-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب تراكمات الآثار النفسية والاقتصادية

كورونا تحدث زلزالا في “عقلية” الجزائريين

وهيبة سليماني
  • 4299
  • 1
كورونا تحدث زلزالا في “عقلية” الجزائريين

أجبرت جائحة كورونا الجزائريين، على حياة مغايرة مليئة بالمخاوف والحذر، حيث مع عودة ارتفاع الإصابات بالفيروس هذه الأيام، بدأ القلق والتوتر والانفعال يظهر في المجتمع، فالوباء لا يزال يبث الذعر في النفوس، بعد أن ترك آثارا اجتماعية واقتصادية وصحية، ونفسية وقتل أكثر من 6 آلاف جزائري.

وأكد مختصون في علم النفس والاجتماع، أن سلوكيات الجزائريين، تغيّرت إيجابا من ناحية الوقاية والنظافة والنظام الغذائي، لكنها في جانبها السلبي، حملت الكثير من الآثار النفسية كالاكتئاب والقلق، والرهاب والهستيريا، والانفصام في الشخصية، والوسواس القهري، وزيادة الإدمان على المحذورات والانتحار، وقال هؤلاء المختصون، إن الصحة العقلية لبعض الفئات هي الأخرى مهدّدة في حال استمرار انتشار الوباء، حيث أن الصعوبات المالية هي الأزمة الحقيقية المدمرة لاستقرار المجتمع بعد كورونا.

العدوى والإغلاق والعزل.. ثلاثية الذعر

وأكد عبد الحليم مادي، مدرب استشاري في علم النفس التربوي، والتنمية البشرية، لـ”الشروق”، إن جائحة كورونا التي دخلت الجزائر بتسجيل أول إصابة للفيروس شهر فيفري 2020، ستترك آثارا طويلة المدى، فبالإضافة إلى الخوف من تداعيات عمليات الغلق والعزل الذاتي، والعدوى، فإن الرعب تجدّد مع عودة تصاعد الإصابات بالوباء في كل مرة، من البطالة والإفلاس، والفقر، وتدني المعيشة.

عبد الحليم مادي: المشاكل الأسرية زادت خلال الجائحة بنسبة 40%

وقال مادي، إن الحجر الصحي الجزئي، الذي فرض سابقا للحد من انتشار فيروس”كوفيد19″، خلق فوضى في التجارة، وعطل نشاطات يومية، وأفلس الكثير من التجار، وتسبب لهم في خسائر مادية، حيث بمجرد الحديث عن احتمال فرض حجر صحي آخر يلازم هؤلاء رهاب، حيث يشعرون أن أموالهم ومصادر رزقهم في مهب الريح.

وأوضح، ذات المتحدث، أن عدم تعويض الكثير من التجار والحرفيين، والعاملين اليوميين، عن خسائرهم خلال الحجر الصحي، خلف لديهم شيئا من الإحباط النفسي، وأصبحت تعاملاتهم التجارية تشوبها الكثير من المخاوف، حيث تحاشى بعض التجار، حسبه، كراء محلات تحسبا لعودة الغلق الجزئي وتعليق نشاطهم.

ويرى المختص في التنمية البشرية، عبد الحليم مادي، أن التجارة ونشاطات البيع والشراء، على كف عفريت، برأي أصحابها، حيث يمكن في أي وقت تكبّد خسائر مالية فيها بسبب كورونا، وبهذا فإن عدم وجود ضمانات ملموسة، يعرض الناشطين في هذا المجال إلى أمراض نفسية وسلوكيات غريبة.

احتيال ونصب وغش.. الكل يريد أن يربح

وأشار مادي، إلى انتشار ظاهرة غريبة في أوساط الجزائريين، خاصة عند التجار، حيث أن الخسائر المالية التي تكبدها البعض جراء الحجر الصحي للوقاية من عدوى كورونا، وتعليق الكثير من النشاطات التجارية، وتعطل فئات عن بعض الاعمال اليومية، وتدني المستوى المعيشي للكثير من العائلات، أدى إلى سيطرة عقلية “الربح” و”تعويض الخسارة” بالطرق اللاشرعية، كالنصب والاحتيال، والغش.

وقال عبد الحليم مادي، مدرب استشاري في علم النفس التربوي، والتنمية البشرية، إن التجارة أصبحت مهمة الجميع، فالكل يبحث عن مصدر ربح المال، وتعويض ما ضاع منهم خلال الحجر الصحي، ويلجأ البعض حسبه، إلى الاحتيال سواء بأساليب بسيطة أو أكثر خطورة.

وتنتشر هذه الأيام في الأسواق، ظاهرة الغش والتلاعب بالأسعار، حيث يراها مادي، كآثار سلبية لجائحة كورونا، وهي سلوكيات تزداد في ظل مخاوف من موجة رابعة لفيروس كورونا.

40% زيادة في قضايا الخلافات الأسرية

وانعكس التدني المعيشي في ظل جائحة كورونا، على العلاقات الاجتماعية، من مشاكل باتت تهدّد استقرار الأسرة، حيث زادت الخلافات الزوجية، حسب عبد الحليم مادي، وهذا بحكم تجربته كاستشاري في التنمية البشرية.

وأوضح مادي، أن الآثار النفسية للوباء، سواء عند الذين أصيبوا به وتم علاجهم، او الذين توفي أهلهم بالفيروس، بليغة وهي تتجلى في القلق والتوتر والانفعال، وإن الحجر الصحي الجزئي حسبه، جمع بين أفراد الأسرة الواحدة، وانعكس على هؤلاء سلبا، حيث بمجرد تسجيل ارتفاع حالات الإصابة بكورونا، تعود تلك الأجواء المتوترة إلى الأذهان.

وقال مادي، إن تأجيل احتفالات الزواج، وغلق قاعات الأعراس، ساهم بشكل كبير في فشل علاقات كانت ستنتهي بالزواج، وأدى إلى حدوث طلاق قبل الدخول، وفجر عدة مشاكل بين العائلات، كما أن الأزمات المالية كانت وراء العديد من الخلافات الأسرية.

وأكد عبد الحليم مادي، أنّ التدريبات والاستشارات التي يقوم بها مكتبه، كشفت عن زيادة بنسبة 40% خلال جائحة كورونا، للخلافات داخل الأسرة، وأغلبها بين الأزواج.

وتعتبر بعض الآفات الاجتماعية، مثل تعاطي المخدرات، والانتحار، و”الحرقة”، وبعض التصرفات اللاأخلاقية التي انتشرت في المجتمع الجزائري، حسب عبد الحليم مادي، من بين آثار جائحة “كوفيد19″، التي يكون علاجها متوقفا على ضمانات مادية وتوفير مناصب العمل.

غياب التوازن والسلوكيات الهستيرية تطفو على المجتمع

وفي هذا السياق، قال الدكتور مسعود بن حليمة، أستاذ علم النفس بجامعة الجزائر، إن فئات كثيرة تضررت من الحجر الصحي الذي فرض في الجزائر، وفي مقدمتهم العاملين في قطاع الصحة، والمصابين الذين تعافوا من الفيروس، والمسنين الذين يعيشون بمفردهم، مشيرا إلى أن هؤلاء يعانون القلق والخوف، والوسواس، وإن عودة موجة أخرى للفيروس في كل مرة، تزيد حالتهم النفسية سوء.

وأكد بن حليمة، أن هناك سلوكيات ظهرت في المجتمع، كغياب التوازن النفسي وسط شرائح واسعة منه، والهستيريا سواء أثناء الفرح أو الحزن، حيث لم تعد لدى بعض الجزائريين، الراحة النفسية، فلزمهم الرهاب والخوف، ووصل ببعضهم إلى الشعور بحالة خلط بين الحقيقة والخيال.

بن حليمة: إصابة الكثير من الجزائريين بهستيريا الفرح والأحزان

ويرى الدكتور مسعود بن حليمة، أن حالة الهستيريا برزت بشدة في احتفالات الفوز بكأس العرب، حيث تبين أن الفرح يتسبب في وفيات، مضيفا أن المخاوف من موجة رابعة لوباء كورونا ومع تسجيل إصابات جديدة به، قد تفاقم الأثار النفسية والسلوكية للجائحة الصحية التي دخلت الجزائر شهر فيفري 2020.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بليدي

    شعب موسوس، كيما دارولو حارو فيه !