-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
استقر في بوسعادة.. واجه الاستعمار وخدم الإسلام وخلّد الجنوب في إبداعاته

بودربالة يسلّط الضوء على السيرة الثقافية للفرنسي دينيه في صحراء الجزائر

صالح سعودي
  • 910
  • 0
بودربالة يسلّط الضوء على السيرة الثقافية للفرنسي دينيه في صحراء الجزائر
ح.م
نصر الدين دينيه

صدر للدكتور الطيب بودربالة من جامعة باتنة كتاب جديد عن المركز الثقافي للكتاب بالدار البيضاء (المغرب)، يتضمن محطات عن المسار الثقافي والإبداعي والفكري للفرنسي الفونس إتيان دينيه الذي عُرف بانبهاره بالثقافة الصحراوية الجزائرية، كما عُرف باعتناقه الإسلام والدفاع عنه، ليصبح بعد ذلك معروفا باسم نصر الدين دينيه، حيث كرّس فترة استقراره في بوسعادة لمواجهة الاستعمار والاستشراق، كما خلد الجنوب الجزائري في روائع إبداعاته الفنية والأدبية.

أوضح الدكتور الطيب بودربالة الفرنسي في إصداره الجديد بأن دينيه مبدع متعدد المواهب والقدرات، فهو رسام وأديب ومفكر وسياسي وأنثربولوجي في الوقت ذاته، ناهيك عن دفاعه عن الإسلام والجزائر، ووفائه للصحراء الجزائرية، بدليل أنه توفي في ديسمبر 1929 بباريس، لكنه دفن في 12 جانفي 1930 ببوسعادة (نزولا عند رغبته). وقد وصفت الناقدة والباحثة سليمة مسعودي الإصدار الجديد للدكتور الطيب بودربالة بأنه هدية ثمينة تنم عن فكر عال يتجاوز حدود الثقافة القومية ليشرع أمده في رحابة الإنساني فنا وإبداعا وإنسانية، خاصة وأنه سلط الضوء على السيرة الثقافية للفنان المبدع الفرنسي إتيان دينيه المنبهر بالثقافة الصحراوية والبوسعادية على وجه الخصوص، فأذاب فيها لوحاته وألوانه.

ويتضمن الكتاب الجديد للدكتور الطيب بودربالة عدة محاور تخص تنشئة المفكر والمبدع الفرنسي إتيان دينيه، من خلال مساره مع الرسم والأدب والفكر، وكذا دفاعه عن الإسلام، إضافة إلى مختارات من كتاباته ومختارات أخرى حول ما كتب عنه، وفي الملحق نماذج من لوحاته الإبداعية التي خلّد بها الصحراء الجزائرية.

ويغوص الدكتور الطيب بودربالة في السيرة الثقافية والإبداعية للفرنسي إتيان دينيه الذي عاش بين قرنين، وعاصر التحوّلات الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ الإنساني، وهو يمثل حسب قوله خير شاهد على هذا العصر “الإمبراطوري” الذي مكّن أوروبا من بسط نفوذها وإحكام سيطرتها الثقافية والاقتصادية على العالم، حيث تلقى تكوينه في الفنون التشكيلية لمدة 4 سنوات بعد حصوله على البكالوريا، وشاءت الأقدار أن يسافر إلى الجزائر سنة 1884، مع فريق من الباحثين في علم الحشرات، فتكررت بعدها الزيارات للجزائر وتعاقبت، وخاصة لمدن الجنوب التي بهرته وسحرته، وفيها اكتشف حسب مقدمة الكتاب نوعين من الذهب في الجنوب الجزائري، ذهب الرمال وذهب أشعة الشمس. وحسب الدكتور بودربالة فقد بدأ دينيه حياته مستشرقا، لكن لم يلب أن تجاوز الاستشراق التقليدي ويندمج كلية في الحياة الجزائرية، حيث اختار بوسعادة إقامة دائمة له، وألهمته روائع إبداعاته العالمية، ثم قرر اعتناق الإسلام بعد مسار طويل وشاق، ليصبح من كبار المدافعين عن الإسلام والمسلمين بريشته وبقلمه وبنضالاته السياسية، ما جعله يعيش بجوارحه مأساة المجندين الجزائريين أبناء الحرب العالمية الأولى، فدافع عنهم من خلال اتصاله بصانعي القرار في فرنسا والجزائر، وتوعية الرأي العالمي بالظلم الذي يتعرضون له، كما كانت له حسب بودربالة مواقف دفاعية شجاعة في كل ما يتعلق بالمؤامرات التي كانت تحاك ضد الإسلام والمسلمين والعالم الإسلامي، من خلال كتاباته التي أثرت في الفكر الإسلامي المعاصر، مثل “حياة محمد”، و”الشرق” في نزر الغرب”، و”الحج إلى بيت الله الحرام”.

ومعلوم أن الدكتور الطيب بودربالة أستاذ الأدب المقارن والترجمة بجامعة باتنة منذ العام 1982، وهو خريج جامعة السوربون الثالثة بباريس، ومدير مخبر المتخيل الأدبي والحضارة، له عديد من الكتابات في الأدب المقارن والدب العربي المعاصر والدب الجزائري وأدب الرحلة والترجمة، وقد أشرف على ما يربو عن خمسين رسالة دكتوراه باللغتين العربية والفرنسية، وتقلد عدة مسؤوليات إدارية وأكاديمية في الجامعة، منها مدير معهد ورئيس اللجنة العلمية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!