الرأي

“الإرهابي ” خالد بن الوليد؟

وقعت تونس إعلاميا واجتماعيا وسياسيا، في تعاملها مع الإرهاب، الذي صبغ جلدته باللون الإسلامي، في نفس الأخطاء، التي وقعت فيها الجزائر في مرحلة العُشرية السوداء، واستغله الآخرون من أعداء الدين الحنيف، أمكر استغلال، فبدلا من أن تسحب الأسماء الخالدة لرجالات الإسلام الخالدين، من المتشبّهين بها، من قتلة إخوانهم، والرافضين للجدل بالتي هي أحسن، وتمنحهم أسماء جزّاري التاريخ من أمثال فرعون وهتلر وسواريس وشارون، راحت تسبح في تيّارهم، كما حدث في مدينة الكاف.

حيث بشّرت تونس، مواطنيها باقتراب القضاء على الإرهابي “عقبة بن نافع”، ونقلت الصحف الفرنسية الخبر، ووضعت – طبعا – اسم “عقبة بن نافع” كعنوان كبير، لهمجية وإرهاب كبير، وكانت تونس وتبعها الإعلام الفرنسي، قد قدّمت أيضا مجموعة “الفتح المبين”، كنموذج أسود لآلة الموت، ولا ندري بعد هذه التسميات المسيئة للفاتحين ورموز الأمة، ولآيات الذكر الحكيم، كيف سيقدّم مُعلم التاريخ في تونس لتلامذته سيرة عقبة بن نافع، أو كيف يشرح معلم التربية الإسلامية جملة الفتح المبين، وهي مرتبطة بالتقتيل والترويع.

وعن جهل وسوء تقدير، سارت الجزائر سلطة وإعلاما، خلال العشرية السوداء، تجلد التاريخ مرّة، وتزلزل الدولة الفاضلة التي بناها الصحابة، أخرى، وهي تساهم في تشويه صورة الإسلام.

فقد حفظ الجزائريون أسماء الصحابة الكرام مثل معاذ بن جبل ومصعب بن عمير وأسامة بن زيد والقعقاع بن عمرو وخالد بن الوليد، ولكنها الآن جميعا لرجال أبادوا العائلات، وحرقوا الأخضر، فتحوّل أمين الأمة إلى رجل يُرعب الآمنين، وفاروق الأمة إلى باطش لا يدخل قرية إلا وأفسدها وفرّق شملها، واختارت الجماعات الإرهابية لنفسها أسماء قرآنية مثل سلسبيل وسبيل الرشاد والصراط المستقيم والفرقان، واختارت لعملياتها الإجرامية أسماء غزوات يفتخر بها المسلمون، مثل بدر وحنين والقادسية، وسار على نهجها الأحمر، عامة الناس، وعقّدوا الجيل الحالي من أسماء ما صاروا يقرؤون عن عدلها وكرمها وأخلاقها، في مقرراتهم الدراسية إلا نادرا، ومن آيات قرآنية اقتبس منها الإرهابيون ألقابهم، ومنحتهم الحكومات والشعوب أيضا شهادات ميلاد بهذه الألقاب، بدلا من أن تمنحهم شهادات الوفاة.

لقد كان أملنا أن تقدم الأسماء الجديدة للأمة، من محمد إلى أسامة وعمر وعلي، للبشرية، اختراعات علمية، وتحصد جوائز نوبل في مختلف المعارف، وتكون خير خلف، لسلف بنى دولة فاضلة بالعلم والأخلاق، قدّمت للبشرية البيروني والرازي وابن الهيثم وابن سينا، ولكن الإعصار أطفأ المشعل، وتحوّلت كل هذه الأسماء الفاضلة إلى عنوان للرعب ساهم فيه المسلمون قبل غيرهم، وحتى التنظيم الإرهابي الذي يرتكب مجازره مع سبق الإصرار والترصّد والفخر والتصوير والبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يسمّيه المسلمون عن جهل وغباء مطبق، الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهم يعلمون بأن دولة الشام في العصر الأموي ودولة العراق في العصر العباسي تحت راية الإسلام، هي التي أشرقت علما وأخلاقا على أوربا، قبل أن تكون أمريكا قد عرفت مكانها في خارطة العالم.

مقالات ذات صلة