-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تقف على التجاوزات في وكالات المراقبة التقنية

محاضر سلامة السيارات للبيع!

بلقاسم حوام
  • 13558
  • 2
محاضر سلامة السيارات للبيع!
أرشيف

لجأت وكالات المراقبة التقنية للسيارات قبل أشهر إلى رفع الأسعار بـ30 بالمائة، مقابل التخفيف من نقاط المراقبة، التي تثير الكثير من الجدل، حول مركبات متهالكة تسير في الطرقات بمحاضر سلامة مشكوك فيها، وهو ما دفع الشروق إلى الوقوف على حقيقة عمل وكالات المراقبة التقنية للسيارات، والحديث مع المختصين والعاملين في هذا المجال، والذين أجمعوا أن محاضر سلامة المركبات تحولت إلى تجارة و”بزنسة”، حيث تعمل كل وكالة على استقطاب وإرضاء أكبر عدد من الزبائن، الذين يتحصلون على المحاضر بالمجاملة والمحاباة.

مركبات مهترئة تسير بمحاضر سيارات سليمة

رغم إدخال المؤسسة الوطنية للمراقبة التقنية للسيارات نظاما معلوماتيا جديدا بهدف تحسين المراقبة التقنية، والحد من التدخل البشري في هذه العملية، وتقديم رقابة فعالة ونوعية، لمواجهة الغش والاحتيال في منح محاضر السلامة، بعد تسجيل العديد من التجاوزات التي تسببت في غلق أزيد من 10 وكالات وتوجيه إنذارات لـ25، سنة 2021، غير أن دار لقمان بقيت على حالها، ولا تزال عمليات الغش والتلاعبات في توزيع محاضر السلامة مستمرة، والتي توزع الكثير منها على أساس المحاباة والمجاملة، وهو ما وقفت عليه الشروق ميدانيا من خلال زيارتها للعديد من وكالات المراقبة التقنية في كل من العاصمة والبليدة وتيبازة، والتي يكتفي أصحابها بمراقبة نقطتين فقط تتعلقان بسلامة المركبة من أصل 10 نقاط أساسية يجب مراقبتها بعمق من أجل توزيع محاضر السلامة على السيارات.

التحايل على أجهزة المراقبة

تعمل أجهزة المراقبة التقنية على اختبار بعض أجزاء السيارة على غرار نظام الكبح والتعليق والثبات والتوازي.. والتي تعتمد على مؤشرات يصعب الغش فيها، فالسيارة التي لا تتحصل على نقاط معينة لا تنجح في امتحان الرقابة بطريقة آلية، غير أن العديد من أعوان الرقابة يتحايلون على هذه الآلات بإعادة برمجتها بطريقة يسهل التلاعب بها، فمثلا تعمل هذه الأجهزة على اختبار المكابح وممتص الصدمات على مستوى العجلات الأربع دفعة واحدة، غير أن الأعوان يجعلونها تراقب كل عجلتين على حدا والعجلات التي تحتوي على مكابح وممتص صدمات سليمة تختبر مرتين ويساعد العون مكابح العجلات بمكبح اليد، حتى تكون النتائج سليمة، وهو ما وقفنا عليه ميدانيا ونحن نراقب كيفية فحص نظام الفرامل والتعليق للعديد من السيارات، فهمّ عون الرقابة هو إرضاء الزبون وتمكينه من الحصول على محضر السلامة بشتى الطرق حتى ولو كانت سيارته غير قابلة للسير.

إهمال 80 بالمائة من الرقابة التقنية

تلزم المؤسسة الوطنية للمراقبة التقنية للسيارات وكالاتها التي تتجاوز 400 نقطة رقابة وطنيا، بمراقبة 10 نقاط أساسية تتعلق بسلامة السيارة وهي الرقم التسلسلي، الفرامل، ممتص الصدمات، توازي العجلات، قطع الغيار المتحكمة بنظام التعليق، أضواء المركبة، الزجاج، العجلات، العاتم وأخيرا القطع الظاهرة للمحرك على غرار الزيت وسوائل التبريد والفرامل وتنظيف الزجاج، والتوصيل الكهربائي للبطارية وغيرها من الأجزاء المهمة لضمان السير الحسن للسيارة، غير أن 80 بالمائة من نقاط الرقابة لا يتم اختبارها في أغلب وكالات الرقابة التقنية، التي تكتفي بمراقبة الفرامل وممتص الصدمات فقط، وباستعمال الكثير من الحيل لتمكين السيارات من الحصول على محاضر السلامة، وهو ما وقفنا عليه فعليا عند أخذ سيارتنا للرقابة التقنية لإحدى الوكالات التقنية في بئر خادم، أين قام عون الرقابة بطلب البطاقة الرمادية وبعدها اختبر ممتص الصدمات والفرامل بطريقة سطحية، لنتحصل بعد دقائق قليلة، على محضر يثبت خلو مركبتنا من جميع الأعطاب، وحتى لوحة الانزلاق التي يتم عبرها اختبار ثبات السيارة يتم التلاعب بها لتعطي نتائج إيجابية لجميع السيارات، وهو الأمر الذي يتكرر يوميا مع أصحاب المركبات في مختلف وكالات المراقبة التقنية.

تسليم محاضر سلامة لسيارات غائبة

أكد بعض المراقبين التقنيين الذين تحدثت معهم الشروق أن أكثر وسائل التدليس في الرقابة التقنية، يتعلق بتسليم محاضر سلامة لسيارات غير موجودة، حيث يكتفي صاحب الوكالة أو المراقب التقني بمعلومات السيارة المسجلة على البطاقة الرمادية، ويتم التحايل على أجهزة الرقابة بنقل معلومات عن سيارات سبق مراقبتها للحصول على محضر جديد تسجل فيها معلومات السيارات الغائبة، التي يستفيد أصحابها من المحاضر بالمحاباة والمجاملة، وأكدت مصادرنا أنه في حال استقبال عون المراقبة سيارة لا تصلح للسير، فإنه يكتفي بتسجيل معلومات عن سيارة أخرى في محضر المعاينة الرقمي، الذي يسهل التلاعب به في مختلف أجزاء الرقابة، ورغم إلزام القانون وكالات المراقبة بفحص 64 سيارة يوميا كحد أقصى، ومنح 10 دقائق لكل سيارة على الأقل، فإن أعوان الرقابة المخالفين يتلاعبون بمدة المراقبة، لربح الوقت وتمرير أكبر عدد من الزبائن في وقت وجيز.

عمال يستقيلون ووكالات همها إرضاء الزبائن

أكد لنا عدد من أعوان الرقابة التقنية الذين قدموا استقالتهم بسبب كثرة التجاوزات والاستجابة لضمائرهم الحية، أن أغلب أصحاب وكالات المراقبة التقنية للسيارات همهم الوحيد ربح المال وإرضاء الزبائن، حيث يجبرون الأعوان على التلاعب بمحاضر الرقابة التقنية بالتحايل على أجهزة الرقابة وتمرير أكبر عدد من السيارات بمحاضر مغشوشة ومزورة، وهو ما دفعهم إلى التخلي عن هذه المهنة التي تلغمها الكثير من الحيل والتلاعبات وسط تجاهل تام لمصالح الرقابة، وفي هذا الإطار أكد لنا أحد الأعوان الذي كان يرفض تمرير السيارات التي تحتوي على عيوب، أن مديره قال له بالحرف الواحد “إما تتهلا في الزبائن وتساعدهم في الحصول على المحاضر أو عليك بالبحث عن عمل آخر”، خاصة أن التنافس شديد بين الوكالات التقنية للظفر بأكبر عدد من الزبائن.

وكالات المراقبة التقنية “بدائيةّ”

أكد خبير السلامة المرورية محمد كواش، في تصريح للشروق أن وكالات المراقبة التقنية في الجزائر لا تزال بدائية، بتقديمها لمراقبة سطحية للسيارة وبوسائل تجاوزها الزمن، “حيث يتم إهمال مراقبة العجلات التي لها أهمية كبيرة في التحكم في ثبات السيارة، وإغفال مراقبة الرقم التسلسلي للمركبة والتغاضي عن سلامة الأضواء والزجاج والمحرك والغازات المنبعثة من العادم ونظام التوازي والتعليق والاكتفاء فقط باختبار الفرامل وممتص الصدمات بطريقة سريعة وسطحية، وهذا ما يجعلنا نصادف يوميا الكثير من السيارات التي لا تصلح للسير على الطرقات وتتوفر على محاضر مراقبة سليمة”.
وانتقد محدثنا غياب الكاميرات في وكالات الرقابة التقنية وعدم امتلاك الجزائر للأجهزة الحديثة التي تمكن من مراقبة 30 نقطة في السيارة وهو ما معمول به في أوروبا، “لكن عندنا يتم مراقبة نقطتين فقط وهي المكابح وممتص الصدمات، وإذا أردنا أن نتحدث عن تجاوزات وكالات المراقبة التقنية فهي لا تنتهي”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مصطفى

    " من غشنا فليس منا " قال ﷺ. المراقبون يكونوا بإختيار الدولة، شرفاء ويتقون الله. ويمتحنون بطريقة ذكية، كذلك يكافؤون حسب عملهم، ويطردون حين تهاونهم بالمهنة.

  • مراقب تقني مستقيل

    كل ما قلته صحيح و لا وجود لضمير المهني إنهم تجار الأرواح كل ما يهمهم هو جمع المال