-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بين "الخرشف" و"القرنينة" وأنواع نادرة من الزهور

أطفال يبيعون ما جاد به ربيع 2024 على حواف الطرقات

نسيم عليوة
  • 1099
  • 0
أطفال يبيعون ما جاد به ربيع 2024 على حواف الطرقات
ح.م

أفرز ربيع 2024، الذي تزامن مع شهر رمضان المعظم، صورة ربانية ربيعية في جبال ولاية ميلة، لم يسبق للميليين وأن عاشوا مثيلا لها، حيث صنعت الينابيع المائية والخضرة الطاغية، وعودة الحشائش والزهور التي ظن البعض بأنها قد انقرضت بسبب سنوات الجفاف التي ضربت المنطقة.
أعطت الأرض من نباتها ما لم تعط، في فصول الربيع السابقة من حيث الكمية والنوعية، حتى أن خرشف ربيع 2024 صار ظاهرة طعام لدى أهل المنطقة، والولايات المجاورة، بسبب اكتنازه بالمياه وطراوته، التي جعلت بعض الأطفال من باعته، يسمونه بالملحم والكبدة بسبب ضخامته ورائحته الحشيشية الزكية. في جبال تسدان حدادة التي تلونت منذ شهر فقط باللون الثلجي الأبيض، وتحولت الآن إلى لوحة زيتية بكل الألوان الخضراء والصفراء والبنفسجية، حتى أنك تظن نفسك في السيشل أو إحدى جزر أندونيسيا، وكما قال الطفل رسيم وهو بائع خرشف، بأنه أحيانا لا يحتاج إلى الفأس الصغيرة لاستخراج “القرنينة أو الخرشف”، حيث يجد “القتة”، وحدها تعلو سطح الأرض والتربة.
على حواف الطرق الولائية ببلديات أحمد راشدي ومينار زارزة وتسدان حدادة بولاية ميلة، يجلس أطفال وأحيانا كهول وشيوخ محاطون بكمية كبيرة من الخرشف، بين من يقدمه للزبائن كما هو، وبين من يجتهد في تقليمه وحتى تقشيره، أو على الأقل نزع الأشواك منه، والأسعار هي دائما 100 دج مع اختلاف واضح في الكمية، وأيضا في النوعية، والتي اجتمعت هذه السنة على الطيبة والجودة.
الذين تنقلوا إلى جبال السطاح مثلا أو مرج اولاد عامر، وهي جبال تابعة لولاية ميلة ولكنها لا تبعد بأكثر من 20 كلم عن الحدود مع ولاية جيجل، قالوا بأن أرضها أنبتت هذا العام من خرشف وما شابهه من حشائش ما يكفي لإطعام شعب بأكمله من النباتيين، وحتى حشائش “التلفاف والحرشة” التي من العادة أن تظهر في شهر أفريل، تواجدت في النصف الأول من شهر مارس، ببعض المناطق كما يقول عمي أحمد، الذي ينقل كمية من الخرشف بعد قطفه، بواسطة منجل خاص به، ويوزعه على ولديه، لعرضه على أصحاب السيارات على جانب بلدية تسدان حدادة، كما قال، فهناك من صار يتسحر على الخرشف مع قطعة من الرغيف، ليس بسبب ثمنها 100 دج، وإنما بسبب طيبتها ومذاقها وفوائدها الصحية، وما تميزت به من “طراوة” هذا العام، كما قال، حيث شربت النبتة من المياه ما جعلتها بهذه اللذة، كما يقوم أطفال ببيع زهور جميلة بألوان مختلف ما بين الأصفر والبنفسجي والأزرق، قالوا بأنهم لم يروها من قبل، وهي تصلح للزينة، فهي من دون رائحة ولكنها جميلة جدا، لا يعلمون حتى أسماءها.
أما عن مدخوله اليومي فهو حسب وفرة الزبائن، فقد لا يتعدى بالنسبة إلية وابنيه مجتمعين 2000 دج، وقد يتجاوز 4000 دج في اليوم، ولكنها مهنة مؤقتة لا تلبث أن تتوقف مع نهاية منتصف شهر أفريل، حسب الأجواء المناخية التي قد تزيد من عمر الخرشف وقد تنقصه.
الجميل في زبائن، الخرشف كما قال عمي أحمد، هو أن الباعة لا يتعبون معهم كثيرا، فهم يسألون عن الثمن، ورقم 10 آلاف سنتيم لا يتعبهم فيدفعونها ويغادرون، كما أن قاطفي هذه النبتة لم يتعبوا كثيرا هذا الفصل، لأن الأرض مملوءة بالمياه وليست جافة واستخراج الخرشف من عمق الأرض لا يحتاج إلى تعب كبير كما كان سابقا، بالرغم من أن توضيبه يحتاج لاستعمل قفاز، كما يشرح عم أحمد.
ومن المحتمل أن يزداد باعة هذه الحشائش الطبيعية الصالحة للأكل من سلق وخرشف، التي تنبت من دون زرعها، خلال الأسبوع القادم مع حلول العطلة الربيعية المدرسية، وستكون فرصة للكثير من الأطفال المتمدرسين، من المنتمين للطبقات المتوسطة والفقيرة لضمان كسوة العيد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!