة ماسة لقرارات  كبيرة تكون في حجم  دولة مثل دولتنا إن في الاقتصاد أو في السياسة أو في المواقف الدولية… لم يعد من المقبول البتة أن نستمر في اعتماد سياسة القرارات الصغرى التي تُنقص من همم الرجال ولا تنتج قامات في الفكر ولا في الاقتصاد ولا في السياسة…الفترة المقبلة ينبغي أن تكون فترة الخيارات الإستراتيجية الكبرى. كفى حديثا عن حل مشكلة السكن لهذا الحي أو ذلك بل ينبغي الحديث عن بناء هذه المدينة أو تلك، كفى حديثا عن بناء مستشفيين في العاصمة خلال 30 سنة والتفكير في بناء مجمعات صحية كبرى لا يخرج منها المريض إلا وهو سالم معافى.. كفى بناء للمعاهد والكليات داخل أحياء العاصمة الضيقة، كفى ترميما للمرمم، وتزيينا للقديم، وترقيعا للبالي… الجزائر في حاجة إلى قرارات كبيرة أيها الناس وإلا فإنها ستصغر في كل شيء حتى‮ ‬في‮ ‬مساحتها‮… ‬ولتحقيق‮ ‬ذلك‮ ‬ينبغي‮ ‬فتح‮ ‬نقاش‮ ‬واسع‮ ‬أيضا‮ ‬بمنهجية‮ ‬Thinking‭ ‬big‮ ‬أي‮ ‬أن‮ ‬نفكر‮ ‬برؤية‮ ‬كبيرة‮ ‬لتحقيق‮ ‬أهداف‮ ‬كبيرة‮ ‬على‮ ‬حد‮ ‬قول‮ ‬schwartz‮ ‬مع‮ ‬تذكرنا‮ ‬باستمرار‮ ‬قول‮ ‬المتنبي‮: ‬

على‮ ‬قدر‮ ‬أهل‮ ‬العزم‮ ‬تأتي‮ ‬العزائم‮ .. ‬

وعلى‮ ‬قدر‮ ‬الكرام‮ ‬تأتي‮ ‬المكارم

وتعظم‮ ‬في‮ ‬عين‮ ‬الصغير‮ ‬صغارها‮..‬

وتصغر‮ ‬في‮ ‬عين‮ ‬العظيم‮ ‬العظائم

مقالات ذات صلة