-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تطبيعٌ عبر بوابة الغاز؟

حسين لقرع
  • 1032
  • 2
تطبيعٌ عبر بوابة الغاز؟

ربّما أمكن للجزائريين هضمُ زيارة السيسي إلى الجزائر أمس؛ فالزيارات لم تنقطع بين مسؤولي البلدين، حتى في عزّ الأزمة الناجمة عن تصفيات كأس العالم 2010، حيث زار مبارك بوتفليقة لتعزيته في وفاة أخيه آنذاك، ولكن ما يرفضه الجزائريون قطعاً هو أن يُصدّر جزءٌ من الغاز الجزائري إلى الكيان الصهيوني عبر مصر.

الكيان الصهيوني لا يزال عدوا للجزائر، وسيبقى عدوا إلى أن يتمكن العربُ والمسلمون من استرجاع فلسطين والقضاء عليه، وفي انتظار ذلك، يرفض الجزائريون أيّ شكل من أشكال التطبيع معه، سواء عبر بوّابة الغاز أم الرياضة أم غيرهما؛ ومنذ أيام قليلة فقط، أقدم فريقٌ صغير من ولاية غليزان على الانسحاب بشرف من دورة في كرة القدم جرت بفرنسا بعد أن حقق أربعة انتصارات متتالية، لأن المنظمين حاولوا إجباره على ملاقاة فريق صهيوني، فرفض الفريق الغيليزاني ذلك بإباء وضحى بالبطولة وعاد إلى الجزائر من دون تتويج .. وقد كان في متناوله.

قد يتقبّل الجزائريون بيع الغاز الجزائري إلى مصر بنصف ثمنه إذا كان سيُوجّه إلى الاستهلاك المحلي فقط، ولكنهم لا يقبلون أبداً أن تقوم مصر بإعادة تصديره إلى الكيان الصهيوني، سواء بنصف ثمنه أم بضِعفه، فهو احتيالٌ على الجزائريين، وسلوك دنيء وغير مقبول.

النظام المصري لا يتورّع عن حصار “إخوانه” في غزة، وحرمانهم من الوقود، وتدمير أنفاقهم إمعاناً في تجويعهم وإذلالهم والضغط عليهم للاستسلام للصهاينة والقبول بـ”سلام” ذليل معهم تُصفى معه القضية الفلسطينية نهائياً، وفي نفس الوقت يتدفق “غازُهم” على الكيان الصهيوني ليلاً نهاراً منذ سنوات وبأسعار بخسة بموجب عقود تفضيلية منحها لهم نظامُ مبارك ولا تزال سارية المفعول إلى الآن، ومن غير المعقول مساندته في هذا التوجّه، وتصدير الغاز إليه بنصف سعره ليقوم بإعادة تصدير كميةٍ منه إلى العدوّ.

وقد يقول قائل إن الغاز الجزائري سيُوجّه فقط إلى الاستهلاك المحلي في مصر ولن يُصدّر إلى الكيان الصهيوني، لا القليل منه ولا الكثير، وهذا الاحتمالُ وارد وإن كان غير مؤكّد، ولكن إذا فرضنا جدلاً أن الغاز الجزائري سيُوجّه فقط إلى المصريين، فهو يشجّع النظامَ الانقلابي على الاستمرار في تصدير غاز بلده إلى الصهاينة، وهو مطمئنّ إلى أن الغاز الجزائري سيخلفه في السوق المحلية، ولو رفضت الجزائر إبرامَ صفقات من هذا النوع، لاضطر النظامُ الانقلابي إلى الكف عن التصدير وتوجيه إنتاجه المحلي إلى المصريين، بدل أن يقوم بتصديره إلى الصهاينة لدعم وجودهم غير الشرعي في فلسطين، ثم يعوّل على الغاز الجزائري لتلبية الطلب المحلي، إذ من غير المعقول أن تقوم دولة بتصدير سلعة لا تحقق فيها الاكتفاء الذاتي لشعبها، ولا سيما إذا كانت ستصدّره إلى كيان مجرم مارس مذابح بشعة في حق الفلسطينيين، وفي نفس الوقت تحاصر غزة وتحرم أهلها من الوقود وتدفعهم إلى إشعال الشموع والتدفئة بالحطب في الشتاء.

تُرى، هل كان صاحبُ مقولة “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” سيقبل بتصدير الغاز إلى مصر وهي تبيع غازها للصهاينة بأثمان بخسة وتحاصر غزة وتمنعها من الوقود لتغرق في الظلام؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • سعاد

    في الوقت الذي يحقق فيه سفاحوا الجهاد بالعراق وسوريا حلما لطالما راود كل الشعوب العربية. وهو تحقيق الوحدة العربية الإسلامية. تتعالي بعض الأصوات وتنتقد زيارة الرئيس المصري للجزائر. حتى تظل أسباب التفرقة والحواجز قائمة ولا يمكنها ان تزول شيئا فشيئا من خلال مد اليد لأشقائنا في مصر أو غيرها .لعل الله يبارك هذه الخطوات الخجولة وتستمر لتؤدي في الأخير إلى خير كل شعب وكل أمة. هل قدر هذه الأمة أن تظل متفرقة ويمكنها تحقيق وحدتها إلا عبر الدم والدمار كما يفعل منظروا الخلافة الإسلامية الجدد

  • nasma

    من المعروف ان الديبلوماسية الجزائرية تتجنب اسرائيل وترفض اقامة علاقات مع الصهاينة على الرغم من ان هم بحاجة ماسة الى الغاز نظرا للموقع الجيوسياسي الذي تحتله الدولة الجزائرية فبناءا على ذلك فالجزائر تفرض شروط على مصر في منعها تصدير الغاز لاسرائيل مهما كان تحديد سعره لان الاغراءات التي تحملها اسرائيل لمصر يجعلها تصبو لتحقيق مصلحتها فترسخ في اذهاننا هو الابتعاد عن الصهاينة ليس حتى في مجال الصفقات وعقد وابرام و الاتفاقيات الدولية ومجال التصدير والاستراد بل حتى في الكرة