-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عائلة "صباح الصغيرة" تستضيف "الشروق" وتنقل حقائق مخفية:

الراحلة عانت الظلم في حياتها وحتى بعد وفاتها لم يسأل عنا أي مسؤول

سيد أحمد فلاحي
  • 6088
  • 0
الراحلة عانت الظلم في حياتها وحتى بعد وفاتها لم يسأل عنا أي مسؤول
أرشيف
الفنانة الراحلة صباح الصغيرة

تمر 17 سنة على رحيل الشحرورة صباح الصغيرة المطربة الرزينة التي غادرت في صمت ومع ذلك لا زال غيابها يصنع الشغور في الساحة الفنية، بعد أن شقت طريقها في الفن باكرا وهي طفلة لم يتجاوز سنها 15 سنة، عدنا لبيتها الذي انطلقت منه باسم بن ثابت فاطمة أو صباح الصغيرة، لمعرفة أحوال عائلتها ويومياتهم الحزينة، فكان الموعد فرصة لاسترجاع ذكريات من الزمن الجميل، من خلال لقاء بالبيت العائلي بحي السلام بوهران وكان الحوار مع السيدة حليمة الشقيقة الصغرى للراحلة صباح الصغيرة.

بداية كيف هي أحوال عائلة بن ثابت بعد رحيل الصباح؟

رغم مرور أكثر من 17 سنة على رحيل شقيقتي صباح، إلا أننا لم ننسها يوما واحدا، والشيء المؤلم هو مرارة النسيان والتهميش الذي لقيناه وجحود المسؤولين، وكأن وفاة صباح كان الباب الذي سد في وجوهنا من قبل من كانوا يدعون حب صباح.

هل يتم التواصل معكم من لدن مسؤولي أوندا أو مديرية الثقافة ؟
لم نتلق أي اتصال مند سنوات من جميع المسؤولين المتعاقبين على كراسي الحكم في مديرية الثقافة أو حتى الهيئات الإدارية، وهو ما بعث في نفوسنا اليأس والقنوط ونحن عائلة مشتتة نبحث عن منفذ من أجل العيش بكرامة لكن في غياب سكن صعب للغاية.

لكن تتلقون إعانات من مؤسسة أوندا طالما أن الفنانة صباح تملك في رصيدها عددا من الأعمال الفنية والكليبات ؟
هل تقصد 150 دج عن كل أغنية أو فيلم هو مبلغ زهيد لا يتجاوز 2000 دينار في السنة، ولا يعكس حجم ما قدمته شقيقتي الراحلة، بل يعتبر إهانة واضحة وجب تداركها في أقرب وقت لحفظ ماء وجه الفنان.

كيف كانت علاقة صباح مع الفنانين ومن هي الشخصية التي تأثرت بها قبل شقها طريق الفن؟
شقيقتي كانت بطبعها فنانة تحب الخير للجميع، وتشجع زملاءها بدليل أنها كانت على علاقة وطيدة مع نخبة من النجوم في صورة الفنانة حورية بابا وجهيدة وبارودي والقائمة طويلة، أما الفنانة التي تأثرت بها فكانت اللبنانية صباح الكبيرة، وهو ما جعلها تتبنى اسمها فنيا، وتحوّله لصباح الصغيرة الاسم الذي ذاع صيته ليس في الجزائر فقط بل في كل الوطن العربي.

وفي الجزائر من هم الفنانين الذين أحبتهم صباح؟
محليا كانت تحب الفنانة القديرة بيونة والشاب حسني الذي كان جارها في حي قمبيطة.

كيف كانت علاقتها بالعائلة؟
صباح كانت بمثابة الأم الثانية، هي التي تسير أمورنا وتساعد كل واحد في مجاله من أجل الوقوف على قدميه، والدليل أنها حتى وهي على فراش الموت لم تتوقف لحظة على توجيهنا في الحياة وتقديم الوصايا المفيدة، لأن الحياة صعبة وموحشة.

ما هو الموقف الذي أثَر فيكم سواء خلال حياة صباح أو حتى بعد موتها؟
كان عمي رافضا فكرة دخول صباح عالم الغناء والفن، وقد أقسم على قطع علاقته نهائيا بنا، وهو ما تم لعدة سنوات، غير أن المفاجأة كانت كبيرة، يوم حج بيت الله وهو يتجول بإحدى أسواق المدينة المنورة، سمع أغنية صباح داخل محل صاحبه سعودي، عنوان الأغنية الشوق آمرني وهي أغنية كويتية أعادتها صباح ومنحتها الروح الجزائرية، فسأل البائع عن هوية صاحبة الأغنية، ليجيبه بكل إعجاب هي مطربة جزائرية تدعى صباح، وهنا ذرفت عيناه الدموع وأخبر التاجر أنه عم الفنانة صباح، ليقابل بترحاب كبير ودعا أصدقاءه من أجل أخذ صور تذكارية معه وهي المحطة التي جعلته يضع بيت عائلة صباح أول محطة لزيارته بعد وصوله الجزائر.

قيل الكثير عن حقيقة زواجها من عدمه بماذا توضحين؟
صباح تزوجت إداريا، وأحيت حفل زفافها وحضر المدعوون وكانت سهرة جميلة، بعد نهاية الحفل حملها زوجها نحو العاصمة من أجل العيش هناك، لكن المفاجأة كانت كبيرة عندما عادت في اليوم الموالي وهي تدق الباب حاملة حقيبتها، معلنة أنها فسخت عقد قرانها، والسبب أن زوجها طلب منها اعتزال الفن والغناء وهي الفكرة التي لم تتقبلها صباح وأصرت على المواصلة كونها كانت تعشق الفن وتحب جمهورها حد النخاع ولم تتصور يوما أن تتوقف عن الغناء، فكان قرارها النهائي أن لا تفكر في الزواج مرة ثانية رغم كثرة العروض التي كانت تصلها.

قلت لنا في بداية الحوار إنها تلقت الكثير من الصدمات والخيبات كيف كان ذلك؟
بطبيعة الحال صباح عانت الكثير في حياتها وحتى بعد موتها، ظلت عائلتها تعاني، تخيل أنها كانت تتلقى اتصالات يتم وعدها بأمور إيجابية تثلج صدرها، من طرف خواص ورجال أعمال معروفين، أحدهم دعاها لفرنسا بحجة تكريمها هناك وجمع لها المال الكافي لمواصلة علاجها، وكما تم الاتفاق تنقلت إلى فرنسا، ومر الحفل في ظروف عادية، وعند وصولها الفندق تيقنت بأن الشخص الذي نظم الحفل تلاعب بها وهدفه كان استغلال حضورها لصنع “البوز” فقط ليس إلا وهي النكسة التي أثرت على نفسيتها كثيرا، وحتى يومنا هذا نتلقى الكثير من الوعود من طرف هيئات رسمية من أجل تسمية بعض الشوارع عليها لكن يحدث العكس ويخيب الرجاء من جديد.

تجربتها ثرية وهي التي عاصرت عمالقة الأغنية الوهرانية أليس كذلك؟
كانت تقول لنا على الدوام إنها محظوظة، كونها عاصرت عمالقة الفن الجزائري في صورة أحمد وهبي وبلاوي الهواري الذي يعد خالها، وهي معلومة يجهلها كثيرون بأن بلاوي الهواري هو خال صباح كونه تراضع مع والدتنا رحمها الله، إلى جانب أسماء أخرى كانت لها الأثر الكبير في تطور أداء صباح وتألقها، خاصة وأنها اقتحمت ميدان التمثيل والمسرح وهي كلها معطيات أكسبتها نضجا فنيا مهما.

شعوركم حين تستمعون لأغاني صباح التي صارت تردَد في الملاعب عبر بقاع العالم؟
شعور لا يوصف ممزوج بالفخر والاعتزاز، خاصة أغنية “الخمري يا ما” التي حولها بعض الشباب إلى أغنية رياضية جميلة، تتغنى عن الجزائر لتشجيع المنتخب الوطني، وهذا إن يدل على شيء إنما يدل على رصيدها الثري وقوة أغانيها التي لا تزال خالدة بعد 17 سنة من رحيلها.

ما هي الأمنية التي لم تحققها صباح؟
كانت الراحلة صباح تتمنى زيارة بيت الله الحرام، ورغم أن أحد المحسنين وهو رجل أعمال معروف، خصص طائرة لنقلها في أيامها الأخيرة إلى السعودية، إلا أن طبيبها الخاص رفض المغامرة بها، وحرمها من لذة العمرة في آخر أيامها، لكن مع ذلك كان لها الفضل في نقل والديها إلى البقاع المقدسة، وكانت هدية مقدمة لعائلة الراحلة، من طرف الرئاسة، في حين منح أحد المحسنين عمرة لشقيقتها وهو ما جعلها تنوي عمرة أخرى على صباح رحمها الله.

وصيتها الأخيرة؟
كانت توصينا على عدة أمور، لكن وصيتها الأخيرة كانت موجهة لي ولشقيقتي الوسطى بأن نؤسس جمعية لرعاية الأطفال اليتامى والمحتاجين، وقد نجحنا في ذلك وأسسناها سنة 2015، وسمَينا الجمعية: جمعية صباح الصغيرة لرعاية الأطفال اليتامى، حتى تكون لها صدقة جارية ويبقى اسمها مذكورا على الدوام، والحمد لله نقوم بنشاطات خيرية متنوعة نسعد بها الأطفال اليتامى والمحتاجين.

وكلمتكم الأخيرة؟
أوجَه نداء أخيرا لأعلى مسؤول في البلاد، من أجل تفقد عائلات الفنانين المتوفين، لأنهم يعانون في صمت، ولا يوجد من يتفقدهم، بل لا يحق لهم حتى طلب ملاقاة والي أو مسؤول في الوزارة، ورجاؤنا الوحيد هو إعادة الاعتبار لنا ومنحنا حق التعبير عن معاناتنا مثل كل الجزائريين، لأننا قدمنا للفن الجزائري تضحيات جسام، لأن الفنان كما هو معروف ملك للشعب وليس لعائلته، وأتمنى أن تلقى صرختنا الآذان الصاغية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!