-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أكد انتهاء "عهد الوصاية" وأكد "التحية من أعماق الأعماق للجزائريين"

التونسيون يتوجون “السيد النظيف” رئيسا

التونسيون يتوجون “السيد النظيف” رئيسا
ح.م
قيس سعيّد

خطت تونس، الأحد، محطة أخرى في مسار الانتقال الديمقراطي، بعد إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، ومنح من خلالها التونسيون للأكاديمي أو “الرجل النظيف” كما يوصف الأحقية في دخول قصر قرطاج، وقيادة البلاد، بعد تحقيقه فوزا كاسحا على رجل الأعمال المتابع في قضايا فساد نبيل القروي.

وقال سعيّد في أول كلمة له بعد ظهور النتائج الأولية، مساء الأحد، إن “عهد الوصاية انتهى”، وتابع “شكرا لمن انتخبني وشكرا لمن لم ينتخبن وشكرا لأحرار تونس من أعماق الأعماق. شكرا للشباب والشيوخ وحتى للأطفال الذين فتحوا صفحة جديدة في التاريخ”.

وأضاف “يا شعب تونس العظيم، أعطيتم درسا للعالم كله. هي ثورة بمفهوم جديد، هي ثورة في إطار الدستور مع التمسك بالشرعية. هي ثورة لم يعهدها الفلاسفة وعلماء الاجتماع وعلماء السياسة. أبهرتم العالم بما قمتم به”.
وأضاف “ليطمئن الجميع على أنني سأحمل الرسالة والأمانة بكل صدق وإخلاص. سأحملها بأعبائها وأوزارها بإخلاص. ها أنتم اليوم تحققون ما تريدون. الدولة ستستمر بتعهداتها الدولية. ليطمئن الكثيرون، لأننا نعي حجم المسؤولية”.

وأكمل “علاقاتنا في الداخل ستبنى على الثقة والمسؤولية وسنعمل في إطار الدستور واحترام القانون”، وأتم قيس سعيّد “سنعمل من أجل القضايا العادلة وأولها القضية الفلسطينية. أتمنى أن نبني علاقات جديدة جيدة مع الأمم والشعوب في إطار الإنسانية”.

وجدد سعيّد الذي تعددت التسميات التي أطلقتها عليه وسائل الإعلام العالمية، ومنها “روبوكوب”، و”دون كورليون”، التأكيد على موقفه من الجزائر التي يصفها التونسيون بالشقيقة الكبرى، وقال “أشقاؤنا في الجزائر، تحية لهم من أعماق الأعماق”، وعبر عن أمله في زيارة ليبيا. كما أكد أنه سيعمل على دعم القضايا العادلة، وأولاها القضية الفلسطينية، لأن الثورة التونسية “ثورة ذات بعد إنساني”، وهو الذي وصف التطبيع مع الكيان الصهيوني بـ”الخيانة العظمى”، خلال المناظرة التي جمعته، الجمعة، ضد منافسه نبيل القروي، كما أكد أن بلاده ستواصل احترام تعهداتها الدولية.

وخرج آلاف التونسيين إلى الشوارع للاحتفال بالنتائج الأولية للانتخابات. ورفع أنصار سعيّد العلم التونسي، ورددوا مقاطع من أغان طالما تغنى بها الشعب أيام الثورة عام 2011، كما رددوا شعارات ثورية مساندة لسعيّد.

وقدمت حركة النهضة التهنئة لسعيّد، ودعت أنصارها للالتحاق والاحتفال مع الشعب التونسي بشارع الثورة، في إشارة إلى شارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة.

قيس سعيّد.. رجل الظل تحت أضواء الرئاسة

وقف قيس سعيّد، ذات فيفري 2011، في ساحة الحكومة التونسية في القصبة، مكتشفاً للمرة الأولى مشاعر الشباب الجياشة الرافعة لشعارات الثورة والمدافعة عنها. وحين انصرفت آنذاك شخصيات سياسية معروفة للمفاوضات والصفقات في الغرف الفاخرة المغلقة، كان سعيّد من الداعمين لنبض الشارع وتحركاته، فأبهر معتصمي القصبة والتحم بهم. هنا تعرّف إليه المعتصمون أستاذاً منتصب القامة بصوت جهوري ولغة عربية فصحى، وكان في حضوره أثر خاص لم يمحِ من ذاكرتهم، وجعل كثيرين بينهم يتجمعون حوله بعد 8 سنوات ويتطوعون للدعاية له من أجل أن يكون رئيساً.

لم يكن سعيّد يحلم بالرئاسة قطعاً، وهو الجامعي الذي عرفه طلابه قبل الثورة (2011) بعيداً عن السياسة، حكماً ومعارضة. وفي وقتٍ كان فيه بعض زملائه من قيادات الصف الأول في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أو أشرس معارضيه ومنتقديه، كان يكتفي بتقديم المحاضرات في مادة القانون الدستوري لهم، ثم يغادر مقر الجامعة، إذ إنه نادراً ما جمعته بهم أحاديث جانبية أو أي لقاءات خارج سياق الدرس آنذاك. أضحى سعيّد أكثر تحرراً وانغماساً في الشأن السياسي إثر الثورة، حاملاً مع مجموعة من زملائه شعار “من أجل جمعية وطنية تأسيسية”، وهو حلّ تبنّته أحزاب سياسية فيما بعد وأفضى إلى انتخاب المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011.

لم يترشح سعيّد للمجلس التأسيسي آنذاك، خلافاً لعدد من زملائه، واقتصر حضوره في الشاشات والإذاعات على تفسير النقاط الخلافية في الدستور ليحصد تعاطفاً أكثر وإيماناً أكبر بنزاهته، وغزت عباراته مواقع التواصل وصارت من نوادر التونسيين، على غرار تعبيره: “الدستور الذي أكله الحمار”. لم تتوقف مسيرة سعيّد عند هذا الحد، فقد جاب البلاد من شمالها إلى جنوبها من أجل لقاء الشباب والاستماع إلى رؤيتهم الخاصة لنظام الحكم. ولم يترشح سعيّد في انتخابات 2014، حين كانت البلاد تعيش على وقع الاستقطاب الثنائي، متفادياً وسائل الإعلام.
على امتداد السنتين الماضيتين، لم تعر الأحزاب والشخصيات المتناحرة على الرئاسة، أي اهتمام لنتائج استطلاعات الرأي التي وضعت سعيّد مرشحاً محتملاً عالي الحظوظ، ويعود ذلك لابتعاده عن الأضواء. ومع الذكرى الثامنة “للانفجار الثوري” كما يسميه، أعلن نيّته الترشح لرئاسة الجمهورية، ويعود ذلك وفق مقربين منه إلى تأكده من شعبيته واتساع الحزام الشعبي المحيط به إثر جولات ماراتونية في ربوع البلاد، فحيثما توترت العلاقة مع الدولة والسلطة الحاكمة، كان سعيّد موجوداً في صف الغاضبين والمحتجين.

“لم أنتخب في حياتي قط، وحتى إن ترشحت فلن أنتخب، ما معنى أن ينتخب الشخص نفسه؟ فالقضية ليست قضية شخصية. الأحزاب ليست قوية، هناك أحزاب كبرى شاركت في الانتخابات البلدية ولم تحقق نتائج عالية، على الرغم من التمويل الضخم وغسل الدماغ الجماعي، ولم تكن المشاركة الضعيفة عزوفاً، بل إضراباً عن الانتخابات”، بهذه الكلمات أعلن سعيّد نيّته في الترشح، بما بدا وكأنه حصل بعد تفكير واضح وقراءة للساحة، فالأحزاب التقليدية وحتى أكثرها ثراءً وتمويلاً لم تعد مقنعة، والتونسيون أضربوا عن المشاركة. من هنا جاءت فكرة أن يكون المرشح المستقل من خارج المنظومة التقليدية، والذي لم تطله شبهات الفساد ولم يفسده التعصب لحزب أو لفكر ما.

وبين خطاب عروبي يدغدغ مشاعر التونسيين، وخطاب ديني محافظ يستقطب شريحة واسعة أيضاً، ومقولات عن دور الدولة الاجتماعي للنهوض بالفئات الهشة وإعادة الحكم إلى الشعب للتعبير عن سيادته وممارسته السلطة، تأرجحت تعبيرات سعيّد في لقاءاته الإعلامية. ولم يمنع ذلك من تعاظم المخاوف منه ومن المشروع الضبابي الذي يهدف إلى إعادة السلطة إلى الشعب عبر حكم المجالس المحلية، ومن تحفّظه عن الغوص في مواضيع تتعلق بالحقوق والحريات الفردية.

وكما دغدغ خطابه شريحة من الناخبين، نفرت فئة أخرى منه، ولاسيما مع غياب التنظيم الواضح لحملته الانتخابية، فالحزام المحيط به من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وطرحه المحافظ في باب الحريات الفردية والعامة والمساواة بين الجنسين، مثّل أيضاً محل انتقادات واتهامات بالرجعية وتهديد مكاسب المراحل الماضية.
المصدر: وكالات

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • LOGIQUE

    هنيئا لإخواننا في تونس برئيسهم المحترم قيس سعيّد والذي صراحة يستحق الفوز .
    رأيي: أتمنى من الرئيس قيس سعيّد أن يزور الجزائر بعد أن ننتخب رئيساً للجمهورية -- وإن شاء الله يكون مترشح حر وجديد وعلمي ومحبوب.

  • انا

    لخبر يجيبوه التوالا لازم يكون عندك bagage كبير باش تنفذ الكلام اللي قلته أما الكلام راه عندنا فالجزائر قتلونا بالهدرا حتى كرهونا. لازم يكون عندك اقتصاد كبير و جيش قوي وووو .المهم هذا احسن من المرزوقي....