-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

البقرة التي لا تعطي حليبا!

البقرة التي لا تعطي حليبا!
ح.م
عبد المؤمن ولد قدور

عندما يقول السيد عبد المؤمن ولد قدور، المدير العام لشركة سوناطراك، إن عمال هذه المؤسسة العملاقة، هم الأقلّ أجرا مقارنة بعمال الشركات النفطية في كل قارات الأرض، فلنا أن نقيس الحالة الاجتماعية لعمال جزائريين في قطاعات أخرى، ليس لها ما تحلبه من آبار نفط، كانت ومازالت تجري من تحت مسؤولي وزارة البترول أنهارا، ولن نتحدث هنا عن حالة البطالين واليائسين، لأن الجواب المؤلم صار يأتينا صريحا وصُراحا، جثثا من أعماق البحر الأبيض المتوسط.

وبينما وضع ماسك مفاتيح المال في الجزائر، عمال قطاعه في المركز الأخير عالميا، وعدّ أكثر من ستة عشر ألف هارب من جنة سوناطراك نحو الخارج، أبى إلا أن يقدّم شركته كمجمّع اجتماعي، لا نظير له في العالم، يقدمّ سيارات الإسعاف والأجهزة الطبية مجانا لأبناء الصحراء الجزائرية، وهو يعلم ونحن نعلم، بأن بعض الإطارات الأوروبية في حاسي مسعود تتقاضى أجرا لا يقلُّ عن نصف مليار سنتيم في الشهر، والألف مليار دولار التي استهلكتها الجزائر في العقدين الأخيرين، كانت من لبن هذه البقرة، التي تركت في إنائها ما يرشح لأبناء الجنوب وأيضا الشمال.

لا أدري إن كان السيد ولد قدور، المختال فخرا، بما قدَّمه لأبناء الجنوب، يعلم بأن مؤسسة البترول الكويتية قدَّمت على مدار سنتين لأبناء البلد من دون استثناء منحة شهرية كبيرة، ولا أدري إن كان يعلم بأن شركة البترول المكسيكية ساهمت في إنجاز ملاعب عملاقة عندما نظمت البلاد كأس العالم سنة 1986، وستبني مزيدا من المركبات الرياضية والفنادق الفخمة هديَّة لأبناء وطنها، لتحضير استضافة المكسيك لكأس العالم سنة 2026 مناصفة مع كندا والولايات المتحدة الأمريكية، ولن نفتح ملفات الشركات الكبرى مثل بريتش بيتروليوم وروايال ديتش شل، التي شيّدت جامعات وكليات طب ومدناً تكنولوجية وحقول قمح وقطن وبُنّ، وقفزت ببلادها إلى قمة التطوّر، بينما يفتخر المدير العام لسوناطراك التي كانت إلى وقت قريب أقوى شركات القارة السمراء، بتوزيع سيارات إسعاف وجهاز “سكانير”، وهي أفعالٌ خيرية يقدّمها حتى البسطاء في الجزائر، ويصرّون على ألا تُذكر أسماؤهم، من الذين يتصدقون بصدقة، فيخفوها، حتى لا تعلم شمالهم ما أنفقت يمينهم.

صرنا متأكدين في الجزائر، من أن الداء أصاب الرأس والقدم، ولا ندري مسارا صحيحا للعلاج، فإذا كانت حال شركة سوناطراك، وهي الأعرق والأكبر والأكثر جذبا للأجانب من كل الجنسيات باعتراف وبفخر مديرها العام، هي هكذا، ما بين هزال مرتبات عمالها، وما تقدمه للمجتمع من فُتات، فإننا نتساءل عن وضع بقية المؤسسات التي بُنيت بأموال هذه الشركة العملاقة التي صارت “ترمومترا” لقياس حرارة جسم البلاد التي ارتضت أن تعيش رهينة لسوناطرك، وارتضت سوناطراك أن تعيش رهينة البدائية والعشوائية، وكان بإمكانها أن تبني نموذجا جزائريا يُقتدى به في تكوين الثروة حتى يستفيد منها عمالها جزاء عملهم، وتوزيعها من خلال إنجازات كبيرة لصالح الاقتصاد الوطني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • جزائري حر

    صدق من قال ان أسوأ خلق عرفته البشرية هم هدا النوع من العبر .

  • Omar one dinar

    قال أحد الإنقلابيين إذ كانت البقرة البيضاء لا تعطينا حليب .فالسوداء تعطينا قهوة

  • ahmed

    اذا الايمان ضاع فلا امان , ولا دنيا لمن لم يحيي دينه.
    الان تاكدت ان ظاهرة الحرقة سببها وباء الياس والقنوط الذي استشرى.