-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بطالة إرادية في الجزائر

حسين لقرع
  • 1982
  • 0
بطالة إرادية في الجزائر

تؤكِّد الأصداء الواردة من مختلف جهات الوطن، أن الكثير من شباننا أصبحوا يرفضون العمل في الأشغال اليدوية، وفي مقدِّمتها الفلاحة والبناء والأشغال العمومية…

   هذه الظاهرة كانت في الماضي مقتصرة على المدن، إذ كان شبانها يرفضون هذه النوعية من الأعمال حتى ولو كانوا بمستوى الابتدائي، فكان سكان الأرياف يسدّون الفراغ، ولكن العدوى امتدّت الآن إلى الأرياف مع انتشار التعليم على نطاق واسع، فأصبح شبَّانُها يأنفون من العمل فيها ولو بشكل مؤقت، وأصبحوا ينظرون إليها بدورهم على أنها مهن وضيعة “لا تليق بمقامهم”، ويشترطون العمل في مكاتب الإدارات والمؤسسات المختلفة، وأضحت هذه المهن تعاني في السنوات الأخيرة ندرة غير مسبوقة في اليد العاملة بالأرياف، في حين كان العمال متوفرين بكثرة في هذه المجالات مقابل ندرة فرص العمل قبل عقود، ولذا كان أغلبهم يتوجّهون إلى المدن بحثاً عن العمل في هذه المهن.

   وجاءتلونساجعام 1997 لتزيد الطين بلة، فأصبح جلُّ الشبان البطالين يسعون إلى إقامة مؤسسات مصغرة بقروض بنكية، دون أن يكتسبوا أدنى خبرة مهنية من خلال العمل كأجراء في مؤسسات أخرى من قبل، وساهم منحُ عشرات الآلاف من القروض لهذه الفئة في السنوات الثلاث الأخيرة، في إطار سياسة شراء السلم الاجتماعي بأيِّ طريقة، في تفاقم مشكلة ندرة اليد العاملة في الفلاحة والبناء ومجالات يدوية أخرى، فالكل أصبحوامْعلّمينولا حاجة لهم للعمل لدى أيّ كان.

   الآلاف من أصحاب الأراضي في مختلف أنحاء الوطن يشكون ندرة العمال في الفلاحة، ونفس الأمر ينطبق على ورشات البناء، وهذا برغم العروض المالية المغرية التي تقدّم لهم إذ تتراوح أجرة اليوم الواحد بين 2000 و2500 دج، أي ما بين 60 و75 ألف دينار شهرياً، وهي أجرة محترمة يحلم بها الكثيرُ من المستخدَمين والعمال في مختلف المؤسسات العامة والخاصة، كما أن مشكلة التأمين لم تعُد مطروحة لدى الخواص الذين يستخدمون هؤلاء في ورشاتهم وأراضيهم، فماذا يريدون أكثر من هذا؟

   المفارقة أنََّ الكثير من الشبان يعاني بطالة خانقة، وبعضُهم يقوم بقطع الطرقات والتظاهر بسببها، بل إن بعضهم لا يتردّد في سكب البنزين على جسمه وإشعال النار احتجاجاً علىبطالته، ولكنه يرفض في نفس الوقت العمل في الأعمال المذكورة ولو مؤقتاً، فلا يجد أصحابُها بدّا من الاستنجاد بالعمال الأفارقة والمغاربة والتونسيين، وغداً قدنستوردعمالاً آخرين من بنغلاديش والفلبين، ليأكلوا خبز الدار.

   وعندما يرفض شبانٌ العمل في مهن شريفة أجورها معقولة، وبإمكانها تحسين أوضاعهم المعيشية، بذريعة أنها مهنوضيعة، ثم يقومون بالمخاطرة بحياتهم في قوارب الموت إلى أوربا ويكونون طعاماً للحوت، أو يتعرّضون لشتى المعاملات الجارحة والمهينة للكرامة الإنسانية في المحتشدات التي تفتحها دول أوربا لـالحرّاڤةالأفارقة، فهل يمكن أن نعتبر هؤلاء الشبان  الحرّاڤةضحايا للبطالة في الجزائر، أم ضحايا تفكيرهم غير العقلاني، واشتراطهم خاتماً على المقاسكما يقول المثل؟ ولماذا يقبلون بالعمل منظِّفي طرقات ومجاري مياه في أوربا، ولا يقبلون بالفلاحة والبناء في الجزائر؟

   الرُّسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، عملوا في الرعي والنجارة والبناء وأعمال أخرى يدوية متعدِّدة ولم يروا في ذلك أي إنقاص من قدرهم، وهم خيرُ خلق الله، أما شبانُ آخر زمن فقد أصبحوا يرون في مثل هذه الأعمال تقليلاً من شأنهم، وإهانة بليغة لهم حتى وإن كانت أجورُها معتبَرة وكانت مستوياتهم الدراسية محدودة، ويشترطون العمل في الشركات أو فتح مؤسسات بقروض بنكية وبدون أيّ خبرة. تُرى هل صحيح أن هناك مشكلة بطالة حقيقية في البلد؟ أم أنها مشكلة ذهنيات بالدرجة الأولى؟ 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ishak

    لا يمكن لمهندس تخرج من الجامعة و عمره 24 او 25 سنة ان يقبل بالعمل باجر يومي متواضع في حقل او في ورشة و بدون تامين او حماية و يرمي تحصيله العلمي وراء ظهره مثله مثل اي امي ومع ذلك هنالك الكثير من حاملي الشهادات الجامعية اضطروا للعمل في في هكذا اعمال

  • عبدالقادر

    اي نعم ينتظرون العمل في شركات ومؤسسات البايلك اين الاغلبية راقدة و تمنجي و تسى الكونجي واذا تكلم المسؤول وحث الناس على العمل قيل له وعلاه هذا ملك بوك. الحقيقة مرة لكن يجب ان تقال على الرغم من ان كل هذه المصائب يتحملها النظام الذي علم المواطن الاتكال الاذلك ما كان ليكون لو كان المواطن يفكر كانسان وله نخب توعيه من اجل ان يرتقي الى مصاف شعوب العالم التي تقصد العلم والعمل والجد والاجتهاد وهي الان في تقود امم العالم بعملها وصلاح مواطينها ضميريا لانه احسن تربيتهم على تقديس العمل وعدم الاتكال على الغير

  • جزائري

    أنا أسكن بالقرب من منطقة ريفية و أود أن اخبرك أنه لا يوجد عمل ب2000-2500 دينار لأن أصحاب الأراضي لا يريدون دفع ما يستحقه العامل لعديد من الأسباب، كما أن الشباب حر في العمل الذي يرغب فيه، هل تستطيع أنت أن تذهب إلى الحقل و تعمل 8 ساعات متواصلة تحت الشمس و الحر و الظروف المناخية الصعبة، هل تدعوا ولدك إن لم يجد عمل للعمل في "شونتي" مقابل 1000 دينار يوميا و بدون تامين. أستغرب من هجومك على أصحاب "لونساج"، فمن حق أي مواطن جزائري أن يجرب و يحاول إنشاء مؤسسته الخاصة بدل العمل لدى أصحاب الأراضي.

  • مغربي

    المغاربة لا يشتغلون في البناء في الجزائر بل في نقش الجبص تحت الطلب في بيوت الاثرياء والقادة الجزائريين وفي المساجد ودور الثقافة مقابل مبالغ خيالة للمتر المربع وهي حرفة فنية تتطلب مهارات عالية وايادي ذهبية فعندما تكتب تاكد من معلوماتك حتى لا تغاط الناس بمعلومات خاطئة

  • مجيب

    السلام عليكم انا موظف ووالله ان راتبي لا يكفيني فاريد حلا
    علما اني اسكن مع والدي ومتزوج
    اين هدا العمل وادا كان موجود فان ارباب العمل قليل من يخاف الله
    ان هناك شباب يعمل وعندما يطالبون باجورهم لا يؤجرون
    اصحاب المشاريع اغلبهم غوال
    نصيحة للشباب اعملوا اي عمل حلال ولا تتكبروا فانتم والله في جهاد واعلموا ان دنوبا لايغفرها الله الا بالعمل

  • فؤاد

    الازمة ازمة تربية بالاساس لو علمنا النشأ على حب العمل والسيرة النبوية لما وصلنا الى هذه الحالة فمثلا سلمان الفارسي كان واليا على المدائن في عهد عمر وكان راتبه السنوي عن ولايته 5000 درهم، كان يقبضه ثم يوزعه على المحتاجين لانه التزم بالعيش من عمل اليد، انصياعا لتوجيه نبوي - - وكان يستفيد من وقت الفراغ فيعمل في سف الخوص لصنع السلال، مما كان قد تعلمه ابان وجوده في المدينة، ويبيعها فيعتاش بثمنها. مثل هذا التوجيه النبوي الذي ينقصنا وباختصار لا نملك ثقافة العمل عبادة؟؟؟؟

  • fouzi

    انا اقترح ان تشجع الدولة هاته الاعمال من خلال توفير التأمين assurance و منح الشباب امتيازات اخرى كاحتساب سنوات العمل في تلك المجالات في المستقبل و توعية الشباب خاصة محدودي المستوى حول ضرورة العمل و الإنتاج و عدم الاعتماد على مشاريع الونساج الفاشلة
    سوق العمل في الجزائر يعاني انعدام التسيير و التوجيه الصحيح اضافة الى مشاكل اخرى كالمعريفة

  • algerino

    مقالك تنقصه الموضوعية :
    1-مكانش assurance في خدمة تاع الشونطي
    2-مكانش التقاعد
    3-و لي يحكيو على اوروبا لازم تفهم كون لقى الشاب الجزائري خدمة تليق بيه هنا و تحفظ كرامته لما ففكر في الهجرة
    كاين اعمال فيها مدخول انت لم تذكرها :plombier يخلص مليح و اسهل من البناء ...........
    سؤال اخير :لماذا نجد اغلب المناصب الجيدة تمنح للفتيات??? و هل عجز المسؤولون عن توفير عمل لائق للشاب و بالمقابل وفروا احسن المناصب للجنس اللطيف???

  • كريم

    معظم الأعمال التي تعرض اليوم في الشارع الجزائري على شبابنا غير مرغوب فها لدى الشباب وهدا بسبب غلاء المعيشة واستحواد الساء على مختلف المناصب المرموقة في الحقيقة شبابنا على صواب لا تأمين ولا مقابل مادي مسموح به لا تجني من هده الأعمال سوى الضعف و الشقاء والتعب من الأفضل في رأيي الحفاظ على الصحة والمكانة خصوصا أصحاب الشهادات

  • الجزائرية

    من الضروري اعتماد الدولة لشركات توظيف موسمية أو مؤقتة خاصة في الفلاحة في مواسم الجني مثلا,,فيسجل الشاب نفسه بمكتب العمل ويتوجه للحقل أولورشات البناء مقابل أجر يومي هذا سيفيد البطالين وحتى الطلبة في فصل الصيف مثلا..شرط مراقبة الدولة للعملية من استغلال الخواص و توفير حافلات لذلك أوفي فترة العطل عندما يخرج العمال يعوضون بجامعيين مثلا ..تكوين شركات مصغرة لجمع النفايات وإعادة رسكلتها..أو في البستنة..صبغ الجدران..التشجير..تأهيل الشباب في مهمة الأمن داخل المساحات الخضراء الجوارية و أماكن تجمع العائلات

  • بدون اسم

    الملفت للإنتباه في هذه السنوات الأخيرة ، أن معظم شبابنا ذوي المستويات المحدودة أصبح يمقت الأعمال اليدوية الشريفة ، ورغم البطالة الخانقة التي يتخبط فيها ،فإن جل تفكيره تجده منصب على ذلك القرض البنكي الذي يتحصل عليه عن طريق ما نسميه بالعامية الفرنسية ( لونساج ) ، هذه الوسيلة التي ثبطت شبابنا من كل المستويات ، فرغم نجاعته في مجال محدود تبقى هذه الصيغة من التشغيل فاشلة في بناء إقتصاد وطني قادر على مجابهة التحديات ، لأن الذين يراهنون عليه ليس من مصلحة الشباب والدولة ولكن لمصلحتهم وطموحاتهم الدنيئة.

  • زليخة

    ربما يريدون منصب رئيس جهمورية أو وزير أو سفير أو منصب PDG على سونطراك
    الكسالى يتكبرون على العمل ثم يصدعون رؤوسنا بشاكاويهم من اكتساح النساء لمناصب الشغل ، يا أخي الأرض لمن يخدمها و لا مكان للكسالى الذين يريدون كل شيء جاهز...
    يريدون أكلها بيضة مقشرة بلا تعب و لا جهد
    ر

  • زليخة

    هههه....و يقولون لماذا اكتسحت النساء مناصب الشغل ؟؟؟؟؟

  • لخضر

    الم تتساءل لمادا يرفض هؤلاء الشبان العمل بهده المهن بالجزائر ويقبلون بها في الخارج

  • يا شروق

    نفسية بالدرحة الاولى لهذا يصعب تفسيرها - ربما العمل في الجزائر موجود و مطلوب - لكن لا اعتقد ان الراتب الشهري الجيد لوحده يكفي - عندما يقرر الشاب العمل في مكان و مجال ما - قراره ذلك راجع الى انه يعلم جيدا ماذا يناسبه نفسيا و جسديا و روتينيا بصفة عامة هو يدري بان حياته ستتغير و شكله سيتغير و لهجته ستتغير وعنفوان شبابه سيتغير - احاول اختصار تفاصيل كثيرة في نفحات سريعة - مثلا : وقت العمل رسميا 8 ساعات يوميا هذا يعني سلب الاعمار مقابل المال - اقترح تقسيم 8 / 2 = 4 سا - وهكذا يعمل 2 في مكان 1
    500 ح

  • بدون اسم

    مكفاش حياتو كامل وهو يخدم عند الغاشي باه يوفر مصاريف الدراسة ....يزيد بعد 20 سنة دراسة يسمح فاليسونس ديالو ويروح يخدم فالشونتي تقبلها لوليدك....يخي فهامة .....بدل ما تنتقد المسؤولين الي موفروش مناصب العمل لحملة الشهادات ............لاحول ولا قوة الا بالله