الرأي

رأي في منهجية مخطط عمل الحكومة

محمد سليم قلالة
  • 1061
  • 7

من الصعب الحكم على مخطط عمل الحكومة في السنة المقبلة بالسلب أو الإيجاب بالنظر إلى المنهجية التي قُدِّم بها. أي أنه لم يتضمن أهدافا ومؤشرات قابلة للقياس، بقدر ما تضمن غايات هي أقرب إلى التوجهات العامة منها إلى الأهداف الواضحة القابلة للتطبيق.

يكفي القيام بإحصاء مرات استخدام مصطلحات مثل تعزيز (210 مرة) وتطوير (158 مرة) وتحسين (119 مرة)، والمصطلحات الأخرى المشابهة كالدعم والرفع… لنعرف أن رغم جمالية هذه المصطلحات إلى أنها غير قابلة للقياس. كيف نقيس تعزيز الحوار، أو الرأسمال البشري، اقتصاد المعرفة، أو إنتاجية المؤسسات… أو جميع تلك المجالات التي دعا المخطط الحكومي لتعزيزها لنحكم على الحكومة في السنة المقبلة إيجابا أو سلبا، بل لنحفز العاملين على السعي لتحقيق أهداف سنوية أو فصلية وتمكينهم من مراقبة أنفسهم؟

وقس على ذلك ما تعلق بالتطوير أو التحسين أو الدعم أو الترقية أو غيرها من المصطلحات الهادفة إلى التغيير نحو الأفضل.

لذا يبدو من الأجدر أن تتضمن مخططات الحكومة المستقبلية أهدافا قابلة للقياس ليس فقط لتقييم أدائها إنما لتحفيز طاقمها على العمل، ولوضع الناس أمام أهداف ملموسة يترقبون تحقيقها ويتفاعلون مع مسار إنجازها.

أضرب مثالا عن ذلك من قطاع التعليم العالي والبحث العلمي الذي أنتمي إليه، بدل الحديث عن رفع تحدي كل من الجودة والإبداع والحَوْكَمة وقابلية التوظيف، والمهمة الاجتماعية كما جاء في المخطط، ينبغي ضبط مؤشرات تتعلق بهذه الأهداف والالتزام بتحسينها خلال فترة زمنية محددة.

وفي هذا المجال يمكن لمخطط عمل الحكومة أن يلجأ لأساليب القياس العالمية المتعارف عليها في مجال الجودة أو إنتاجية البحث العلمي أو الأداء الطلابي. يكفي للوزارة المعنية أن تختار من بين أساليب القياس المعتمدة في العالم ما تراه مناسبا في مجال ترتيب الجامعات، أو إنتاجية البحث العلمي أو الأداء الطلابي أو عشرات المؤشرات الأخرى لتقول لنا على سبيل المثال: أنها سترفع  إجمال إنتاج البحث العلمي من 8534 بحث سنة 2020 إلى كذا بحث في سنة 2021،  وبدل أن يذكر لنا المخطط أن الأولوية في البحث العلمي ستكون لمجالات الأمن الغذائي والأمن الطاقوي وصحة المواطن، يقول لنا بأن إنتاج البحث العلمي في مجالات الطاقة كان سنة 2020 بعدد 96 بحثا فقط ونخطط لتطويره بنسبة 20 بالمائة أو أكثر أو أقل، وفي مجال  الفلاحة والعلوم البيولوجية كان 304 بحث وسنلتزم برفعه لكذا وفي مجال الطب كان 695 بحث سنة 2020 وقد حددنا كهدف أن نصل إلى 1000 بحث في هذا المجال (الكاميرون المُرتَّبة 11 أفريقيا قبل الجزائر أنتجت 797 بحث في هذا المجال سنة 2020)، دون الإشارة إلى الدول الإفريقية العشر الأخرى التي هي أعلى منا رتبة (وفق قاعدة بيانات سكوبوس). مع العلم أنه بإمكان وزارة التعليم العالي أن تختار أي قاعدة بيانات دولية  أو تنشئ قاعدة بيانات وطنية لتعتمد مؤشرات قياسها  مثل THT  أو  QS أو ARWU  أو غيرها. وعلى سبيل المثال تعتمد البرازيل لقياس درجة الأداء الطلابي نظاما يسمى ENADE (Nacional de Desemenho de Estudantes) أي الأداء الوطني للطلبة. وبإمكان الحكومة في كل سنة تقييم هذا الأداء وتحسينه. وهناك تجارب عدة في العالم يمكن الاقتداء بها لأجل زيادة فعالية أداء الحكومة وتسهيل مراقبتها وتقييمها بالنسبة لهيئات الرقابة كالبرلمان أو غيرها.

وما ينطبق على البحث العلمي ينطبق على باقي القطاعات. إن الحديث عن التحسين أو التطوير أو الدعم بعبارات غير قابلية للقياس في مخطط للحكومة، لن يُمكِّننا أبدا من الحكم بموضوعية على الأداء. لذا علينا تغيير المنهجية إذا أردنا إعادة بناء الأمل.

مقالات ذات صلة