-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السلطة …. الأخيرة

الشروق أونلاين
  • 7975
  • 2
السلطة …. الأخيرة

دعونا نعود في ذكرى حرية التعبير إلى معركة الموسم الإعلامية بين الصحافة المصرية والصحافة الجزائرية…

وقد مر على هذا التنابز قرابة نصف عام بعد أن تحول الإعلام عند المصريين إلى سلطة أولى وثانية وثالثة أخذت ألوانا عسكرية واقتصادية وسياسية قبل أن تكون إعلامية، ونسأل أنفسنا لماذا هذه الحرب وكيف دارت وأين وصلت تداعياتها؟ فقد علّمنا التاريخ أن الاكتواء بأقراح المعارك لا يكون إلا بعد نهايتها، وعلّمنا أيضا أن مفردة منتصر غير موجودة في الحروب، بينما الخسارة تنهش صاحبها وتردّه قرونا إلى الوراء.. الإعلام المصري ظل على مدار أيام المعركة التي دقّ طبولها على خلفية هزيمة كروية في الثامن عشرة من شهر نوفمبر يتحدث بتكرار ممل عن ريادته وإنجازاته الإعلامية، و”يتبختر” بحريته المزيّفة، وبلغ درجة أن استعمل صحافيون مصريون فتحت الجزائر لهم أبوابها لممارسة الإعلام الحر مثل مراسلي الأهرام من أجل نسج حكايات هم أدرى الناس أنها غير موجودة، وهم أعلم الناس بأنهم في ساعة عودتهم إلى بلدهم طلّقوا الكثير من الحرية التي حاولوا إيهامنا بأنهم أول من مارسوها .. ولأن للحروب عبر أيضا، فإن الاعتراف بالأخطاء هو فضيلة لأننا نحن الذين منحنا الفرصة للذين فتحوا صحافتهم للتطاول على الرموز الجزائرية والذين يتحدثون عن ريادتهم في الصحافة وهم لا يمتلكون من حيث الكم والنوع ما تمتلكه الجزائر التي قدمت قوافل الصحافيين الشهداء من أمثال العربي التبسي وإخوانه في زمن الثورة قبل الاستقلال، ومن أمثال خديجة دحماني وأخواتها في زمن الفتنة بعد الاستقلال، وهي الفتنة التي شارك في تأجيجها الكثير من أهل الصحافة في الغرب وللأسف أيضا في المشرق ممن يدعّون ريادتهم في عالم الصحافة.

هذا الثراء الصحفي المتجذّر في بدايات الصحافة في العالم كان من المفروض أن يمنحنا الريادة في الإعلام المعاصر، لأن عمر راسم الذي كان يكتب عن مخاطر الصهيونية عام 1810 لم تكن ظروفه مثل ظروف حسنين هيكل الذي كتب أيضا عن الصهيونية .. وعبد الحميد بن باديس الذي أسّس صحفا بداية القرن الماضي لم تكن ظروفه مثل ظروف مصطفى أمين الذي أسس أيضا صحفا .. ومع ذلك نجد أنفسنا الآن من دون فضائيات تطل على العالم لنحدثه عن ريادتنا الحقيقية في خوض الصحافة الحقيقية التي منحناها من دمنا قبل حبرنا .. وليس غريبا أن يكون كل أعلام الجزائر، من دون استثناء، صحفيين مارسوا المهنة بكل متاعبها، فكان مالك بن نبي صحفيا وكان محمد ذيب صحفيا، وكان مالك حداد صحفيا وكان كاتب ياسين صحفيا وكان نايت بلقاسم صحفيا .. وكانت أيضا ومازالت أحلام مستغانمي صحفية .. للأسف هذا الثراء في زمن المرئيات صار مهددا فعلا بالزوال، لأنه من غير المعقول أن يتابع الجزائري نقاشات جادة وأحيانا عدائية عن بلده من فضائيات أجنبية تناولت خصوصياته وتاريخه وجغرافيته .. ومن غير المعقول أن يتابع مباريات منتخبه الكروي والتحاليل عبر فضائيات أجنبية من بلدان لم تبلغ درجة ثراء الجزائر الإعلامي والمالي، ومن غير المعقول أن تكون معظم هذه البرامج من طبخ إعلاميين جزائريين صرفت الجزائر من أجل تكوينهم فأطلوا عليها من بلدان أخرى .. مازلنا نحلم بأن يصبح الإعلام عندنا سلطة رابعة أو خامسة أو عاشرة ولكن للأسف السلطة عندنا مازالت تصر على أن تبقى وحدها سلطة بلا ثان ولا ثالث … ولا حتى أخير.       

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • Ahmed

    إذا كان تعدد الفضائيات، كما نراها في بعض الدول العربية خاصة، يبهر بعض الناس فتبا لفضائيات رقصة البطن وما تبعها.... نبارك فضائيات مثل MBCو العربية والجزيرة مهما كانت درجة نزاهتها.... أما البقية فهي قنوات رقص وتطبيل تبا لمن يعتبرها تقدما في الإعلام... نريد قنوات بسيطة وصادقة. لا نريد قنوات لنهب المتفرج.....

  • رضا

    كلام جميل و معقول بارك الله فيكم