-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“حَرْقة” الفقراء.. و”حَرْقة” الأغنياء!!

محمد سليم قلالة
  • 1295
  • 10
“حَرْقة” الفقراء.. و”حَرْقة” الأغنياء!!
أرشيف

نكاد نتفق جميعا على أننا في حاجة إلى استعادة الأمل… وفي ذات الوقت نكاد نجزم بعجزنا عن القيام بذلك، إن لم نقل باستحالة ذلك في كثير من الأحيان… أغلب محاولاتنا لزرع الأمل في نفوس شبابنا إنما تتم من خلال سعينا لأقناعهم بأن المستقبل إنما هو في بلادهم وأحيانا بالتركيز على وهم الجنة التي تنتظرهم في الخارج، وكثيرا ما ننتقي الأمثلة الفاشلة التي تَعرَّضَ لها أترابهم ممن غامروا بالهجرة ونُقدِّمها لهم كأسوإ سيناريو ينتظرهم…
وفي كل الحالات، يأتينا الرد بذات الكيفية: “نَعلَم ذلك، ولكننا مُصرُّون على أنه لا أمل في هذه البلاد، وأنه لا بديل لنا عن مغادرتها متى أُتيحت لنا الفرصة”… هل هذا إصرار من قبيل المكابرة؟ أم إنه يُخفي حقيقة عميقة ينبغي الانتباه إليها؟
يبدو لي أنه بالفعل يُخفي حقيقة علينا الانتباه إليها، أننا بالكيفية التي نتعامل بها مع أبنائنا محاولين ثَنيَهُم عن التفكير في الهجرة، والحرقة، وإقناعهم بضرورة البقاء في وطنهم الذي لا مثيل له بين الأوطان، إنما ننسى أمرا جوهريا نادرا ما نُركِّز عليه ونحن نحاججهم في هذا الأمر، وهو المثال الحي والقدوة.
مَن هو الطرف الذي يدعوهم إلى البقاء؟ ومن تكون الجهة التي تُحاول إقناعهم بذلك؟ هل هي محل ثقة؟ هل تُشكل القدوة التي ينبغي الاقتداء بها؟ أم إنها أطراف تقول ما لا تفعل وتتصرف بعكس ما تدعو إليه؟
أليست هذه هي الأسئلة الجوهرية التي ينبغي أن تُطرَح بدل كل تلك الحجج الواهية عن كون الوطن هو الأفضل والهجرة هي الأسوأ؟
بالفعل هي كذلك، إذ لا يُمكننا قط إقناع شبابنا بالعزوف عن الهجرة ومسؤولو بلدهم والغالبية الساحقة من المستفيدين من ريعه… تُعَد هذه “الهجرة” خيارهم الأول والأخير، لسكنهم ورؤوس أموالهم وعلاجهم ودراسة أبنائهم وغيرها من متطلبات الحياة… فكيف بأبناء الشعب البسطاء أن يقتنعوا بالعزوف عنها، وإن كان ذلك بطلب من أمهاتهم وآبائهم؟
لذا، فإن ظاهرة السعي للفرار من هذا الوطن بكل الوسائل لن تعرف تراجعا أو انكماشا ولن تتوقف مادامت القدوة لم توجد ومادام كبار القوم يفضلونها لأنفسهم وأبنائهم وأموالهم ولكل ما يملكون… وكذلك الأمل إذا أردناه يعود… فلن يكون إلا من خلال القدوة والمثل الحي لسراة القوم قبل الأولياء والبسطاء…
إننا لن نستطيع أن نُعالج “حَرْقة” الفقراء… بحجة أنها غير مشروعة، وفي ذات الوقت نغض الطرف على “حَرْقة” الأغنياء التي تتم وفق القانون وباسم الحق الطبيعي في نقل البضائع ورؤوس الأموال وكل ذي قيمة في هذه البلاد…
أوقفوا “حَرْقة” الأغنياء تتوقف “حَرْقة” الفقراء… ويعود الأمل إلى الناس جميعا…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • hakim

    الرد على :Abd el Kader
    انت تتفلسف كثيرا حتى الحديث الذي ذكرته يجب ان يفهم في سياقه , القضية تعالج بمنظور المتسبب في هذه الحالة , و ليس دراسة سيسيولوجيا للمجتمع , (ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقران ) فالذي بيده الحكم هو الذي بيده الحل و الربط ,فأساس الظاهرة فساد السلطة و المتنفذين فيها , و غياب النخبة و تفلسفهم كامثالك ترك الشباب بلا امل و لا قائد يقودهم مثلما كان في الثورة التحريرية , بل تثبطونهم لأي تحرك من اجل كسر قيود الاستعباد و تسوقون الاحاديث وفق اهوائكم و مصالحكم , فالتغيير يكون في فكر النخبة و زرع الامل في الشعب و إعادة الحكم الى الشعب فالشعب هو السيد .

  • Abd el Kader

    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

    مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ

    صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (828) .

  • م/ أولاد براهيم.

    يا أستاذ . الاسئلة التي طرحتها تصب في صلب الموضوع.بل هي المضوع كله. ولكن قبل محاولة الاجابة عليها قدر الامكان. اسمح لي أن اطرح الأسئلة التالية: من هم هؤلاء الحراقة ؟ وضعياتهم الاجتماعية؟ وهل لم يبق أمامهم الا الحرقة ؛ وما هو دور العائلة ( مشروع الحراق)؟ وما دور السلطات المحلية التي تنطلق منها قوارب الموت؟ وكيف عولجت الحالات التي فشلت (السجن لا؟ )؟ أرى أن الظاهرة أخذت بعدا تنافسيا تشارك فيه حتى المرأة الحامل التي لم يبق لوضعها شهر أو ؛ والمرضى من المستشفيات ؛ والعامل؛ والاطار الذي مرتبه يفوق أويساوي 100 ألف ؟ هل أجريت دراسة سوسيولوجية؛ اجتماعية أقتصادية لهذه الظاهرة ؟ أينهم الاكاديميون؟

  • Abd el Kader

    الشباب اللي يحرق الى فرنسا مهما كان فهو اقل فقرا وبؤسا من الجزائريين الذين رفعو السلاح ضد فرنسا ورفضو الاندماج معها اثناء فترة حكم سوستيل العالم الانثربولوجي. يعني هناك تناقض صارخ . السبب هو ان الجزائريين كان لديهم معنى لمعاناتهم, ما تسميه الامل. اما الان فهذا الشباب فقد المعنى, لهذا يبحث عنه في الحرقة كقولهم ياكلني الحوت ..الخ فهذا ابتكار جيد لمعنى المعاناة . تحدي النخبة الان , اذا كانت توجد اصلا, هو ابتكار معنى اقوى واكثر اقناعا للشباب .

  • Abd el Kader

    حتى لو اوقفت حرقة الاغنياء فلن تتوقف حرقة الشباب ولا اقول الفقراء لان منهم من حصل على مليار من الانساج استعمله في الحرقة. ان ظاهرة الحرقة عبارة عن شكل من اشكال الانتحار الذي يبدو مقبول اجتماعيا ناتج عن حالة كلينيكية هي الاكتئاب الشديد. ومعلوم ان هذا الاخير من عوارضه افكار الانتحار وفقدان الامل.هذا ما يفسر ظاهرة الكاشيات والمخدرات ايضا. اذا علاج هاته الظاهرة نفسي بالدرجة الاولى محوره الاساسي علاج فقدان الامل وانسداد الافق. اما التخويف بالغرق فلن يزبدهم الا اصرارا عليه لانه يمثل حلا لانهاء الم الاكتئاب.وسائل الاعلام عليها واجب ثقيل في هذا الامر.

  • RG

    نحن نعيش زمن خروج الريح الذي أخترق طبقة الأوزون ولفقت التهمة الى البقرة لوحدها فأخترقوا بطنها بحجة حَرْقَتِهَاَ :))

  • عبد النور

    بكل بساطة ، امران إثنان :
    1- لابد من إعادة الأخلاق للمجتمع ...بحيث الكل يخضع لها ، الكل يحب الكل ، الكل يعين الكل ، معظم هذه المشاكل التي تسبب بالحرقة قد تحل بالعون والتضامن لوجه الله .
    2- لابد من إعادة النظر في النظام الإقتصادي والمالي ...لأنه يشفط المال من الفقراء ويزيدها للأغنياء (يزيد الماء للبحر كما يقال) ...سواء نظام إسلامي أو كينزي أو مختلط ..أحسن ألف مرة من نظام رأسمالي داروني متوحش بحت. لايعقل أن يصبح للمال كل هذه القيمة في تسيير الحياة ، لابد من القضاء على الندرة المفتعلة في المال في الطبقات الدنيا .. فقد أصبح الناس قساة ماديون سطحيون ذاتيون..وأكثر من ذلك فاسدون لاأخلاقيون.

  • djillali taibi

    الحلول بسيطة لكنها مستحيلة على مسؤولين يعيشون لانفسهم لا لشعوبهم...توفير عمل شريف و مسكن لائق كاف لارضاء شباب الجزائر...اما كثرة تهويل الظاهرة و كثرة التحاليل و التاويلات ف" خرطي في خرطي"...

  • mehdi

    من الأسباب الرئيسية لحرقة شبابنا هو ما يسمى "بالمعريفة".
    بمعني أخر أنه لا يمكنك قضاء أبسط الأمور، إلا إذا كان لك من تعرفه في مكان ما لمساعدتك.
    أما على حصولك على منصب شغل فتلك قصة معانات أخرى.
    خلاصة القول شبابنا مرغم على الحرقة لأنه مهمش و لا حقوق له إلا بشف الأنفس.
    لا أعتقد سيدي الفاضل أن الشاب الجزائري الأصيل متأثر، بحرقة " الأغنياء"، لأنه بالنسبة إليه هؤلاء ليسوا القدوة بل هم الفساد بعينه.

  • مامون

    كلام في الصميم.متى يطبق؟؟؟