شركات فنية وهمية فرنسية تحتال على الجزائريين وعبد القادر شاعو أحد الضحايا
الوقائع مدوية بكل المقاييس… فرنسيون يتفقون على الاحتيال بطرق هليودية على الجزائريين وينشطون في مجالات متنوعة تحت اسم شركات وهمية وتنظيم حفلات في أكبر فنادق العاصمة… يسيرها ثلاثة رعايا فرنسيين هم كلود دولاكافنيير، برونومورنا والسيدة باتريسيا.
-
-
الذين احتالوا على الجزائريين وعلى رأسهم الفنانين، لكنهم في نهاية الأمر وبعد تسلل الطمع المتوحش إلى قلوبهم انكشفت خيوطهم، ليفضح كل واحد أعمال الآخر القذرة والتي لا توصف إلا بالخطيرة.
-
تعود تفاصيل هذه القضية الشائكة إلى تاريخ توقيع اتفاقية تمت بين »برونو مورنا« الذي يملك شركة الإنتاج »ف.ك.ي« و»كلود دولاكافنيير« الذي يملك شركة »كريتيا« للعقار على تأسيس شركة الإنتاج والنشر تحت اسم »مجموعة دالتا كريتيا«، لكن هذه الشراكة لم تكتمل بسبب خلافات شخصية بينهما وهو الشيء الذي جعل كلا منهما يذهب إلى حاله، لكن مع الوقت تبيّن أن كلتا الشركتين تقومان بنشاطات مختلفة تحت اسم مجموعة »دالتا كريتيا« الوهمية وغير المقيدة في السجل التجاري، حيث قام برونو مورنا بإمضاء عقود مع فنانين جزائريين منهم عبد القادر شاعو الذي سجل معه أغانيه المشهورة »الباز، شهلت لعيالي وغيرها«، إلى جانب مجموعة »تي 34« التي قامت بإلغاء كل العقود المقترحة من طرف جهات أخرى داخل وخارج الوطن وخسرت مبالغ مالية كبيرة من أجل شراء آلات موسيقية، وأمضت عقدا مع هذه المجموعة وتحصلت »الشروق اليومي« على نسخة منه لتكتشف في آخر المطاف أنها وقعت ضحية احتيال مع شركة لم تلتزم ببعض بنود الاتفاقية المدونة في العقد والأخطر من ذلك أنها غير مقيدة في السجل التجاري وكل عقودها باطلة لا أساس لها من الصحة.
-
“برونو مورنا” في قفص الاتهام
-
صرح السيد كلود دولاكافنيير »للشرق اليومي« أن السيد برونو مورنا شخص محتال حاول أن يجمع ثروة على حساب مجموعة لا وجود لها، بل إنها غير قانونية ووهمية. ويضيف محدثنا »صحيح أنه في البداية اتفقنا على دمج مجموعة »دالتا« و»كريتيا« تحت اسم مجموعة واحدة »دالتا كريتيا«، لكن قبل أن نقيدها في السجل التجاري قام برونو مورنا بعدة تجاوزات كإمضاء العقود مع الفنانين الجزائريين مثل عبد القادر شاعو، مجموعة »تي 34« وغيرهم من الفنانين وكما كان يقوم بإلقاء محاضرات ومؤتمرات باسم هذه المجموعة، وآخر ما قام به هو تحويل مبلغ مالي كبير مقدر بمليار و600 مليون سنتيم تم جمعه بعد النشاط الفني الذي أقيم بفندق الشيراطون في ماي 2008 لحساب مجموعة »دالتا كرياتيا« عن طريق شيك تم صرفه من طرف بنك »باري باس«، وكالة الشراقة، والسؤال المطروح كيف يتم قبول هذا الشيك من طرف هذه الوكالة؟.
-
السيدة باتريسيا، التى دلها علينا السيد كلود دولاكافنيير، والتي كانت تربطها علاقة شخصية بالسيد برونو مورنا، وهي مقيمة حاليا في الجزائر وتدير مكتب الدراسات والاستشارات، صرحت هي الأخرى »للشروق اليومي«، أنها تعرضت للاحتيال من طرف برونو مورنا، حيث أكدت لنا أن هذا الشخص كان يدعي أنه عميل سابق في وزارة الدفاع الوطني وله علاقة شخصية مع شخصيات نافذة هنا في الجزائر، كما كان يدعي أنه عضو فعال في إحدى الفدراليات الدولية لكبار التجار والشخصيات، وكانت تعمل معه في البداية بكل ثقة قبل أن تكتشف أنه كان يقوم بتحويل الزبائن والمشاريع لحسابه الشخصي على حد قولها.
-
وعن طريقة اكتشافها لحقيقة هذا الشخص، أكدت السيدة باتريسيا أنها تملك علاقات جد مهمة على مستوى القنصلية الفرنسية هنا في الجزائر، والتي أكدت لها أو بالأحرى أزالت القناع المزيف وكشفت لها الحقيقة الكاملة لهذا الشخص وبالتالي قامت بقطع العلاقات معه حتى لا تتورط في أعماله المشبوهة. من جهته، فإن مراد رحالي أحد عمالقة مجموعة »تي 34«، من خلال الرسالة التي بعث بها إلى السيد كلود دولاكافنيير، وتحصلت »الشروق اليومي« على نسخة منها، فإنه تعرض للاحتيال من طرف برونو مورنا من خلال إمضاء عقد عمل مع مجموعة وهمية غير مقيدة في السجل التجاري أولا وعدم التزام السيد برونو مورنا بمحتواه، لاسيما المواد 4 و5 و6 المدونة في اتفاقية التسجيل التي تضمنها العقد.
-
كما أكد السيد مراد »تي 34« أن السيد برونو مورنا لم يتصل به منذ أكثر من 7 أشهر من إمضاء العقد، بل بالعكس كان في كل مرة يتصل به من أجل دفع مقدم المبلغ المالي المتفق عليه، خاصة بعد شرائه لآلات وتجهيزات باهظة الثمن من أجل تقديم منتوج عالي المستوى وإرسال الأعمال لمتابعتها، لا يرد عليه. وفي آخر رسالة كتبها مراد »تي 34« للسيد برونو مورنا، وتحصلت الشروق اليومي على نسخة منها، أكد أنه تعرض لتلاعب كبير من طرفه وذكّره بأكاذيبه حول شبكة توزيع مجموعته في الجزائر وأوروبا ومدى انتشارها في العالم.
-
-
برونو مورنا: “بعد نجاحي الكبير يريدون تحطيمي”
-
وفي الضفة المقابلة، اعترف السيد برونو مورنا »للشروق اليومي« بصحة عدم القيد في السجل التجاري لمجموعة »دالتا كرياتيا«، لكنه يملك سجلا تجاريا باسم مجموعته »دالتا. ف.ك.ي« الكائن مقرها بـ9 شارع الياسمين 16302 بدالي إبراهيم، وكما يملك استديو للتسجيل ومكتبا للدراسات والاستشارات وأن كلود دو لاكافنيير هو من احتال على الكثير من الجزائريين، حيث كان يقوم بتنظيم حفلات »الجاز« في أكبر الفنادق الجزائرية مثل »الشيراتون« باستعمال اسم مجموعتي والغنيمة يأخذها هو وحده.
-
لا وجود لمجموعة »دالتا كرياتيا« في كامل التراب الوطني
-
وحتى نلمّ بجوانب هذه القضية الشائكة والتحقيق في الوضعية القانونية لمجموعة »دالتا كرياتيا«، انتقلنا إلى المركز الوطني للسجل التجاري أين تحصلنا على رد كتابي من مديرية السجل التجاري وهو بحوزتنا والذي يؤكد أن عملية البحث التي قامت بها مصالحها، أفضت إلى عدم وجود أي قيد على مستوى التراب الوطني باسم الشركة المسماة، مجموعة »دالتا كرياتيا«، مؤكدة أن عملية البحث قد أجريت ابتداء من سنة 1984 إلى غاية 2009.
-
وحسب المسؤول الأول على المركز الوطني للسجل التجاري، فإن المادة 37 من قانون رقم 04ـ02 المؤرخ في 23 جويلية 2004 والمتعلقة بالقواعد العامة المطبقة على الممارسة التجارية، يعاقب على عدم تعديل بيانات مستخرج السجل التجاري في أجل ثلاثة 03 أشهر تبعا للتغيرات الطارئة على الوضع أو الحالة القانونية للتاجر بغرامة مالية من 10.000 دج إلى 100.000 دج وسحب السجل التجاري من قبل القاضي. وبالتالي فإن مجموعة »دالتا كرياتيا« غير مقيدة لدى مصالح السجل التجاري، وعليه فإن كل النشاطات التي يقوم بها غير قانونية فيما بينها العقود التي يقوم بإمضائها مع الفنانين الجزائريين.
-
من جهتها تشدد المحامية المخضرمة، الأستاذة سعيدي نوال، الموكلة من طرف السيد مراد رحالي »تي 34«، أنها سترفع شكوى مصحوبة بادعاء مدني بمحكمة الشراقة ضد السيد برونو مورنا بتهمة النصب والاحتيال بناءً على الوثائق التي بحوزتها.
-
-
تجاوزات بالجملة
-
بعد التحريات التي قامت بها »الشروق اليومي« في الميدان، تبيّن فعلا أن شركة دالتا كرياتيا للسيد برونو مورنا وهمية والعقود التي يقوم بإمضائها مع الفنانين باطلة، كلود دولاكافنيير يقوم بتنظيم حفلات »الجاز« بأكبر فنادق العاصمة مع أنه يملك شركة »كرياتيا« للعقار ورأس مالها لا يسمح له بتعدد نشاطاته حسب القانون، أما السيدة باتريسيا فهي تملك مكتب للدراسات والاستشارات وتنشط هنا في الجزائر دون أن تحوز على السجل التجاري، بل الأخطر من ذلك طلبت من أحد الجزائريين المدعو »بارودي موسى«، رئيس أكاديمية المجتمع المدني، فرع الحراش، بأن يستخرج سجلا تجاريا بإسمه وتعمل كشريكة معه، وبطبيعة الحال السيد بارودي رفض ذلك لعدم وثوقه بتلك الفرنسية.
-
كما عرفنا من مصادر خاصة، أن فنانة الحوزي »نسيمة شعبان« تراجعت في آخر لحظة عن التعامل وإمضاء العقد مع مجموعة »دالتا كرياتيا« للنشر والإنتاج بعد تلقيها معلومات حول عدم شرعية هذه الشركة، كما تحصلت »الشروق اليومي« على نسخة من ألبوم »عبد القادر شاعو« وغلافه لا يحتوي على طابع الديوان الوطني لحقوق المؤلف.