الرأي

السترات الصفراء والوجوه الصفراء!

ح.م

تشير التقارير الأمنية والإعلامية الفرنسية إلى أن هذا السبت، سيكون أيضا أسود على العاصمة باريس، بسبب ثورة أصحاب السترات الصفراء، وتتحد كل الأحزاب الفرنسية مع الرئيس ماكرون في ترجّي المتظاهرين ليقرّوا في بيوتهم، حتى لا تشهد عاصمة النور يوما آخر بلون ورائحة النار، على مشارف الاحتفال برأس السنة الميلادية التي كانت على مدار قرن من الزمن، باريس، عاصمة لها.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رمى على طريقة جيران الجنوب، عشرة ملايير دولار في الشارع، من أجل ربح السلم الاجتماعي، ولكن أصحاب السترات الصفراء ردّوا عليه على طريقة جيران الجنوب، بالخطة الخامسة في تحرّكهم الذي يريدونه هذه المرة أن يكون حاسما، وبين السترة الصفراء ويوم السبت الأسود، يعيش الفرنسيون خوفا من اللون الأحمر، الذي صنع الحدث الدموي في أحد محلات بيع هدايا رأس السنة الميلادية في مدينة ستراسبورغ.

هذا المشهد في شمال حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي بلغ من العمر عدة أسابيع، وكانت فتوراته الاقتصادية كبيرة، وأثّر حتى على لعبة كرة القدم التي ألغت من رزنامتها في القسم الأول خمس مباريات كانت مبرمجة يومي السبت والأحد، بعد أن ألغت في وقت سابق العشرات من المباريات، وأفضى إلى سقوط جرحى وقتلى، وكرّر مشاهد الرعب التي تعيشها بلدان الشرق الأوسط وعاشتها حتى الجزائر، وكان ومازال يثير حفيظة الخارجية والداخلية الفرنسية، التي تسارع إلى تنبيه مواطنيها بعدم السفر إلى الجزائر خوفا على أرواحهم، حسب زعمها.

هذا المشهد الفرنسي المرعب والرهيب لم يحرّك إلى حد الآن أي صوت خارجي أو داخلي جزائري، لتحذير المواطنين على الأقل من باب “النصيحة”، بالتحلي بالحيطة، خلال السفر إلى فرنسا، خاصة أن الكثيرين حجّوا نحو السفارة الفرنسية لأجل الحصول على التأشيرة، سعيا لقضاء رأس السنة الميلادية في عاصمة الجن، التي أفقدتها أحداث العنف ملائكتها.

نعلم جميعا أن أبناء غالبية مسئولي الجزائر الذين من المفروض أن يردّوا على التشويه الذي طال بلادنا طوال ربع قرن، من خلال بيانات تحذيرية من السفر إلى الجزائر، سيطيرون إلى فرنسا وبعضهم موجود هناك، لكن على الأقل، الرد بالمثل، هو من قواعد السياسة العالمية، التي لا تغضب أحدا.

لقد أبانت ثورة السترات الصفراء أن بيت فرنسا أهون من بيت العنكبوت، وبأن الذين ضربونا بالطوب على مدار عقود وبيوتهم من زجاج، حصّنوا أنفسهم من تشويه صورة بلادهم التي تعتبر حاليا أكبر قوة سياحية في العالم، وزادُ سياحتهم هو المواطن الجزائري، وأبانت أيضا بأن الذين عشقوا فرنسا وهي آمنة، مانحة للسعادة، إنما عشقوا روحها، بدليل أنهم كانوا يهللون لبياناتها التي قتلت السياحة في جنوب الجزائر، وأبعدت الاستثمار وأحبطت جزائريي المهجر، وتركوا للون الأصفر الغلبة.

 هناك سترات صفراء.. وهنا وجوه صفراء.

مقالات ذات صلة