-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العالم في كأس

العالم في كأس

غرق العالم منذ أول أمس، في أعماق كأس، ارتضى منذ أربعة وسبعون سنة، تسميتها كأس العالم، منحها العِصمة كاملة، فصارت قطعة من حياته، ولأن العالم المتقدم لا يلهوا حتى في عالم اللعب، فإن الحدث، بدا منذ انطلاقته بأنه حدث سياسي واقتصادي وثقافي وسياحي كبير، ولا تكاد توجد دولة مشاركة أو حتى متابعة للمنافسة، إلا واستفادت من هذا الحدث ماديا ومعنويا، ومنها دولة قطر، التي احتكرت قنواتها التلفزيونية بث المباريات فتحوّلت هي، إلى عاصمة عالمية إعلامية، بالرغم من أن منتخبها الكروي، غير معني بكأس العالم، ولم يسبق له وأن شارك أصلا، بينما باشرت جمعيات تنصيرية وأخرى سياحية للإشهار لديانتها ولمنتجاتها، وحوّلت هاته الكأس إلى بِحار من زمرّد ومرجان، ستجنيه لبلدانها.

 حتى المناصرين، الذين سيدخلون البرازيل من كل بقاع المعمورة، وقد يقارب عددهم المليون نسمة، إنما مبتغاهم أن يقضوا أيامَ سياحة وتثقيف، مناصرين لبلدانهم، وهم مقتنعون بأن حب الوطن لا يُختصر في كرة مطاطية، يغنون لأجلها نشيدهم الوطني، ويحملون لأجلها علم البلاد وتنتهي وطنيتهم مع صافرة نهاية مقابلة الكرة، لأجل ذلك حوّلوا اللعبة إلى صناعة، وباعوها لبقية الشعوب، كما يبيعون دائما القمح والسكر والقهوة، وحوّلوها إلى عِلم قائم بذاته، يصدّر كما تصدر السيارات وأجهزة الإعلام الآلي، وسيّسوه وجعلوا منه معسكرات، بعضها هي السائدة المسيطرة على تنظيم المنافسة والفوز بتاجها، والبقية مجرّد أصوات في يوم الاقتراع أو أرانب سباق في منافسة الفوز بكأس العالم.

وفي المقابل مازالت الجزائر برغم مشاركاتها الأربعة في كأس العالم عاجزة عن تقديم ترشحها لاستقبال المنافسة، ولا نقول الفوز بشرف احتضانها، وعاجزة عن متابعة المباريات من تلفزيونها الوطني، وعاجزة عن الخروج بأقل الأضرار، حيث الدولة تدفع وتلفزيونها يدفع، والاتحادية تدفع، والمناصرون يدفعون، وكل الشعب يدفع، من أجل لعبة يتلهى بها، وإذا حاول الخروج عن محيط اللعبة، سقط في الجنون بعد الانتصار أو الحزن والكآبة في حالة الهزيمة، وإذا كانت الكرة عندهم ثقافة وفن واقتصاد، فإنها عندنا أعصاب ومعنويات، وأحيانا وباء فتاك، كما هو الحال في المباريات المحلية التي استنزفت الأموال، من دون أن ترقى بكرة القدم إلى مرتبة الرياضة على الأقل.

ستكون الجزائر بداية من يوم الثلاثاء معنية بالمشاركة، وهي تطمح بأن تتقدم في نتائجها، من لعب ثلاث مباريات في الدور الأول إلى الانتقال إلى أدوار متقدمة، ولكن إذا لم تتطور في جوانب أخرى، صارت أهم بالنسبة للبلدان الكروية الكبرى، من الكرة نفسها، فإن الفوز بكأس العالم لن يعني شيئا، لأن البرازيل التي صارت من البلدان العشرة الأقوى اقتصاديا في العالم، ما عاد يهمّها لا “نايمار”، وهو يدكّ شباك كرواتيا، ولا الكرات التي تدخل الشباك ولا الكأس العالمية، بقدر ما يهمّها تأمين حياة كريمة، وثروات لا تزول لبلد قالوا عنه بأنه مجنون كرة، فكشف لهم عن عقله الحقيقي، في يوم الكرة الكبير، فكان أن حوّل الكأس إلى عالم، بينما بقي العالم بالنسبة إلينا مجرد كأس، فكانوا جادّين في يوم اللعب وبقينا نلعب في أيام اللعب.. وحتى في أيام الجدّ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • الجزائرية حتى النخاع

    امر محزن ان ينحصر العالم باسره في قمع كاس لا تغني ولا تسمن من جوع...مؤسف ان ينشغل الجميع عن مشاكل وهموم اخوانه ويتفرغ بالقلب والروح إلى كاس ...تنتهي لذتها بمجرد اسدال الستار عليها في حفل اختتاممها...صعبة جدا هذه الحالة التي تتكرر كل اربع سنوات

  • أنيس أبو الليل

    منذ ظر ف زمان مبني على الضم في محل نصب و لو كان حرفا ما كان ليعرب لأن من خاصيات الحروف أن لا محل لها من الإعراب منذ مضاف و أربع ( و ليس أربعة لأن العدد المفرد يذكر مع معدوده إن كان مؤنثا وهي حالة المعدود سنة و يؤنث إن كان معدوده مذكرا ) و سبعين اسم معطوف مبني على الياء في محل جر لأنه ملحق بجمع المذكر السالم و سنة تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره

  • العبقري

    منذ أربعة وسبعين وليس منذ اربعة وسبعون ، منذ حرف زمان يا هذا