-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قنوات بث متنقلة عبر الهواتف المحمولة

“الفيسبوك لايف”.. سلاح الحراك ضد التعتيم

محمد لهوازي
  • 1873
  • 0
“الفيسبوك لايف”.. سلاح الحراك ضد التعتيم
ح.م

في السادس أفريل 2016، أعلن مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، إتاحةَ خدمة البث المباشر لجميع المستخدمين، قائلًا: “يستطيع اليوم أي شخص يحمل موبايل أن يبث ما يريده لأي شخص في العالم، سيخلق البث المباشر فرصًا جديدة تجمع الناس معًا”.
وسرعان ما انتشرت خدمة المباشر عبر العالم لتنقل الأحداث الحية لمئات الملايين من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح تسجيل ومشاهدة الفيديوهات عبر هواتفهم النقالة ونقل الوقائع جزءا من يومياتهم، خصوصا ما تعلق منها بالأحداث الكبرى مثلما هو واقع حاليا مع يوميات الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر منذ 22 فيفري 2019.
وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها الفايسبوك تتمتع بقدرة رهيبة في صناعة الرأي العام في الجزائر وتغيير الأوضاع والأحداث وساهمت بشكل كبير في توجيه الحراك الشعبي وتأطيره وتغلبت على الطبقة السياسية، والسلطة وحتى على وسائل الإعلام وباتت القائد الفعلي للجماهير في الميدان.

يوميات الحراك عبر “اللايف”

هم كثيرون من أرادوا توثيق هذا الحراك كل على طريقته، ولعل التوثيق الذي لقي رواجا كبيرا ومشاركة كل تفاصيلها بين مختلف الأفراد، هو التصوير المباشر أو ما يعرف بـ”اللايف” عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
من أجل إثراء الموضوع، اخترنا عينة من بين الكثير من العينات التي أبت إلا أن تكون حاضرة في توثيق الحراك الشعبي في أكبر أحياء العاصمة، التي شهدت مسيرات كبيرة.
علي عزازقة، صحفي شاب نشيط في هذا المجال، اختار التميز عبر استغلال تقنية البث المباشر عبر “فيسبوك” لنقل مجريات الحراك الشعبي إلى قراء ومتابعي الموقع الإلكتروني الإخباري الذي يشتغل فيه، انتقلنا إليه إلى مكتبه في وسط العاصمة، وكانت لنا معه هذه الجلسة من أجل التعرف أكثر على كيفية العمل بهذه التقنية التي سمحت للكثير من الأفراد معايشة الحدث ولو عن بعد.


يقول الصحفي علي عزازقة: “الجميع يعرف أنه عند بداية الحراك لم تغط القنوات التلفزيونية المسيرات الشعبية كما يجب وبقيت متحفظة على هذه الأحداث إلى أبعد الحدود، والكل يعلم الأسباب المباشرة وغير مباشرة، بالنسبة لي فكرة التوثيق لأحداث الحراك بدأت في الجمعة الثانية، في الجمعة الأولى قمنا بالتصوير المباشر لكنها لم تكن مثل الجمعة التي تلتها، يبدأ التصوير من الساعة العاشرة صباحا، وينتهي الساعة الخامسة مساء، سواء عن طريق النقل المباشر أو الفيديوهات، على مستوى الشوارع الرئيسية للجزائر العاصمة، شارع حسيبة بن بوعلي، شارع عميروش، شارع ديدوش مراد، ساحة أودن، وشارع عبد الكريم خطابي”.

https://www.facebook.com/ali.azazga.3/videos/2227402730630773/

وعن الأسباب التي دفعته إلى اعتماد هذه التقنية من أجل تقريب الأحداث إلى المواطنين، يضيف علي عزازقة بأنها تتعلق بالتعتيم الإعلامي على الحراك الذي تعمدته قنوات عمومية وخاصة، حيث “استطعنا من خلال التصوير المباشر، أن نوصل ما يحدث في شوارع وسط العاصمة إلى كل المتتبعين سواء داخل الوطن أو خارجه، ليس فقط للمواطنين، لكن حتى القنوات استطاعت أن تقف عن قرب لما يحدث في شوارع العاصمة عن طريق هذا التصوير المباشر للأحداث الذي كنا ننقله نحن”.

https://www.facebook.com/ali.azazga.3/videos/2072988646072183/

“اللايف” إعلام بديل عن الصحافة التقليدية

ويضيف بأن “الشيء الإيجابي في هذا التصوير المباشر للأحداث، هو التجاوب الكبير من طرف المواطنين من حيث التعليقات أو المشاركة، حيث وصلنا إلى 2000 مشارك ومعلق في 5 فقط من بداية التصوير وهو رقم كبير بالنسبة لنا، والملاحظ أن قبل استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كانت كل التعاليق كلها في مسار واحد لكن بعده انقسمت إلى مؤيد ومعارض”.
ويؤكد الإعلامي الناشط بأن “الكثير من القنوات الأجنبية كانت تأخذ الكثير مما نعرضه نحن، دون رخصة أو طلب، أرى أن هذا “اللايف” كان الإعلام البديل، واستطاع أن ينقل انشغالات الناس وخاصة المطالب في أوانه، حتى ولو كانت المنطقة بعيدة على غرار ولايات الجنوب”.
https://www.facebook.com/ali.azazga.3/videos/2096451407059240/

ويقول بأن “الشيء الإيجابي كذلك “في اللايف”، هو أن التجاوب يكون مباشرة وبمصداقية من موقع الحدث، عكس بعض القنوات التي تصور هذه الأحداث ثم تعرضها مساء على المواطن، فقد لاحظنا في الكثير من الأحيان أنها اعتمدت عمليات قص لبعض الأجزاء الخاصة بالحراك كما أنه محايد ولا يسير وفق خط سياسي أو أجندة معينة، ما دام النقل يكون مباشرا، من أهدافه كذلك هو النقل الحي دون مزايدة أي نقل ما يحدث كما هو، وتبقى الحادثة واحدة والتعليق حر”.
ويضيف بأنه “رغم كل هذا إلا أننا نتلقى الكثير من الضغوطات، بحيث في الكثير من المرات نعتبر بعملنا هذا، ضد مصلحة الوطن، كما أننا في العمل الميداني هذا نتلقى العديد من الشتائم وأصبح من الصعب تحقيق الإجماع عند كل المواطنين”.

الخبير في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، يوسف بوشريم:
البث المباشر صوت من لا صوت له

يقول الخبير في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، يوسف بوشريم، إن تقنية البث المباشر التي يوفرها موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تم إطلاقها لتلبية احتياجات الزبائن والشركات تزامنا مع تطور شبكات الاتصالات وارتفاع سرعة تدفق الأنترنت.
وفي تصريح لـ”الشروق أون لاين”، أوضح بوشريم أن ارتفاع سرعة تدفق الانترنت إلى ما فوق 2 ميغا دفع إدارة فيسبوك إلى إطلاق خدمة البث المباشر لنقل الأحداث الحية، حيث تم تجريبها في الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة في سنة 2014 قبل أن تتم توفيرها في باقي دول العالم بداية من سنة 2016 استجابة للطلبات المتزايدة لمستعملي مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي ظل التحول من دراسة المحتويات على شبكة الأنترنت إلى دراسة الزبائن وتوجهاتهم من طرف الشركات الاقتصادية العالمية ومن بينها “فيسبوك” – يضيف الخبير – ساهمت هذه التقنية أكثر في معرفة توجهات المستهلكين وأصبحت تستخدمها الشركات الاقتصادية والمصانع العالمية بشكل متزايد لبيع منتجاتها.
ويؤكد الخبير يوسف بوشريم، أن استعمال تقنية البث المباشر عبر “فيسبوك” في الجزائر عرف تزايدا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، خصوصا من طرف فئة الشباب والناشطين والفنانين وغيرهم من الأشخاص الذين يعملون على نقل الوقائع الحية لكل الأحداث التي يمرون بها في حياتهم سواء في المدارس أو الجامعات.
وبخصوص مستوى تحكم الجزائريين في التقنية، أكد الباحث أنه لا يوجد فرق بين الجزائريين ونظرائهم في الدول المتطورة كون التكنولوجيا الآن أصبحت متوفرة للجميع دون استثناء.

صورة حقيقية عن الحراك الشعبي

وأفاد المتحدث بأن تقنية البث المباشر تم استخدامها بقوة منذ انطلاق الحراك الشعبي في الجزائر، في 22 فيفري وساهمت بشكل فعال في نقل تفاصيل المسيرات الشعبية عبر مختلف المناطق عبر الوطن كان من الصعب أن تصل إليها وسائل الإعلام لتغطيتها، ما جعلها تكسب مزيدا من المتابعين الذين يثقون في محتواها ويترددون باستمرار على أصحابها لاكتشاف الجديد، خصوصا وأنها لعبت دورا فعالا في الحفاظ على سلمية المسيرات وكشف أي تجاوزات أو محاولات اختراق من طرف العناصر التي استهدفت الحراك.
وأضاف بأن الفيديوهات المباشرة التي يتم نشرها عبر موقع “فيسبوك” أصبحت مصدرا لكثر من وسائل الإعلام في الجزائر، وكذا في الخارج للإطلاع على الأحداث وتوثيقها كونها تتحلى بمصداقية أكثر نسبيا مقارنة بوسائل الإعلام التي يعمد بعضها إلى التعتيم على بعض الأحداث في كثير من الأحيان كونها تنقل الأحداث الحقيقية مباشرة بالصوت والصورة بعيدا عن التلاعبات.
وأكد الخبير يوسف بوشريم، أن خدمة البث المباشر عبر “فيسبوك”، استفادت كثيرا من تقنية الجيل الرابع للهاتف النقال التي يوفرها متعاملو الهاتف المحمول في الجزائر، حيث أصبحت بعض وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية تقدم حصصا مباشرة عبر “الفيسبوك” ما وفر عليها الكثير من التكاليف المادية والبشرية المعتمدة في القنوات التلفزيونية.
وقال بوشريم إنه يوجد في العالم 3.5 مليار مشترك في وسائل التواصل الاجتماعي، و2 مليار شخص مشترك في الفايس بوك، أي نصف سكان الكرة الأرضية يستخدمون هذه الوسائط، فيما تعد الجزائر أكبر تجمع على شبكة التواصل الاجتماعي في شمال إفريقيا، وانتقل معدل التصفح في هذه الوسائط من 56 دقيقة في اليوم العادي إلى ما يقارب أربع ساعات في اليوم حاليا.
ويقول بوشريم إن تطور التكنولوجيا غير محدود وسيزيد باستمرار، حيث ستعمل تقنية الجيل الخامس مستقبلا على تغيير جذري لحياة المواطن بإدخال مفاهيم جديدة على غرار المدن الذكية والبيوت الذكية والصحة الذكية وأنترنت الأشياء وغيرها بحلول سنة 2030، وهي تقنيات ترفع تحدي سرعة الاستجابة للطلب ما يساهم في تحسين مستوى رفاهية الأشخاص والدخول إلى الاقتصاد الرقمي وبالتالي تسهيل اتخاذ القرارات الاقتصادية بشكل كبير.

البروفيسور نصر الدين لعياضي:
البث المباشر ربط الحراك بالفضاء الافتراضي

ويؤكد الباحث في علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، البروفيسور نصر الدين لعياضي، أن الحراك الشعبي ارتبط بالفضاء الإفتراضي بشكل متين عبر تقنية البث المباشر التي يوفرها موقع “فيسبوك” بنقل المسيرات الشعبية صورة وصوتا، حيث لعبت مواقع التواصل الإجتماعي دورا محوريا في الحفاظ على الطابع السلمي للحراك متجاوزة بعض وسائل الإعلام التقليدية التي ارتبكت في بداية الأمر حول كيفية تغطية المسيرات.

ويوضح الأستاذ لعياضي بأن “مواقع التواصل الاجتماعي شعور الجزائريين بالانتماء إلى الوطن، وجعلتهم يكتشفون ذاتهم بعد سنواتٍ من الرعب والخوف واليأس، فأدركوا أنهم يشكلون وحدة في التنوع. هذا ما يعبر عنه تحليل الصور، وصور السيلفي، الملتقطة من قلب الحراك، والمتداولة عبر مواقع فيسبوك ويوتيوب وواتساب وفايبر. ليست هذه المواقع أرضيات شخصية فقط، بل جماعية أيضا، لأن الجزائريين لا يتردّدون في عرض ما يصل إليهم من صور وشعارات ونكت وأغان وأشعار على موقع فيسبوك على أفراد أسرهم غير المتصلين بشبكة الإنترنت، أو أنهم غير مشتركين في هذا الموقع. علما أن نصف الجزائريين تقريبا لا يملكون اشتراكا فيه”.
ويضيف بأن “مواقع التواصل الاجتماعي جعلت هذه المواقع مسيرات الجمعة استعراضا وفُرْجَةً ليس لتسلية بل أدت إلى انكشاف الهم، وانفلاتٌ عن معايير التعبير والاتصال وأشكالهما، وتملُّك حق القول بصوت مرفوع، والخروج عما هو امتثالي ومفروض من النظام السياسي”.
ويخلص الأستاذ نصر الدين لعياضي إلى القول بأن “مواقع التواصل الاجتماعي تتسم بسعتها غير المحدودة، فيتملّكها من يجنح إلى المزايدة على الحراك الشعبي، ويمارس التضليل والتشهير، ويُشكّك في نيات الكل، أو من يوعز له بفعل ذلك، حيث يكمن خطر هذا التملُّك في تناغم ذهنيّة الجزائري .. مع خصائص بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي تسعى إلى الإحماض الذي يعني الإفاضة في ما يؤنس الفرد من الحديث والكلام..”.

المحامية لدى مجلس قضاء العاصمة، ليلى قرين:
التقنية دليل قانوني ويعاقب على سوء استعمالها

تؤكد المحامية ليلى قرين، لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة، إن “المشرع الجزائري لم يتطرق إلى تقنية النقل المباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلا من خلال ما يعرف بالجرائم الالكترونية بصفة عامة”.
وتوضح الأستاذة في تصريح لموقع “الشروق أون لاين” بقولها: “حسب علمي فإن الآثار القانونية لهذه التقنية يترتب عنها الكشف عن الجرائم وعن مرتكبيها بشكل مباشر كما تستعمل، كدليل إدانة من طرف الجهات القضائية، أي في بعض الأحيان تكون مساعدا على تفكيك شفرة بعض الجرائم ولا تأخذ وقتا طويلا مادام هناك دليلا ماديا بين أيدينا”.
وأضافت أن للتقنية سلبيات تتعلق بـ”المساس بأعراض الناس وخلق الفتن بينهم وهدا من خلال سوء استعمالها، كاستعمالها مثلا كوسيلة استفزاز عن طريق التشهير كما يحدث مثلا في العلاقات بين الأشخاص، وهي من السلوكات التي يعاقب عليها قانون العقوبات الجزائري”.
تحوّلت وسائط الفضاء الافتراضي إلى محرك حقيقي للشارع وتم التحضير لعمليات التعبئة والاستعدادات للمظاهرات عبر صفحات وحسابات معروفة ومجهولة المصدر في بعض الأحيان، إلا أنها تمكنت من تجاوز كل الأحزاب السياسية، والشخصيات، ووسائل الإعلام، وأصبحت مرجعا في نقل المعلومة، مستفيدة من الثورة الكبيرة التي يشهدها عالم التكنولوجيات الحديثة التي ساهمت بشكل كبير في تسهيل عمليات التواصل بين الأشخاص في كل مكان، حيث لا ينام القائمون على هذه التقنيات إلا وقد خططوا إلى غد يحمل الجديد، وهذا ما تحمله شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت في متناول كل الأفراد، وترجمت الحياة اليومية لهم في صور وفيديوهات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!