-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التفكير العنقودي أخطر من القنابل العنقودية

التفكير العنقودي أخطر من القنابل العنقودية

يدعم الغرب أوكرانيا ضد روسيا حتى بالقنابل العنقودية المُحرَّمة دوليا، ولا يأسف لذلك، وقد يدعمها مُستقبَلا بأسلحة أخرى أكثر فتكا قد تصل إلى النووي، ليس حُبًّا فيها ولا دفاعا عن المظلوم كما يزعم.. إنما خدمة لمصالحه، وأسلوبا من أساليب إضعاف خصومه الاستراتيجيين ومنعهم من إحداث نقلة نوعية في التوازن الدولي تكون لصالح الشرق على حسابه. ويضع العالم في صورة أنه يقف ضد العدوان والظلم واحتلال أراضي الغير ومَنع مُحاصَرة الأنظمة الديمقراطية الليبرالية… وفي الجهة الأخرى، عندما يَتعلق الأمر بفلسطين، وباحتلال صهيوني صارخ لأراضيها، وإبادة مُمَنْهَجَة لشعبها، وحصار وتدمير، واعتداءات وحشية يومية على الأبرياء، وأسْر عشرات الآلاف في السجون والمعتقلات في أحلك الظروف، وسجن الملايين من أصحاب الأرض الشرعيين داخل مخيَّمات مُحاصَرة من كل جانب أو في قطاع ضيق محدود المساحة كقطاع غزة… يَعتبر الأمر هِيِّنا ولا يحتاج سوى لدعوات إلى ضبط النفس من قبل المظلوم، وشدٍّ على يد الظالم باعتباره مُدَافعا عن نفسه في غير أرضه وعن كيانه المغتصِب… ومن دون أي تردد يزيد هذا الظالم الصهيوني دعما بالسلاح وبملايير الدولارت، ويرفع من وتيرة دعايته المضادة ضد المظلومين بأنهم إرهابيون ومتطرفون ويريدون منع الآخر من العيش… أَليس هذا ما يجعلنا كشعوبٍ مضطَهدة عانت ويلات الاستعمار الغربي الخبيث والاستغلال المُميت لشركاته العالمية ومؤسَّساته الدولية أن نقف مع الطرف الذي يعمل من أجل تغيير مثل هذه الممارسات العالمية الظالمة وهذا التفكير العنقودي الغربي الذي لم يتوقف يوما عن التلاعب بقضية: مَن الظالم ومَن المظلوم؟ يُكيِّفها كما يشاء، ويتعامل بها على هواه، ولا يتردد في استخدام كل جبروته وقوته لفرضها فرضا.. هل كان العراق ظالما حتى تُشنُّ عليه حربٌ عالمية قضت على ملايين من أبنائه؟ هل كانت أفغانستان ظالمة حتى تُحتل لأكثر من 20 سنة؟ هل كانت ليبيا ظالمة حتى يَشُنُّ عليها الحلفُ الغربي حصارا فحربا ليتركها دمارا منقسمة على نفسها؟ وقِس على ذلك بقية الشعوب المضطهَدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث مازالت الثروات تُنهَب إلى اليوم، ومازالت الشركات العالمية الغربية تُهيمِن على الحكومات الوطنية وتمنعها من اختيار سياسات مُستقلة، ومازالت الوصاية قائمة على إضعافها لمنعها من التعامل مع القوى الصاعدة الجديدة كالصين وروسيا.
ألا يكفي هذا الواقع ليفهم الغربُ أن تفكيره العنقودي المدمِّر فيما هي محاولته البقاء سيدا في هذا العالم أخطر من قنابله العنقودية؟ ألا يدرك بأن كليهما قد فاته الأوان؟ وأن ما يحدث اليوم من تحولات جيواستراتيجية كبرى إنما هو في غير صالح بقائه مهيمنا متغطرِسا إن بأفكاره أو قنابله؟ ألم يعلم الغرب أن روسيا اليوم ليست سوى الحصن الأول الذي سَتنكسر أمامه شوكته سواء استخدم العنقودي أو غيره بعد أن فشلت كل أساليبه الأخرى لتحقيق أدنى نصر على أرض الواقع؟ ألا يعلم الغرب بأن روسيا ستُنهِك قواه، لِتأتي الصين وتقضي على نظامه المُترنِّح، ثم تُكْمِل القضاء عليه نهضة الشعوب المضطَهَدة والأغلبيات الرافضة لعنصريته بداخله؟ ألا يُدرك أن المقاومة في فلسطين، رغم كل وسائل الدعم للكيان الصهيوني، باتت تُحقِّق النصر تلو الآخر وهي في الطريق نحو دَفْع جنوده المذلولين إلى التقهقُر والهزيمة رغم وحشية أساليبهم وتفوُّقهم في التدمير والتخريب وطغيانهم وظُلمهم الذي فاق كل الحدود.
ألم يعلم هذا الغرب الظالم، أن مثل هذا الكلام أصبح واقعا وميدانيا في أكثر من جبهة اليوم، تقوم به أحد القوى النووية في شرق أوكرانيا دفاعا عن نفسها، كما تقوم به دولة مستَضعفَة نامية في مالي ضد الجبروت الفرنسي، وتقوم به كتائب “جنين” بما تملك من سلاح إيمان وإرادة ضد طغيان الصهاينة، ويقوم به آخرون تجهلونهم؟ لقد حان وقت نهاية تفكيركم العنقودي القاتل وحان وقت تفكيك قنابلكم العنقودية وإراحة العالم من كليهما معًا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!