الرأي

“خطايا” الشاب خالد

هل ارتكب “الشاب” خالد البالغ من العمر “ثلاثة وخمسين” سنة، خطيئة بقبوله الجنسية المغربية التي وصلته كهدية من الملك، عربون اختياره الإقامة في موطن زوجته، وليس في وهران التي يقول عنها دائما إنها باريس الثانية؟

 سؤال تثير الإجابة عنه جدلا كبيرا، في وسائل التواصل الاجتماعي، بين باحث عن أعذار للفنان، وبين ناقم لاعن، وبين معتبر الأمر غير قابل حتى للتعليق. وكانت قضية الجنسية إلى زمن قريب خطا أحمرَ، لا أحد يقترب منه، إلى درجة أن الجزائر تبرّأت من لاعب كرة يدعى سحنون، لأنه انضم للمنتخب الفرنسي في أواخر حكم الرئيس هواري بومدين ووصفته بالخائن، بينما تمنح الآن لمواطنيها، حق التجنّس من خلال فتح الأبواب للذين يمتلكون جنسيات أوروبية، فما بالك بجنسيات دول جارة، ولن يجد الشاب خالد صعوبة في الردّ على الذين انتقدوه، لو سألهم عن الوزير الذي حمل حقيبة وزارة الثروة التي يعيش منها الجزائريون، وهو يملك جنسية أمريكية، ستنقذه بالتأكيد من أي متابعة قضائية بعد أن فرّق “معاليه” أموالهم على القارات الخمس.

لا يختلف في الحقيقة الشاب خالد عن غالبية نجوم الكرة الذين يحملون حلم الجزائريين، لأجل بلوغ منافسة كأس العالم بالبرازيل، بل إن غالبيتهم لم يحملوا جوازات سفر جزائرية، إلا عندما تراءت أمام أعينهم المشاركة في التجمّع الكروي العالمي الكبير، ولا نتحدث عن آلاف الجزائريين الذين حملوا الجنسية الفرنسية، والذين ينتظرون دورهم بصبر غريب، ومنهم حتى السياسيين والأئمة، وقد يتقدم للرئاسيات القادمة ـ إن جرت طبعا ـ من حمل جنسية غير جزائرية، ولجأ للتخلص منها، من أجل الترشح فقط لقيادة الدولة الجزائرية.

الاستقبال الخرافي الرسمي والشعبي، الذي حظي به حامل العلم الفرنسي زين الدين زيدان في الجزائر، كسر كل “طابوهات” الانتماء والهوية، في الوقت الذي تنامى في المهجر الارتباط بالجزائر، من خلال العودة القوية لممارسة الشعائر الدينية، وتعلّم اللغة العربية وحمل العلم الجزائري في كل ملاعب ومسارح المعمورة، وقد يكون من غرائب الصدف أن يتحصل الفنان خالد على الجنسية المغربية، في الوقت الذي يطلب الفنان الفرنسي ديبارديو الحصول على الجنسية الجزائرية، التي يبدو أنها لم تعد تكفي لوحدها بعض الجزائريين، وتكفي مع غيرها من الجنسيات بعض الأجانب.

في الصائفة الماضية، أعلنت ولايتا باتنة وسطيف، ما يشبه حالة الطوارئ، عندما حلّ الشاب خالد، لإحياء حفلتي مهرجاني تيمڤاد وجميلة، بسبب الإقبال الكبير للجزائريين من كل أنحاء الوطن، وهو ما جعل ربما “الشاب الذي جاوز عمره نصف قرن” يحسّ أنه ملك في جمهورية، الدولة تعطيه والشعب أيضا يعطيه، فرفع عن نفسه القلم، وراح يمارس ما شاء.

 

لقد غنى الشاب خالد عن الحانات وأنواع الخمور المختلفة، وغنى عن ممارسة الحب في الـ”البرّاكات”، وتعاون مع اليهودي جان جاك غولدمان في ألبوم “عايشة”، وغنى مع نجل الفنان ذي الميولات الصهيوينة أنريكو ماسياس، فما المثير في القضية؟

مقالات ذات صلة