-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أغلب المتهمين من مدمني المخدرات

الاعتداء على الأصول ينخر المجتمع

نادية سليماني
  • 4175
  • 0
الاعتداء على الأصول ينخر المجتمع
أرشيف

يعيش الكثير من الأولياء كابوسا رهيبا مع أولادهم، خاصة مدمني المخدرات، والذين يتعدّون جميع الخطوط الحمراء في سبيل تأمين قرص مهلوس، ولو باللجوء إلى الضرب وحتى قتل الأمهات خصوصا، باعتبارهن أكثر رأفة وانصياعا لطلبات المدمنين أكثر من الآباء، والمؤسف هو تنازل الأم عن شكواها ضد الولد المعتدي أمام المحاكم، ما يجعل عقوبته موقوفة النفاذ.
انتشرت قضايا التعدي على الأصول وبشكل لافت أمام المحاكم مؤخرا، وغالبية المتورطين فيها من الأبناء المتعاطين للمخدرات سواء ذكورا أو اناثا. فالأم تعتبر فريسة سهلة لابنها المدمن البطال، فهي مصدره المالي سواء من منحتها الشهرية أو بلجوئها لإقتراض المال بضغط وتهديد من ابنها أو يلجأ الأخير لسرقة مصوغها أو بيع أثاث منزلها. ونادرا ما تنجح هذه التهديدات في حال وجود أب بالمنزل، لأنه يكون أكثر صرامة مع أبنائه مقارنة بالأم، لذلك غالبية الضحايا هن نساء أرامل أو مطلقات.
والمؤسف، أن بعض الأبناء يتورطون في قتل أمهاتهم وبأبشع الطرق، بعد ما يرفضن منحهم المال لشراء المُخدرات، وغالبية قضايا الضرب والسب والشتم التي تطال الأولياء، والتي يتم تحريكها أمام العدالة، تنتهي بصفح الأم عن ابنها بعد ما يطالب وكيل الجمهورية بتسليط أقصى عقوبة مقررة في حق الجاني، وهو ما يُمكّن الأخير من الإفلات من العقوبة ويجعله يكرر جريمته مُجدّدا.
وتبرر غالبية الأمهات أسباب صفحهن، أنهن لا يستطعن رؤية أبنائهن خلف القضبان، حتى ولو أذاقوهن أنواع العذاب.!.

هجرت بيتها هاربة من بطشهما..!
القصص كثيرة في هذا الموضوع، منها قصة سيدة أرملة تنحدر من ولاية غرب الوطن، لديها ابنان أحدهما في 20 والثاني في 24 من عمره، وهما مُدمنان على المخدرات وبطالان، كانا لا يتوانيان عن شتم وضرب وسرقة أغراض والدتهما عندما تمنع عنهما المال، بل ويسرقان حتى أغراض الجيران. وعندما ضاقت الأم ذرعا بتصرفاتهما قرّرت هجرهما كلية واستئجار منزل بمفردها، ومع ذلك لاحقاها.
والمؤسف، حسب محامي هذه السيدة، أنها دائما تتنازل عن شكواها في حق ابنيها عندما تصل القضية الى الشرطة أو المحكمة.
ووالد من بلدية القبة بالجزائر العاصمة، قصد جريدة “الشروق”، باحثا عن حل لابنه مدمن المخدرات في الثلاثينات من عمره، والذي يضرب والدته ويسرق أغراض المنزل لبيعها، يقول: “لا أستطيع إدخاله السجن، ولم أجد مصحة علاج إدمان تستقبله لعدة أيام وتعالجه.. فأنا أعاني بصمت من تصرّفاته”.

عقوبات صارمة وأولياء يتنازلون أمام القضاة
والصّمت عن تصرفات مثل هؤلاء الأبناء المدمنين والعاقين، قد يجعلهم يتمادون في أفعالهم مستقبلا، ويتجرأون على ارتكالب جرائم فظيعة ضد عائلاتهم.
وترى المحامية المعتمدة لدى المحكمة العليا، حسيني سارة ايمان، بأنه في غالب الأحيان يلجأ الآباء الى العدالة، لكبح تعدي أبنائهم عليهم، والذي يمس سلامتهم الجسدية والنفسية، مؤكدة، أن المشرع الجزائري عالج جريمة تعدي الفروع على الأصول وفق نصّ المادة 267 من قانون العقوبات، والتي تنصّ على أن كل من أحدث عمدا جرحا أو ضربا بوالديه الشّرعيين او غيرهما من أصوله الشرعية، يعاقب بالحبس المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، اذا لم ينشأ عن الجرح أو الضرب أي مرض أو عجز كلي عن العمل من الشكل الوارد في المادة 264 من قانون العقوبات.
وحسبها، الحدّ الأقصى للحبس من 5 إلى 10 سنوات، إذا نشأ عجز عن العمل لمدة تزيد عن 15 يوما، ومن 10 إلى 20 سنة في حال تم فقد أو بتر أحد الأعضاء أو حرمان استعماله، أو فقدان البصر للعين أو كلتنا العينين أو إحداث أي عاهة مستديمة أخرى، أو أدى إلى وفاة من دون قصد إحداثها. وتصل العقوبات إلى غاية السجن المؤبد.
وقالت محدثتنا: “المُشرّع الجزائري جد صارم في مثل هذه القضايا، ولكن من المتعارف عليه وما تشهده جلسات المحاكم غالبا، هو تنازل الأمهات عن الدعوى يوم الجلسة وصفحهن عن الابن المتهم. وبالتالي، فطبقا للمادة 267، الصفح لا يضع حدا للمتابعة الجزائية، فتنازل الأم يجعلها لا تستفيد من التعويض المادي باعتبارها طرفا مدنيا في القضية، أما الحق العام، فيبقى قائما، ولكن مع الصّفح يتحصل المتهم على عقوبة السجن غير النافذ، وفي حال كرر نفس الفعل فتتحول عقوبته إلى السجن النافذ”.
وسردت المحامية، قصة ترافعت فيها، تخص والدة كانت تتعرض للضرب وسرقة مصوغاتها من طرف ابنها مدمن المخدرات، ولكنها صفحت عنه يوم المحاكمة لتتم إدانته بعقوبة عام حبسا غير نافذ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!