-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من المتوقع إجهاضه لمسعى فرنسا في إشعال حرب إفريقية بالوكالة

تحرك جزائري يعيد التدخل العسكري في النيجر إلى الأدراج

تحرك جزائري يعيد التدخل العسكري في النيجر إلى الأدراج
أرشيف

نجحت الجزائر، حتى الآن، في الوصول إلى توافقات مع أعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، بشأن الوضع في النيجر، بضرورة المضي نحو التفاهمات السياسية بين جميع الأطراف، ورفض التدخلات العسكرية التي من شأنها “تفجير المنطقة ككل”.
أنهى وزير الخارجية، أحمد عطاف، جولة مطولة قادته لثلاث دول في مجموعة “إيكواس” هي نيجيريا وغانا والبنين، والتي كانت من بين الأكثر تحمّسا بضرورة التدخل العسكري في النيجر لإنهاء الانقلاب ضد الرئيس، محمد بازوم، لكن المناقشات مع مسؤولي تلك الدول أظهرت تقاربا كبيرا في مواقفها مع ما عبّرت عنه الجزائر منذ بداية الأزمة، وهي الرفض القاطع للتدخل العسكري والذي لا تزال تأثيراته فيما حصل بليبيا شاهدة بعد عقد من الزمن، وضرورة العودة للشرعية الدستورية، ورفض انتقال السلطة بالقوة.
وقال مسؤول الدبلوماسية الجزائرية، في ختام جولته ولقائه مع الرئيس الغاني، نانا أكوفو: “الجزائر ترفض اللجوء لاستعمال القوة في أزمة النيجر”، وأكد أن المحادثات مع الرئيس الغاني، كانت مثمرة وأن هنالك توافقا تاما في وجهات النظر بين البلدين والرئيسين.
وكشف عطاف، عن الأهداف التي وضعها الرئيس تبون، حول أزمة النيجر، والتي تتمثل في “ضمان الاحترام الكامل والصارم للإطار القانوني الإفريقي المتعلق بالتغييرات غير الدستورية للحكومات، مع التأكيد على تمسّك الجزائر التام بمبدأ حظر ورفض التغييرات غير الدستورية للحكومات، التي كان لبلادنا دورا في بلورتها وترسيخها على القارة الإفريقية بمناسبة قمة الجزائر في سنة 1999 لمنظمة الوحدة الإفريقية”.
وفي مستهل مأموريته، التي كانت وجهتها الأولى نيجيريا، التي تتولى رئاسة مجموعة “إيكواس”، شدّد عطاف، على “تبني” السلطات في أبوجا للطرح الذي قدّمه الرئيس تبون فيما يخص الأزمة في النيجر، وقال: “المحادثات مع الأشقاء في نيجيريا أكدت، بالفعل، أن هذه المعايير الأربعة هي محل توافق كبير وموضوع إجماع أكبر من شأنه أن يسهّل تفعيل مبدأ الحلول الإفريقية لمشاكل إفريقيا، في التعامل مع الأزمة في النيجر”.
وقال إنه في سبيل ذلك، “أكدنا بأن الجزائر ونيجيريا لا يسعهما إلا أن يعملا معا اليد في اليد، جنبا إلى جنب، لتفادي تأزيم الأوضاع في النيجر والمنطقة والقارة الإفريقية برمتها”، مضيفا أنه تم التأكيد، كذلك بشكل قاطع “أننا لن نتسامح مع انتهاك الديمقراطية والنظام الدستوري في النيجر، وأن الحفاظ على أمن واستقرار النيجر ورفاهية شعبه، يستلزم منّا بذل المزيد من الجهود والتضحيات بصفة فردية وجماعية، وأننا لن ندخّر أي جهد في تفعيل الحل السلمي والسياسي للأزمة في النيجر”.
كما استعرض أحمد عطاف، مع نظيره البنيني، باكاري أجادي أوشلغون، مستجدات الأزمة الحالية في النيجر وسبل المساهمة في تهدئة الأوضاع والعمل على تحقيق العودة إلى النظام الدستوري في البلاد، حفاظا على أمنها واستقرارها، وأكد الطرفان، في هذا الإطار “تمسكهما بالضوابط القانونية للاتحاد الإفريقي الرامية لمعالجة آفة التغييرات غير الدستورية للحكومات والتي تم إرساؤها خلال قمة الوحدة الإفريقية المنعقدة بالجزائر سنة 1999″، ما يدل على أن كوتونو قد وضعت “خيار التدخل العسكري في الدرج”.
وسبق للجزائر إجراء محادثات موسّعة مع الإدارة الأمريكية، حيث تم التأكيد، في اللقاء بين عطاف ونظيره بلينكن “على توافق مواقف البلدين في تفضيل الحل السلمي في النيجر”، والأمر نفسه مع الاتحاد الأوروبي حيث دعا الجانبان “إلى ضرورة توحيد الضغوط السياسية والدبلوماسية من أجل ضمان عودة النظام الدستوري في النيجر”.
وفي قراءته للتحرك الجزائري لإخماد صوت التهديد بالحرب في النيجر، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، رضوان بوهيدل، إن “التحرك الجزائري ضروري وليس اختياري من باب أن النيجر ومنطقة الساحل ككل هي العمق الإستراتيجي لها، ومن الضروري المضي نحو عدم تكرار ما حدث سنة 2011 عقب الإطاحة بمعمر القذافي، ما من شأنه زيادة مخاطر الجماعات المسلّحة وشبكات الجريمة المنظمة وقوافل الهجرة غير الشرعية، وعسكرة المنطقة أكثر مما هي عليه”.
ويعتقد بوهيدل، في حديث لـ”الشروق”، أن المسعى الجزائري بدأ يجني ثماره، حيث أكد أن التلويح بالتدخل العسكري قد خفّ نوعا ما، خاصة وأن معلومات نقلتها الإذاعة الوطنية تحدثت عن قرب التدخل العسكري بهندسة وإشراف فرنسي.
وقال بوهيدل بهذا الخصوص: “التحرك الدبلوماسي بدأت تظهر ثماره من خلال تليين المواقف في دول (إيكواس)، بعدما كانت مندفعة نحو ضرورة التدخل العسكري، وكل التصريحات كانت تدل على ذلك، تحت ضغط فرنسي لا يمكن إنكاره أو إخفاؤه”.
ويتابع المتحدث: “اليوم على الأرض يظهر أن الدول الثلاث، محل زيارة الوزير عطاف، لا يمكنها القيام بتدخل عسكري، كما أن فرنسا فشلت مبدئيا في إقامة حرب بالوكالة في الساحل الإفريقي”.
وعن مؤشرات الفشل في المضي نحو تدخل عسكري، يوضح بوهيدل أن “التدخل العسكري صار عبئا من الناحية العملية لعدم قدرة مجموعة (إيكواس) على تنفيذه بمفردها وتكلفته المالية المرتفعة، مع رفض الجزائر فتح مجالها الجوي أمام الطائرات الفرنسية، ستكون أمام مهمة شبه مستحيلة، زيادة على وجود رفض شعبي لفرنسا، ما يوحي بإمكانية خسارتها لآخر مناطق نفوذها في الساحل الإفريقي“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!