-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المعلم عمره 8 قرون

زاوية سيدي حسن الشريف.. تحفة عمرانية ومنارة للإشعاع القرآني

سمير مخربش
  • 3850
  • 0
زاوية سيدي حسن الشريف.. تحفة عمرانية ومنارة للإشعاع القرآني
ح.م
زاوية سيدي حسن الشريف

تعد زاوية سيدي حشن الشريف بولاية سطيف، أحد أقدم المعالم الدينية في الجزائر، يفوق عمرها 800 سنة، ولازالت إلى يومنا هذا شامخة بهيكلها العمراني المتميز الذي يقصده الناس من كل حدب وصوب.

فإذا سمعت القرآن الكريم يصدح في جبال بلدية عين الروى بشمال ولاية سطيف، فاعلم أن مصدره من زاوية سيدي حسن الشريف الضاربة في التاريخ بعمر فاق 8 قرون، كان فيها ولازال منارة للعلماء وطلبة العلم. فهي زاوية تأسست سنة 1203 ميلادي، الموافق لسنة 624 هجري، وكان ذلك على يد الولي الصالح سيدي حسن الشريف الذي ينتهي نسبه الى الحسن بن علي رضي الله عنه. وحسب السيد العيد دالي المشرف على الزاوية، والذي التقينا ببهو هذا المعلم التاريخي، فإن الزاوية تعد بيتا من بيوت الله رُفع على تقوى من الله، أسسه الرجل الفاضل والعالم حسن الشريف، الذي كان مصلحا ومُعلما ومرشدا أكرمه الله بالعلم والولاية. ومنذ القدم كانت الزاوية قبلة للعلم والعلماء والطلبة. ولها اليوم نشاط متميز يتمثل في التعليم القرآني بمختلف فروعه، مع التكوين العلمي للطلبة الذين يقصدونها من مختلف ولايات الوطن. ولها نشاطها الروحي وتقام فيها الصلوات الخمس وصلاة الجمعة. ورغم تموقعها بمنطقة جبلية، يأتيها المصلون من مختلف المناطق خاصة يوم الجمعة حيث تعرف زحمة في مسالكها وساحتها المركزية.

وحسب الشيخ عبد الرحمان بوقطوشة وهو إمام خطيب بالزاوية، فإن هذا الصرح الديني يهتم بتعليم الشريعة وأصول الدين، مع تنظيم دورات علمية وتكوينية، بالإضافة إلى جلسات لإصلاح ذات البين مع العمل على إصلاح المجتمع وحمل لواء العلم والإرشاد الديني.

وقد صمدت الزاوية عبر الأزمان بعد استفادتها من عدة ترميمات أبرزها التي بدأت سنة 2004 بفضل السيد مولود لعجال، الذي تطوّع لإعادة بنائها وترميمها، وحوّلها إلى هيكل جديد جسده في تحفة هندسية بنمط مغاربي جزائري رائع، يتوسط الجبال العاتية لبلدية عين الروى.

وفي تصريح لجريدة “الشروق” يقول السيد مولود لعجال بدأنا عملية الترميم سنة 2004، حيث حزّ في أنفسنا ما آلت إليه هذه الزاوية العتيقة التي كانت في وقت سابق هيكلا متآكلا منسيا لا يقصده إلا قلة من الطلبة والعلماء، وحتى البناية القديمة توشك أن تقع فوق رؤوس زوارها.

وحينها يقول لعجال قررنا بعثها من جديد، وكانت البداية بتأسيس جمعية لتسيير المعلم، وكان البعض يعتقد أن الأمر سيقتصر على بعض الترميمات المعهودة في الزوايا، لكن فاجأناهم ببناية ضخمة ذات شكل هندسي متميز، عرفت بلونها الأزرق الذي تقر له العين ويستقطب الناس من بعيد.

وكانت العملية بمثابة ثورة عمرانية لم تشهدها أي زاوية في الجزائر، والعملية شارك فيها أكثر من 70 عاملا بإشراف مهندسين مختصين. وشملت العملية ترميم الزاوية القديمة وبعثها من تحت الرماد، لكن التحدي الأكبر كان بتسوية الجبل الذي بني عليه المعهد الجديد المجهز بكل المنشآت والهياكل، بما فيها قاعات المحاضرات والتدريس مع تجهيز البناية بمطبخها ومرقدها وسكنات وظيفية بلغ عددها 24 مسكنا.

واليوم اكتمل البناء وأضحى تحفة فنية يضرب بها المثل في شكلها الهندسي المتميز، الذي جعلها من أحسن الزوايا عمرانيا في الجزائر، وهو الوجه الذي استقطب الناس من مختلف المناطق.

والزيارات هنا امتدت أيضا إلى الجانب السياحي، فيقصدها الناس للاستمتاع بملاحقها وحديقتها وموقعها الجذاب الذي تحوّل إلى لوحة فنية تتوسط الجبال. وتقوم عديد المؤسسات بتنظيم رحلات إلى الزاوية تدخل في إطار السياحة الدينية التي تميز هذا المعلم عن باقي الزوايا، فيقصدها الرجال والنساء والأطفال خاصة في فصل الصيف. ويأتيها الزوار من مختلف الولايات وحتى من خارج الوطن.

فهي زاوية ليست كغيرها من الزوايا، ومعلم امتدت جذوره عبر التاريخ لأكثر من 800 سنة، وتعاقبت عليها الحقب والأزمان، انتهت بتحفة عمرانية ظلت إلى يومنا هذا يصدح بها القرآن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!