-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأب الأعزب.. وحيد رفقة أولادي وعذابي

ليلى حفيظ
  • 1384
  • 0
الأب الأعزب.. وحيد رفقة أولادي وعذابي

كثيرا ما تحدث المختصون وغير المختصين عن الأمهات العزباوات، واستفاضوا في تفصيل مآسي هذه الفئة من النساء التي تعاني في مواجهة تربية أولادها دون سند رجالي. ولكننا نادرا ما نتحدث عن معاناة الآباء العزاب. التي وصفها فيلم للممثل الأمريكي “ويل سميث” بأنها قطعة من العذاب. والمقصود هنا بالأب الأعزب هو الرجل الأرمل أو المطلق، أو الذي هربت زوجته وتركته وحيدا في مواجهة تحديات تربية أولاده، التي اختار طواعية أن يتحملها لوحده دون أن يعيد الزواج مرة أخرى. وطبعا، ثمن ذلك قد يدفعه من صحته وعمره مثلما كشفته الدراسات العلمية والشواهد الحياتية.

عودة اختيارية للعزوبية

الأب الأعزب أو المنفرد، هو رجل لديه أولاد ولكن ليس لديه شريكة حياة. وهذا بسبب انفصاله عنها أو وفاتها أو هجرها له أو حتى من له ولد أو أكثر خارج إطار الزواج.. ثم اختار طواعية أن يضطلع بمهمة تربية ورعاية هؤلاء الأبناء وحيدا دون سند نسائي. مثلما فعل السيد عثمان، 58 سنة، قضى منها قرابة عشرة أعوام أعزب أو بالأحرى وحيدا في مواجهة تحديات تربية أولاده الثلاثة، بعدما أصيبت زوجته بحالة نفسية غريبة بعد وضعها لآخر أبنائهما. شخّصها الأطباء باكتئاب ما بعد الولادة. ولكن، يبدو أن الأمر كان أعقد من ذلك بكثير. إذ صارت تخشى البقاء في المنزل ودائمة الخروج منه. وفي النهاية هجرته ملتحقة ببيت أهلها الذين تحملوا مسؤولية علاجها دون أدنى فائدة ترجى، ليضطلع السيد عثمان بمسؤولية تربية أولاده رافضا تماما فكرة الزواج مرة أخرى. فكان لهم كما تقول ابنته زينة: “نعم الأب والأم في نفس الوقت. إذ كان يحارب للقيام بالدورين معا. فيستيقظ عند الفجر ليصلي ثم يهيئ لنا الفطور ويوقظنا ليُعدّنا للذهاب للمدرسة. فكان يمشّط شعري، ويساعد أخي على ارتداء ملابسه ثم يرافقنا إلى مدارسنا قبل أن يذهب لعمله. أما في المساء، فينشغل بإعداد العشاء لنا وهو يساعدنا على مراجعة دروسنا. كما يسهر برفقتنا ليلا لنشكو له انشغالاتنا ونبث له همومنا. وبالمختصر كان لنا نعم الأب الذي فضل أن يظل أعزب دون زواج، لكي لا يجيء لنا بزوجة أب تنغص معيشتنا، حتى إنه تكفل شخصيا برعاية أخي الرضيع الذي كان لا يتركه إلا حين ذهابه للعمل تحت رعاية جدتي”.

وحيد رفقة أولادي وعذابي

ونفس المعاناة تقريبا اختار السيد عبد الكريم تحملها طواعية بعدما هجرته زوجته، التي اختارت استكمال دراساتها بفرنسا، تاركة له طفلين برعايته. ليُقرر تحمل مسؤولية تربيتهما وحيدا بدل الزواج ثانية. لأن تجربة زواجه، جعلته يخشى تكرارها ثانية، مفضلا عيشة العزوبية رفقة أولاده وعذاباته الكثيرة في سبيل تربيتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة.

أما السيد حسان، 42 سنة الذي توفيت زوجته تاركة له ثلاثة أطفال برقبته، فيؤكد أن: “العيش أعزب رفقة أولادك ليس أمرا هيّنا بالنسبة لرجل اعتاد على وجود امرأة في حياته. وإنما هي فعلا معاناة على جميع الأصعدة، خاصة في ما يخص التعامل معهم في سن المراهقة. وبالأخص مع البنات. إذ ليس من اليسير أن تتفهم كرجل سيكولوجية البنت في تلك المرحلة الصعبة، ومن العسير أن تُفهمها وتُقنعها بالكثير من الأمور والمبادئ التي تفرضها الأعراف.”

الآباء العزاب أكثر عرضة للموت البكر

أكد الأخصائيون أن معدلات إصابة الآباء العزاب بالأمراض النفسية أعلى بالمقارنة مع الأمهات العزباوات. فهم معرضون للتوتر والضغط النفسي والعصبي والأعراض الاكتئابية. الأمر الذي يؤثر على صحتهم ويجعلهم أكثر عرضة للموت المبكر، مقارنة بالأمهات العزباوات وبالآباء المتزوجين. فبناء على أبحاث أجريت على أكثر من 40000 حالة من الآباء والأمهات العزباوات، اتضح أن الآباء العزاب الذين يعتنون بأطفالهم بمفردهم هم أكثر احتمالا للتعرض للموت المبكر بنسبة 30 بالمائة، مقارنة بالآباء المتزوجين. وهذا، لأنهم يعيشون نمط حياة غير صحي وغير مستقر من حيث الأكل، النشاط البدني. كما أكدت الدراسة أن معدل انتشار السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، أعلى لدى الآباء العزاب مقارنة بالأمهات العزباوات والمتزوجين. ورغم إشارة الدراسة إلى أن السبب الرئيس لوفاة الآباء العزاب غير واضح، إلا أن الباحثين يعتقدون أن الاختلافات الاجتماعية والحالة النفسية يمكن أن تلعب دورا في ذلك.”

نصائح إلى الأب الأعزب

وبما أن الآباء العزاب وأولادهم يواجهون تحديات نفسية واجتماعية كبيرة وصعوبات معقدة قد تخلق لديهم تعقيدات نفسية، فإن الأخصائيين ينصحون كل أب أعزب بألا يرفض أي مساعدة من أي عنصر نسوي بالعائلة، كالجدة، الخالة، العمة. لأن ذلك يمكن أن يُعوض لديهم ما فقدوه من أحاسيس الأمومة. كما لابد للأب الأعزب من أن يهتم بصحته النفسية والجسدية، ويخصص وقتا للاسترخاء والاستجمام، لتخفيف وطأة المهام والمسؤوليات الكثيرة الملقاة على عاتقه. كما يجب على كل أفراد المجتمع تقديم الدعم لهذه الفئة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!