اللجام في طهران والعلف في موسكو
”روسيا في سوريا”! تدخّل الدب على ظهر”الفرس” لحماية “الأسد” من شعبه، كان متوقعا، فسوريا صارت قاعدة عسكرية متقدمة لروسيا في المنطقة، كما صارت العراق قاعدة عسكرية متقدمة لأمريكا، المشكل هو التداخل بين المصالح والقوى في نفس المنطقة، تقاسم أدوار غريب: إيران وأمريكا في العراق، وإيران وروسيا في سوريا..
هذا ما سوف يصعّب الأمر على ما تبقى من الجامعة العربية المطالَبة بالتدخل من طرف المقاومة المسلحة المعارِضة في سوريا ضد التدخل الروسي في سوريا؛ فمصر السيسي، تحبّذ هذا التدخل ومتحالفة مع روسيا في هذا الشأن، لكن السعودية ودول الخليج ما عدا قطر، ضد روسيا ومصر في هذا الملف ومعها جميعها في ملف الإخوان.. نفس الشيء في الملف اليمني.. تقاطعات قد تزيد من تشظي الموقف العربي المتشظي أصلا، مما يرهن الوضع في سوريا لسنوات أخرى بالمجهول والدم والدمار الذي أعلنه الأسد قبل أيام إذا لم تحسم روسيا الأمر في سوريا، والأمر لن يحسم، والدمار مقبلٌ على”فرس” مطهمة لجامها في طهران وعلفها في موسكو، وإسرائيل ستعمل على صناعة تحالفات أخرى مع الدب لتفادي سقوطها قبل 2022!
نمتُ على هذه التوترات لأجد نفسي أحضر خطبة رجل من اليمن.. فتى في الخامسة عشر من العمر من داخل مسجد صغير بعد أن كادت اليمن أن تُخرَّب بفعل الضربات الخارجية والتقاتل الداخلي.. كان يرى كما ترى زرقاء اليمامة: يا معشر العرب والمسلمين أجمعين إني والله لأرى سهام النار في الأفق، ما بين عربستان وأفغانستان وروسيا وباكستان.. وأرى الأفراس المطهمة تخرج من خراسان لمقاتلة السفياني في الشام الذي جمعت فيه كل الطواغيت لمقاتلة الإسلام، وإن اليمن لمنتصر، وإن شبه الجزيرة لخارجة لمقاتلة الدجّال في الفرات ودجلة والأنبار، وسوف تأتيكم الأخبار، ألا هبّوا يا معشر المسلمين، واعصموا دماءكم المستباحة على أيديكم وأيدي الكفار.. اتحدوا شيعة وسنة وفرقا وطوائف ومللا ونحلا وشيعا ومذاهب.. فإسرائيل على أبواب أن تهدم أسوارها في هرمجدون، وأبواب النصر مفتوحة لنصرة المنصورين بالله!”.
صُعقت ورحت أتصل بالهاتف بزوجتي على بُعد آلاف الأميال وأردد عليها الخطبة بالطريقة الجزائرية: يا محاينك راها نايضة، أدّي الأولاد وأهربي الدعوة راها سايبة! قولي لهم: مالكم راكم طافيين، والدعوة هنا راها ڤادية؟ زيدوا غنو واشطحوا وديروا السوسيال، ما باقي حكومات، هذه هي الطروازيام ڤار مونديال! يا وعليكم من ڤالمة، ومن غرداية ومن باتنة، والحدود ما زالها مبلعة والقيامة راها قايمة.. نوضوا توبوا واستغفروا ربكم إذا كان عندكم وقيتة سالمة، قبل ما يقولونا “نوضوا تعمروا جاء الما”..راني نشوف ما نيش أعمى، البحر راه قدامي أكحل.. وحتى السما!
وأفيق وأنا أصرخ: راني عطشان وين راه الماء؟