الرأي

اقتراحان في ملفّ التقاعد

حسين لقرع
  • 9161
  • 14

الآن وقد قرّرت السلطات غلق ملفّ التقاعد نهائيا ورفض العودة إلى صيغتي التقاعد المسبق والتقاعد النسبي، لم يبق أمام العمال ونقاباتِهم سوى تخفيف أضرار هذا القرار المؤلم، من خلال النضال على محورين اثنين:

الأول: هو الإلحاح على مطالبة الحكومة بالتعجيل بإصدار قائمة المهن الشاقة التي يحقّ لعمالها الاستفادةُ من تخفيض سنوات العمل، فالإسراع في إصدار هذه القائمة، سيخفِّف معاناة مئات الآلاف من العمال الذين يشتغلون في مهنٍ شاقة.

وكانت الحكومات السابقة، قد وعدت منذ التخلّي عن التقاعد المسبق والتقاعد النسبي في سنة 2016، بإصدار قائمةٍ للمهن الشاقة التي سيستفيد عمالُها من تخفيض في سنوات العمل يتراوح بين سنة واحدة و5 سنوات، حسب صعوبة كلّ مهنة، بما يمكِّن نسبةً من العمال من التقاعد في سنّ الخامسة والخمسين. لكنّ خمس سنوات انقضت على هذا الوعد من دون تجسيد، ما يعني ببساطة أن السلطات تتماطل عمداً في إصداره لتفادي خروج عشرات الآلاف من العمال الإضافيين الذين يحقّ لهم الاستفادة من هذه الصيغة، إلى التقاعد كل سنة، ومن ثمّة إضافة أعباء مالية جديدة إلى صندوق التقاعد الذي يعاني عجزا ماليا يتفاقم من سنةٍ إلى أخرى، وبلغ 640 مليار دينار في 2020، أي 64 ألف مليار سنتيم، حسب وزير العمل الهاشمي جعبوب الذي اتّخذ هذا العجز ذريعةً للإعلان عن غلق ملفّ التقاعد النسبي والتقاعد المسبق نهائيا، مع أنّ العمال غير مسؤولين بتاتاً عن سوء تسيير موارد الصندوق.

وما دامت السلطات قد اتّخذت هذا القرار المؤلم للعمال، فليس أمامهم الآن سوى التركيز على مسألة قائمة المهن الشاقّة، والضغط على وزارة العمل للإسراع في إصدارها حتى يربح عشراتُ أو مئات الآلاف من العمال سنواتٍ من أعمارهم بين عائلاتهم، وهي مسألة يمكن أن تُنجَز في بضعة أسابيع بالتعاون بين الوزارة والنقابات العمومية والمستقلة، لأنّها تتعلق بمجرّد قائمة، وليس بتصنيع قمرٍ اصطناعي ذي تيكنولوجيا عالية وبالغة التعقيد حتى يستغرق الأمر بضع سنوات.

المسألة الثانية: وتتعلق بضرورة رفع معاشات التقاعد إلى نسبة قد تصل إلى 100 بالمائة بالنسبة للعمال الذين بدأوا العمل في سنّ مبكرة من أعمارهم وأُجبِروا على مواصلة العمل إلى غاية سنّ الستين للاستفادة من حقّهم في التقاعد؛ فما دامت الحكومة قد أجبرتهم على ذلك، فليس أمامهم سوى النضال من أجل رفع قيمة معاشاتهم من 80 بالمائة إلى نسبٍ قد تصل إلى 100 بالمائة للعمّال الذين يشتغلون 40 سنة؛ أي العمال الذين بدأوا العمل في سنّ العشرين.

ولإعطاء كلّ ذي حقّ حقه، يمكن احتساب نسبة 2.5 بالمائة إضافية عن كلّ سنة عمل بعد الاشتغال 32 سنة كاملة، وهذا إلى غاية بلوغ سنّ الستين، وهنا سيجد العاملُ الذي اشتغل 37 سنة مثلاً أنّ معاشه سيساوي 92.5 بالمائة من أجره، والعامل الذي اشتغل 40 سنة سيحصل على معاش بقيمة 100 بالمائة من أجره…

ليس من العدل أبداً وضعُ كلّ العمال والموظفين في كفّةٍ واحدة، ومنحُ من بدأ العمل في سنّ الـ28 معاشاً بقيمة 80 بالمائة من أجره، ومنح القيمة نفسها للعامل الذي بدأ العمل في سنّ العشرين واشتغل 40 سنة كاملة من حياته، المساواة بين العاملين هنا ظلمٌ كبير، ولابدّ من منح كلّ عامل معاشا يتناسب تماماً مع سنوات عمله، وذلك باحتساب نسبة إضافية في معاشه تبلغ 2.5 بالمائة عن كل سنةٍ إضافية بعد الاشتغال 32 سنة كاملة إلى أن يبلغ سنّ الستّين. هذا هو العدل.

مقالات ذات صلة