الرأي

بثقة مطلقة…

محمد سليم قلالة
  • 1519
  • 1
ح.م

قبل إرساء قواعد الثقة السياسية بين الحاكم والمحكوم ينبغي أن نعزز الثقة في النفس، الثقة في الموقف الذي نتبناه والقرار الذي نتخذه والخيار الذي فضّلناه. نلاحظ اليوم أن اهتزاز الثقة انتقل من مستوى الحاكم والمحكوم إلى مستوى الفرد ومحيطه الضيق، ثم إلى مستوى الفرد ونفسه. وعند هذه الدرجة نكون قد وصلنا إلى درجة الخطورة القصوى. ألاّ يثق الإنسان في نفسه، وهي أخطر درجات الانهيار… وذلك ما بدأ يتجلى لدينا في السنوات الأخيرة في أكثر من موقف وعلى أكثر من صعيد. وهو ما ينبغي أن نعالجه في أقرب الآجال حتى لا ينهار الأساس المتين الذي ينبني عليه التوازن النفسي والاجتماعي للأفراد وكافة التوازنات الأخرى بما في ذلك التوازنات السياسية التي تقوم عليها الدولة.

ونخطأ الطريق عندما نعتقد أن استعادة الثقة السياسية يمكن أن تتم دون إعادة بناء الثقة الفردية والاجتماعية. أي دون إعادة بناء كل فرد للثقة في نفسه وفي محيطه القريب بدءا من خياراته الشخصية إلى تلك السياسية.

ولعلنا اليوم نعيش اختبارا لهذه الثقة على كافة المستويات؟ بداية هل نحن واثقون من خيارنا السياسي إن مع الانتخاب أو مقاطعتها؟ هل لدينا ثقة في نزاهتها؟ إلى أي درجة نحن واثقون في إمكانية تحقيق إصلاح سياسي واجتماعي من خلالها؟ وفي مستوى ثان، هل نحن واثقون من المحيط الضيق والواسع الذي نتحرك ضمنه؟ وقبل كل ذلك هل نحن واثقون في أنفسنا؟ وفي القرار الموالي الذي سنتخذه؟

إن الإجابة عن هذا السؤال هي التي ستمكننا من معرفة ما إذا كُنا على عتبة الانتقال من مرحلة فقدان الثقة إلى مرحلة استعادتها. ليست نتائج الانتخابات، أو طبيعة الخطاب السياسي الذي سيليها هي من سيحدد ذلك، ولا حتى مدى الوفاء بالوعود من قبل السياسيين وغيرهم، إنما مدى ما كانت القرارات التي سنتخذها تعبر عن منتهى الثقة في النفس، أم هي نتيجة لحظة تردد واضطراب وعشوائية…

وبقدر الثقة التي نشعر بها في هذه اللحظة، بقدر ما نكون على الطريق الصحيح… وبقدر ترددنا أو شكنا فيما نقوم به نكون على الطريق الخاطئ. إن استعادة الثقة تبدأ من استعادة ثقة المرء في نفسه وقراراته وليس قبل ذلك…

مقالات ذات صلة