الرأي

شكيب وأم الخبائث؟

صورة الوزير السابق للنفط، شكيب خليل، وهو بصحبة زوجته “المصون” يحمل كأس شامبانيا في حفلة شبه عسكرية بالولايات المتحدة الأمريكية، التي نقلتها لنا وكالات الأنباء، منذ قرابة ثماني سنوات، توحي أننا نحن السكارى وليس شارب الخمر، الذي كان يبدو محتفلا قبل الأوان بالهدية الزمردية، التي وضعتها الجزائر بين يديه.. عفوا بأنهار النفط التي جرت تحت قدميه، حتى قاد وزوجته وابنيه واحدة من أكثر عمليات نهب المال العام إثارة في العصر الحديث، لأنها جرت من دون تخطيط عبقري، أو حيل معقدة، وإنما أمام الملإ، وعلى مدار أكثر من عشرية داكنة السواد بلون البترول، كنا فيها جميعا سكارى.. وكان وحده رفقة من كانوا يملؤون كأسه من أصحاب الحانة، وروادها في كامل سلامة البدن والعقل، رغم ما يقال عنه من تبّ ليديه، ويقال عن امرأته حمالة الحطب، وحبل جيدها المصنوع من المسد.

وكالعادة، عندما ينتهي المشهد الدرامي الحقيقي، الذي نكون فيه الأبطال المنهزمين على الدرام، نبدأ مسلسل القيل والقال الذي لن ينتهي أبدا بسقوط البطل وقتله، وإنما بفراره كما حدث مع الخليفة والكثير من الأبطال الذي ظهر يحتسي الخمر وهو يموّل نادي ألمبيك مارسيليا عام 2001، ليُشرّب بعدها الجزائريين من كؤوس علقم الحياة.

الغريب أن الكثير من الجزائريين، وهم في حالة سكرهم التي صارت مرضا مزمنا، هالهم أن يشاهدوا وزيرا جزائريا يحتسي الخمر، ومنهم من راح يلعنه ويصفه بالإمعة والنفاق وغيرها من الأوصاف التراثية والإسلامية، ولم يناقشوا أبدا أداءه السلبي الذي غطاه سعر النفط الذي بلغ مائتي دولار في زمن ترؤسه لأهم وزارة في الجزائر، بل دعونا نعترف بأنها الوزارة الوحيدة، ما دامت كل الوزارات الأخرى، من دون استثناء، ترضع من حليبها.

  وبينما انشغل الجزائريون طوال سنوات مع صورة الرجل وهو يحتسي قطرات من الخمر الأمريكي، كان الرجل وعصابته يحتسون آبار النفط حدّ الثمالة، ويرمون بقطرات للشعب الغارق في دهشة الكيوي والآيباد والآيفون والسيارات الفاخرة. وإذا كان عمر بن الخطاب قد بحث عن عُذر لشاب سرق من أجل أن يأكل، واقترح قطع يد من دفعه إلى السرقة، فإن قضية شكيب خليل لا نكاد نجد فيها ضحية ولا شاهدا واحدا، بل شعب ودولة متهمون، ولكل منهم درجة، ولكل منهم عقاب، من قطع لليد إلى قطع للسان… إلى قطع للرقاب.

إذا كان شارب الشامبانيا شكيب خليل، الذي لم يُضبط أبدا وهو يتحدث للإعلاميين بعيدا عن حالة السُّكر المتقدم، فعل كل هاته الأفاعيل في بلد يعيش بالكامل من النفط، فكيف هو الحال مع هؤلاء الأجانب الصاحين، الذين يُسيّرون الكثير من القطاعات في الجزائر؟

 

 يبقى الفارق الوحيد أن الشامبانيا ربما أسكرت شكيب خليل وحده عندما شربها، لكن كأس النفط التي شربها أسكرت شعبا بأكمله.

مقالات ذات صلة