-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحجاب دين وحياء وليس أذواقا وأهواء

سلطان بركاني
  • 3780
  • 0
الحجاب دين وحياء وليس أذواقا وأهواء

لا يزال كثير من النّاشطين على مواقع التّواصل الاجتماعيّ، يتداولون قصّة امرأة صالحة، نحسبها كذلك، قدّر الله لها أن تكون مع زوجها على متن العبّارة المصريّة التي غرقت وهي في طريقها من السّعودية إلى مصر بتاريخ 2 فيفريّ 2006م، وأدّى غرقها إلى وفاة أكثر من 1000 مسافر كانوا على متنها..

 يروي زوج تلك المرأة الصّالحة الذي كان من النّاجين يومها، موقف زوجته في آخر اللّحظات التي عاشتها في هذه الحياة، يقول: حينما بدأت الباخرة تتمايل يمنة ويسرة وأخذ النّاس يصرخون، كنت مع زوجتي في الغرفة التي حجزتُها، قلت لها: قومي بسرعة، هيا اخرجي، إنّ السّفينة تغرق.. فإذا بها تقول: كلا، انتظر. قلت: ماذا أنتظر؟ اخرجي بسرعة. قالت: انتظرْ حتى ألبَس الحجاب، قلت لها: وهل هذا وقت الحجاب؟ قالت: لا والله، لن أخرج إلا وأنا بحجابي الكامل، حتى إذا متّ لقيت الله وأنا على طاعة.. يقول زوجها: والله ما خرجتْ إلا بعد أن لبست ثيابها، ولبست حجابها ولبست سراويل تحت الحجاب، ثمّ خرجنا، وحينما صعِدنا إلى سطح المركب، كأنّها أحسّت أنّها آخر لحظاتها في هذه الحياة الدّنيا، فما كان منها إلا أن التفتت إليّ في ثبات عجيب وقالت: أستحلفك بالله هل أخطأت في حقك قبل اليوم؟ يقول الزّوج: قلت لها: لا والله. قالت: سامحني، قلت لها: سامحتك. ثم نظرت إلي وقالت: أرجو الله أن يجمعني بك في الجنة.. وما هي إلا لحظات، وإذْ بالموج يفرّق بيني وبينها. حاولتُ أن أتشبّث بها ولكنّ الموج كان أقوى، فغرقتْ أحتسبها شهيدة عند الله.. ماتت وهي بحجابها الكامل الذي رفضت أن تتخلّى عن شيء منه في أحلك المواقف وأصعب الظّروف، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته. اهـ.

ربّما تكون هذه الزّوجة في نظر كثير من النّاس متشدّدة، وربّما يشتطّ بعضهم فينظر إليها على أنّها ماتت منتحرة، لكنّها عند الله ربّما تكون قد كُتبت في عداد الصّالحات الثّابتات.. في أحلك موقف يمكن أن تعيشه مسلمة في حياتها لم تنس حجابها، ولم تنس أنّ النّفع والضرّ بيد الله الواحد الأحد جلّ وعلا. لقد كانت في موقف يرخّص لها فيه أن تتغاضى عن أمر الحجاب، لكنّها رأت أنّها ربّما تفارق هذه الحياة في كلّ الأحوال، فاختارت أن ترحل وفوق رأسها تاج عزّها ووقارها، ولم تكن الوحيدة التي رحلت، بل رحل معها أكثر من 1000 مسافر آخر.

فما أحوجنا لأن نذكّر بمثل هذه النّماذج في زماننا هذا الذي صارت فيه كثير من المسلمات تتخلّى الواحدة منهنّ عن حجابها لأتفه الأسباب، وتتكشّف للأطبّاء والممرضين من غير ضرورة، وتُلقي حجابها خلف ظهرها وتخرج في كامل زينتها أمام الرّجال الأجانب وأمام المصوّرين في الأفراح والأعراس والمناسبات، وكأنّ الله لا يطّلع عليها. ما أحوجنا إلى مثل هذه النّماذج في زمن صارت فيه كثير من المسلمات تتلاعب الواحدة منهنّ بحجابها وتتفنّن فيه خوفا من استهزاء زميلاتها وجاراتها، وخوفا من أن يقال عنها إنّها “أخت”، أو توصف بأنّها متخلّفة ولا تملك ذوقا راقيا، أو تُلام على تحوّلها إلى عجوز قبل الأوان!.. ما أحوجنا إلى هذه النّماذج في زمن تُساوم فيه المسلمة على حجابها لأجل العمل في مصالح هي في الأوّل والأخير مصالحُ في مؤسّسات تابعة لدول مسلمة!.. ما أحوجنا في هذا الزّمان لمثل هذه النّماذج التي تتبخّر أمامها أحلام المتربّصين بهذا الدّين، وتتحطّم أمامها مؤامراتهم ومكائدهم.

إنّ المفترض في كلّ امرأة مؤمنة في كلّ زمان ومكان، أن يكون همّها الأكبر هو رضا خالقها، وألا تقدّم طاعة مخلوق من المخلوقين على طاعة الله الواحد الأحد، فالله جلّ وعلا هو الخالق والرّازق والمحيي والمميت وبيده وحده أمر الكائنات، يقول نبيّ الهدى صلى الله عليه وآله وسلّم: “من أرضى الناس بسخط الله وَكَله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤونة الناس”.

هذا ما نريده ونتمنّاه لأخواتنا المسلمات في هذا الزّمان، أن يكون دينهنّ أغلى ما يملكن في هذه الحياة، ويكون شعارهنّ دائما وأبدا: “إلا ديني وحجابي”.

إنّ المأمول والمنتظر من كلّ أخت مسلمة تعيش هذا الزّمان الذي تُحاك فيه المؤامرات على الحجاب لمحاصرته وتطويره، أن تغار لدينها وحجابها وتزداد تمسّكا به.. المنتظر من كلّ امرأة مؤمنة أن تراجع حجابها، وتسأل نفسها: يا ترى، هل هذا هو الحجاب الذي يرضاه الله لي؟ يا ترى، حجابي هذا الذي ألبسه، ألتمس به رضا الله أم رضا النّاس؟ إذا كنتُ أريد به رضا الله، فلماذا لا يكون حجابا واسعا كما أمر جلّ في علاه وبيّن نبيّه ومصطفاه؟.. المأمول من كلّ فتاة مسلمة أن تجعل في خلدها دائما وأبدا أنّها ما هي إلا سنوات أو أشهر أو أيام أو ساعات أو لحظات معدودات، وتلقى الله جلّ في علاه، وتُحمل من بيتها وتزفّ إلى قبرها في كفن يغطّي جسدها كلّه. فماذا أعدّت لهذا الخروج الذي لا رجعة بعده؟ أ تراها سينفعها هؤلاء الذين يفتونها بما يعجبها ويوافق هواها لا بما يُنجيها، إذا وقفت بين يدي خالقها ومولاها؟ أ تُرى سينفعها أولئك الذين تتفنّن في حجابها لأجل نظراتهم وكلماتهم؟ أم تُراها سينفعها عذرًا عند الله أن تقول له: كنتُ ألبس ما تلبسه صديقاتي وخليلاتي؟. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!