الرأي

خطورة وخلفيات تخويف الكفاءات الوطنية..

محمد سليم قلالة
  • 1665
  • 7
أرشيف

أخطر ما نُواجِه اليوم على صعيد الحرب النفسية المُسلَّطة على بلادنا هو إخافة الكفاءات الوطنية النزيهة في مختلف المستويات، والخلط بينها وبين اللوبيهات المالية والقوى الأوليغارشية التي تشكلت في العقود السابقة، خاصة إذا ما تَبيَّن أن أحد أو بعض هذه اللوبيهات أو الأوليغارشيين كانوا مُهيمِنين على هذه الإدارة أو تلك التي ينتمي لها هذا الإطار أو ذاك…

هذا (الخلط المتعمَّد والمدروس في كثير من الأحيان)، هو المدخل الأول الذي مازالت تعمل من خلاله بعض القوى لإحباط معنويات الكثير من إطارات الدولة النزهاء، حيث يتم وضعهم باستمرار في كفَّة واحدة مع المُتَّهَمين وحتى المُدَانين، مادام أحد عناصر الجهة أو القطاع أو المَصلحة التي ينتمون لها مُتَّهَما، أو كان مُتَّهَما أو مُدانا…

وهذا ما خلق إحباطا عاما لدى الجميع، ومَنع الكثير من الإطارات ذات الكفاءة العالية والنزيهة من المبادرة خوفا من الاتهام، وربما خوفا من الإدانة حتى. وهذا ما ينبغي تصحيحه.

ولتصحيحه، ينبغي في تقديري، بدل تخويف الإطارات والكفاءات الوطنية، اتباع مقاربة أخرى تقوم على 03 ركائز: 1ـ تجديد الثقة في النزهاء منهم علنا وبوضوح، وما أكثرهم في كافة المواقع، وبالموازاة مع ذلك ينبغي تحرير المبادرة لديهم والكف عن التشكيك فيهم. 2ـ عدم انتظار مزيد من الوقت أو انتظار ممارسات خاطئة جديدة لتنحية غير النزهاء أو غير الاكفاء وهم معروفون. 3ـ تعويض هؤلاء، علنا وأمام الرأي العام، بكفاءات شابة قَتَلها التهميش واليأس والقنوط وطال انتظار تمكينها من إبراز قدراتها في خدمة بلدها، وما أكثر هؤلاء في مختلف الإدارات والمؤسسات، وحتى بين البطّالين.

بهذه الكيفية، والتي ينبغي أن تلقى صداها الإعلامي اللاَّزم، لدى الرأي العام، نستطيع أن نُحقّق على الأقل 04 أهداف:

ـ نُعزِّز الثقة لدى الكفاءات الحالية ونُحرِّرها من الخوف، خاصة وأنها مطالبة باتخاذ قرارات لامركزية في وقت قياسي.

ـ نُنَقِّي الإدارات والمؤسسات من غير الأكْفاء والفاسدين،

ـ نُعزّز قُدرات التسيير والإنتاجية بكفاءات شابة،

ـ نضع حَدًّا لأحد مصادر تغليط الرأي العام بشأن التبدل الحاصل في الإرادة السياسية والرؤية لدى مؤسسات الدولة.

أما الإبقاء على الحالة السائدة اليوم، بأن الجميع هو محل شبهة، وعلى الجميع أن يخاف من ظله قبل اتخاذ أي قرار، بما في ذلك مسؤولون مركزيون، فهي من وجهة نظري سياسة خاطئة. إذ من السهولة معرفة النزيه من غير النزيه، ومن السهولة معرفة الكفء من غير الكفء… والإدارة الفعَّالة للشأن العام هي التي تفصل في هذا الأمر بالحزم والوضوح الكافيين، لكي تتحرر الإرادات الحسنة والقدرات الخلاَّقة، ويتعزز لدينا الأمل أننا بالفعل بصدد بناء البلاد  بإرادة سياسية إيجابية ورؤية واضحة للمستقبل.

مقالات ذات صلة