-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“إسرائيل” في المنطقة الوسطى

“إسرائيل” في المنطقة الوسطى

هدفٌ إستراتيجي أبعد وراء انضمام “إسرائيل” إلى القيادة الأمريكية الوسطى، يمكن اكتشافه مع سيرة الجنرال هريرت نورمان شوارزكوف قائد المنطقة الوسطى للقوات الأمريكية “1988 -1991″، حين أبلغ قادة تل أبيب مفتخرا: “دمَّرنا الجيش العراقي نيابة عنكم في عاصفة الصحراء”، كانت “إسرائيل” تعمل حينها في منطقة العمليات العسكرية الأمريكية في أوروبا، بعيدا عن الشرق الأوسط.

لم يكن لـ”إسرائيل” حقٌّ شرعي في تواجد عسكري أمريكي في المشرق العربي، في ظل القطيعة التي أقرتها مؤسسة العمل العربي المشترَك، حتى تغيرت خارطة التطبيع معها على قدر من الاتساع، فجعلتها دائرة البنتاغون في إعلان رسمي مفاجئ شريكا لها في “المنطقة الوسطى للقيادة الأمريكية” وجعلها العنصر الفاعل في عملياتها العسكرية بالشرق الأوسط.

اختيارُ مقر القيادة المركزية الأمريكية، أو القيادة الأمريكية الوسطى كما تسمى في تصنيف المهام العسكرية العابرة للقارات، في قاعدة ماكديل الجوية في ولاية فلوريدا الأمريكية، جعلها إداريا خارج النطاق الجغرافي لمسؤوليتها، لكن أهم مقراتها “الأمامية” العملياتية يقع في قاعدة “العديد” الجوية بدولة قطر، وتعدُّ إحدى القيادات الموحدة، المتكونة من قوات مقاتلة برية وجوية وبحرية على كفاءة عالية من التدريب، مكوَّنة من إدارتين أو أكثر تحت سيطرة الرئيس الأمريكي من خلال وزير الدفاع وقيادة الأركان المشتركة، وتكلف القيادات الموحدة بمهام كبرى ومتواصلة تتعلق بأمن الولايات المتحدة وأمن حلفائها.

جاء إنشاء القيادة الأمريكية الوسطى عام 1983، لتعزيز القدرات الأمريكية في مجابهة الغزو السوفياتي لأفغانستان، وفي ظل تصاعد وتيرة الحرب العراقية الإيرانية، وتحقيق هدف ترجيح كفة القطب الأمريكي في الشرق الأوسط آنذاك.

قدَّمت قطر قاعدة “العديد” للولايات المتحدة الأمريكية عام 2000 دون اتفاقية تُذكر، إلا إنها عادت ووقَّعت اتفاقية مع واشنطن بمثابة غطاء رسمي للوجود العسكري الأمريكي في أراضيها عام 2002.

تعززت قاعدة “العديد” التي تضم أطول مهبط للطائرات بالخليج العربي، بانتقال القيادة الجوية الأمريكية من قاعدة الأمير سلطان في السعودية عام 2003، لتنضمَّ إلى المركز المشترَك للعمليات الجوية والفضائية، وجناح 379 للبعثات الجوية.

تكتسب القاعدة الأمريكية الوسطى التي انضمت إليها “إسرائيل”، أهمية عسكرية كبرى، انطلاقا من خارطة عملياتها العسكرية التي تشمل السعودية وقطر والبحرين والإمارات والكويت وسلطنة عمان والعراق والأردن ولبنان وسوريا ومصر وإيران وأفغانستان وكازاخستان وقيزاخستان وأوزباكستان وباكستان.

أهدافٌ إستراتيجية بعيدة المدى رسمها المشرِّعون الأمريكيون من وراء ضم “إسرائيل” للقيادة الأمريكية الوسطى يتعدَّى ما أعلنه بيان دائرة البنتاغون من أنّ “خفض التوتر بين إسرائيل وجيرانها بعد توقيع اتفاقيات “أبراهام” أتاح فرصة مهمة للولايات المتحدة لجمع الشركاء الأساسيين ضد التهديدات المشتركة في المنطقة، فضلا عن أن ضمّ إسرائيل إلى القيادة الوسطى سيتيح فرصا إضافية للتعاون مع شركاء واشنطن في القيادة، مع الحفاظ على التعاون القوي بين إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين”.

حققت “اتفاقيات إبراهام” التي رعاها الرئيس ترامب تطبيعا سياسيا عربيا طال انتظارُه، يترسَّخ ثقافيا واقتصاديا، لم يكتمل دون تطبيع عسكري عبر مظلة القيادة الأمريكية الوسطى، القوة العسكرية العظمى في الشرق الأوسط الجديد!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!